"ذا تايمز": الغزّيون يحلمون بالحياة بعد الحرب
مع اقتراب الحديث عن وقف إطلاق النار في قطاع غزّة، يتوق العديد من الفلسطينيين إلى العودة إلى ديارهم.
صحيفة "ذا تايمز" البريطانية تنشر تقريراً تضمّن مقابلات مع غزّيين يتحدثون عن آمالهم بشأن وقف إطلاق النار في القطاع، وما يسفعلونه في اليوم التالي بعد توقف الحرب.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية بتصرف:
عندما نفكر في نهاية محتملة لأطول حرب في غزة وأكثرها وحشية، فإنّ الناجين منها يتذكرون موتاهم أولاً. "سأسرع لزيارة قبور أحبائي، ثم أعود إلى أنقاض منزلي المدمر، وأقبّل الأنقاض. وسأحاول البحث بين الأنقاض عن بقايا الذكريات"، هكذا قال محمد ناصر وهو يشتري الحلوى من أحد الأسواق لتوزيعها على الأطفال في خان يونس، المدينة المدمرة في جنوب غزة. وأضاف: "سأبكي حتى تجف دموعي".
ومثل كثيرين آخرين، يعيش ناصر وزوجته وأطفاله الثلاثة في مخيم للاجئين حيث وجدوا راحة مؤقتة. لقد نزحوا تسع مرات منذ بدء الحرب. وبينما كان يتحدث إلى صحيفة "ذا تايمز"، ارتفعت هتافات "هدنة، هدنة" في المخيم مع تحليق الطائرات بدون طيار والطائرات النفاثة في سماء المنطقة.
لقد اكتسب الحديث عن وقف إطلاق النار في قطاع غزّة زخماً. وفي غضون ذلك، يقول سكان غزة إنّ السماء لم تهدأ والقتال في جباليا، شمال غزة، مستمر. ووفقاً لوزارة الصحة قُتل 61 شخصاً خلال اليوم الماضي وأصيب 281 شخصاً آخرين.
"ما زلنا خائفين.. فمنذ الليلة الماضية لم يتوقف القصف لحظة واحدة. لكننا اعتدنا على ذلك، فهذه هي استراتيجية إسرائيل خلال الساعات الأخيرة من الحرب: تدمير واستهداف أكبر عدد ممكن من الناس"، قال ناصر، وهو من جباليا ويتوق للعودة إلى هناك.
والأمل هو أن يتمكن الناس من العودة إلى منازلهم وإعادة توحيدهم مع أسرهم، التي تمزقت أوصال العديد منها في بحثهم عن الأمان. وبموجب الخطوط العريضة للاتفاق، سيتم فتح المعبر المصري في رفح - المخرج الوحيد من غزة الذي لا تسيطر عليه "إسرائيل"، فيما مصير سكان الشمال.
وقالت مريم الزعانين، 34 عاماً، وهي أم لثلاثة أطفال من بيت حانون في الطرف الشمالي الشرقي من قطاع غزة: "أنا شخصياً أريد العودة إلى منزلي، حتى لو كان مجرد أنقاض الآن. أريد بناء خيمة على تلك الأنقاض والجلوس هناك، وإعادة الاتصال بالمكان الذي يحمل الكثير من الذكريات".
وأضافت الزعانين أنّ "أعظم أمنياتها هي لم شمل أسرتها، لكن بعضهم ما زالوا في عداد المفقودين". ويقول عمال الدفاع المدني في غزة إنّ العديد من الناس محاصرون ومدفونون تحت الأنقاض وفي الشوارع، ولا يمكن لفرق الإنقاذ الوصول إليهم.
وبينما تصلي من أجل هدنة، تقول مريم إنّ آمالها بلمّ شمل أهلها تحطّمت مرات عديدة من قبل. وقالت: "في المخيم، تشعر كل يوم وكأنه مزيج من الأمل وعدم اليقين. هناك احتفالات بين الناس والأطفال يصفقون ويهتفون عندما يسمعون بعض الأخبار الإيجابية، وأحيانًا أجد نفسي أستمد الأمل من تفاؤلهم. نريد بشدة أن تتوقف هذه الحرب. لأكثر من 15 شهرًا، كنا نعيش في نفس البؤس والإرهاق".
كما ذكرت: "من خلال متابعة الأخبار، أشعر أنه قد يكون هناك وقف لإطلاق النار أو هدنة قريبًا. ومع ذلك، هناك أوقات نفقد فيها الأمل لأنه في كل مرة نسمع فيها أخبارًا مماثلة، لا يحدث شيء".
في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر 2023، سمحت هدنة استمرت أسبوعاً بالإفراج عن 105 أسير، ولكن منذ ذلك الحين، لم يتمكن الجانبان من التوصل إلى اتفاق بشأن الأسرى المتبقين.
وفي انتظار فتح المعابر، تأمل جمانة محمد في مواصلة دراستها للقانون خارج القطاع، "للتركيز على التعلّم، وليس البقاء".
وقالت جمانة إنّ "الحياة هنا أثناء الحرب لا تطاق، والخوف والدمار وعدم اليقين أمر لا يطاق. لا أعتقد أنني أستطيع أن أتحمله مرة أخرى"، وأضافت أنّ "وقف إطلاق النار قد يجلب راحة مؤقتة، لكنني متأكدة من أنّ الحرب ستعود. هذا ما يحدث دائماً".
ويرى الكثيرون أنّ هذه الحرب هي ببساطة أسوأ مثال على ما يقرب من عقدين من الصراعات في غزة. لن تكون الهدنة الأخرى سوى المرحلة الأولى من اتفاق من ثلاثة أجزاء، مع طريق طويل وغير مؤكد في المستقبل من حيث الحكم وإعادة الإعمار والنهاية الكاملة للحرب.
نقلته إلى العربية: بتول دياب