"ضد المحو".. شهادة مرئية للمجتمع الفلسطيني تكذّب الرواية الإسرائيلية المزيّفة
كتاب "ضد المحو" يُعدّ شهادةً مرئية لغنى المجتمع الفلسطيني قبل النكبة في العام 1948.
مع استمرار العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزّة المحاصر منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، صدر كتاب "ضد المحو" في مدريد، للمصوّرة الإسبانية ساندرا باريلارو، والصحافية تيريزا أرانجورين.
و"ضد المحو" يُنشر الآن في خضمّ الهجوم الإسرائيلي الأكثر دموية على الفلسطينيين منذ النكبة في العام 1948، كمثالٍ ودليل على تاريخ فلسطين، التي يُريد الكثيرون في "إسرائيل" التظاهر بأنّها لم تكن موجودة على الإطلاق، وكذلك يأتي رداً على النسخة الإسرائيلية من التاريخ التي لم تمحُ المجتمع الفلسطيني فحسب، بل عملت أيضاً على مسح ذاكرته.
ويعدّ الكتاب شهادةً مرئية لما وُجد في المجتمع الفلسطيني. وتكمن قوّة هذا الكتاب في الصور التي تُمثّل اتساع المجتمع الفلسطيني وغناه قبل النكبة.
وتُظهر الصور مجتمعاً كاملاً، مجتمعاً غنياً وأرضاً وفيرة، كما تُظهر تنوّع المجتمع الذي يقطع شوطاً طويلاً في مواجهة الرواية الصهيونية القائلة إنّها "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض".
وتظهر في احدى صور الكتاب عشرون فرداً من عائلة الفرا مجتمعين بهدوء لالتقاط الصورة، حول طاولة خشبية تحت أشجار دير ستيلا ماريس على جبل الكرمل، أعلى ميناء حيفا. التقطت الصورة في نيسان/ أبريل 1948. لكن خلف ذلك الهدوء، تعاني المدينة من حصار وقصف منظمة "الهاغانا" الصهيونية الرئيسية التي أصبحت فيما بعد نواة "جيش" الاحتلال.
وجرى تهجير الكثير من سكان حيفا العرب، لكن عائلة الفرا بقيت في الدير. وبعد احتلال المدينة أصبحت جزءاً من "إسرائيل" المنشأة حديثاً، عادت العائلة إلى منزلها لتجد أنّ عائلة يهودية استولت عليه.
وتضمّ صفحات الكتاب صوراً لتلاميذ مدرسة الخليل للمكفوفين في أوائل الأربعينيات، وموظفي المستشفى المحلي، وفرق كرة القدم والمسرحيات المدرسية والكشافة في أنواع مختلفة من أغطية الرأس من القبعات ذات الحواف العريضة إلى الكوفية.
ويسلط الكتاب الضوء على أعمال كريمة عبود، أول مصوّرة فلسطينية محترفة أدارت استوديوهات في القدس وحيفا. ومن بينها صورة لفتاتين من الناصرة تقفان أمامها عام 1928 بنظرات حذرة من الكاميرا.
إلى جانب ذلك، يُذكّر كتاب "ضد المحو" أنّ فلسطين لم تكن حرة أبداً، حيث احتلتها إمبراطوريتان قبل النكبة، في دليل على أنّ "جيش" الاحتلال لم يكن أول من انغمس في العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين.
وتظهر إحدى الصور رجلين أمام لافتة الخطوط الجوية الإمبراطورية في مطار غزة عام 1935، إضافة إلى مهندسي الجيش البريطاني وسط أنقاض المنازل المدمرة في يافا، لمعاقبة عائلات الذين شاركوا في الثورة العربية في العام 1936.