"فايننشال تايمز": تغيير المناهج الدراسية.. الإدارة الجديدة في سوريا متهمة بفرض أجندة إسلامية
ويخشى السوريون من أن تفرض الإدارة الجديدة رؤيتها الدينية في سوريا بعد أن كانت منذ فترة طويلة دولة علمانية.
صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تنشر تقريراً للكاتبة السورية سارة دعدوش، تتحدث فيه عن التعديلات في المناهج الدراسية، التي قامت بها الإدارة الجديدة في سوريا. وقالت إنها أثارت غضباً بين السوريين، واتّهم بعضهم الإدارة الجديدة بأنها تفرض رؤيتها الدينية، وآخرون اتهموها بأنها تحرّض السوريين، بعضهم على بعض، وتمحو تاريخ سوريا.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية بتصرف:
أثارت الإدارة السورية الجديدة موجة من الغضب بعد إدخال تعديلات شاملة للمناهج التعليمية، والذي يزعم المنتقدون أنّها ستفرض أجندة إسلامية على طلاب المدارس.
وانتشر الغضب بعد أن نشرت وزارة التعليم هذا الأسبوع 12 وثيقة تسرد التعديلات والحذف في الكتب المدرسية لمواضيع، بما في ذلك اللغة العربية والتاريخ والعلوم والدراسات الاجتماعية والدين.
وتضمّنت أغلبية التغييرات إزالة الإشارات إلى نظام الرئيس السابق بشار الأسد ووالده الراحل حافظ الأسد، اللذين حكما معاً بقبضة من حديد مدة خمسة عقود، مثل الصور والإشارة إلى الجيش والنشيد الوطني.
لكن السلطات أثارت أيضاً قلق الكثيرين من خلال إزالة الإشارات إلى الآلهة ما قبل الإسلام، وحتى كلمة "آلهة" نفسها، وتقليص انتقاد الإمبراطورية العثمانية. كما تم حذف الإشارة إلى زنوبيا، الملكة الشهيرة في مدينة تدمر القديمة، قبل الإسلام.
وخشي المنتقدون أن تمثل التغييرات منحدراً زلقاً، بحيث تسعى جماعة المتمردين الإسلامية، "هيئة تحرير الشام"، التي تهيمن على الحكومة الجديدة، إلى فرض نظرتها الدينية على ما كان لفترة طويلة أحد أكثر بلدان الشرق الأوسط علمانية.
وكتبت ريما فليحان، الكاتبة السورية وناشطة حقوق الإنسان، في فيسبوك، إنّ "محو تمجيد النظام البائد أمر مفهوم، لكن حذف الحقائق والأحداث التاريخية، من نضال شعبنا ومعالم الحضارات القديمة، ليس مصادفة"، مؤكدةً أنّه "هنا يكمن الخطر".
وقال بسام القوتلي، رئيس حزب الأحرار السوري المعارض، إنّ الحكومة الموقتة لا ينبغي لها أن تُصدر مثل هذه التغييرات الكبيرة وغير العاجلة من أجل تنفيذ شيء يلائمها أيديولوجياً". وأضاف أنّ إزالة إرث الأسد "ليست مثيرة للجدل"، لكن الإصلاحات يجب أن تتولاها لجان تضم خبراء.
وفي أعقاب الغضب الشديد إزاء التعديلات، قال وزير التعليم، نذير القادري، يوم الخميس، إنّه في حين أنّ المناهج القديمة ستظل قائمة حتى تشكيل لجان لمراجعة الكتب المدرسية، فإنّه أمر بإجراء بعض التغييرات لحذف "ما يمجد نظام الأسد البائد"، وإبدال العلم السوري القديم بعلم المعارضة.
وأضاف أنّ السلطات ستعدل أيضاً "بعض المعلومات غير الصحيحة، في منهج التعليم الإسلامي"، بما في ذلك تفسير الآيات القرآنية.
وكان القادري وزيراً للتعليم سابقاً في حكومة الأمر الواقع، المدعومة من "هيئة تحرير الشام" في إدلب، والتي حكمت الزاوية الشمالية الغربية من سوريا لأعوام، قبل إطاحة الأسد.
تدرّس الدراسات الدينية، وهي مادة إلزامية في المدارس السورية، كتابين، أحدهما للمسلمين والآخر للمسيحيين. أضاف أحد التعديلات، التي أُجريت في كتاب مدرسي للدراسات الإسلامية للصف الأول، تفسيراً لآية قرآنية تذكر "الذين اكتسبوا غضب الله" و"الضلال"، في إشارة إلى "المسيحيين واليهود".
في كتاب العلوم للصف الأول، تم تغيير "نعمة الطبيعة" إلى "نعمة الله"، بينما في كتاب التاريخ للصف الثاني عشر، تم حذف جملة تشير إلى الإعدام الجماعي الشهير للقوميين العرب في عام 1916 في عهد العثمانيين، والذي تم تحديده كعطلة رسمية في سوريا ولبنان.
وبموجب القانون، تلزم سوريا المدارس الخاصة والعامة بتدريس المنهج نفسه، مع إرسال مفتشين إلى المدارس الخاصة في عهد الأسد للتأكد من تدريس الكتب المدرسية، التي تنشرها الحكومة.
انتقد السوريون المحافظون وغير المحافظين التعديلات الأخيرة، وراكموا التعليقات على منشور إعلان الوزارة في فيسبوك. وقال أحد المعلقين على الإشارة إلى اليهود والمسيحيين: "ما هذا التعليم المحرّض بشكل واضح؟". وقال آخر: "من أعطاكم الحق في حذف تاريخ سوريا؟".
وحذّر بسام القوتلي، رئيس حزب الأحرار السوري المعارض، من أنّ التغيير أحادي الجانب "يخلق انقسامات مجتمعية". وأضاف: "هذا هو آخر شيء نحتاج إليه في هذه الفترة عندما نحتاج إلى توحيد السوريين، وجمعهم معاً، وحملهم على قبول نزع السلاح".
نقلته إلى العربية: بتول دياب