"Counterpunch": تراجع "إسرائيل" ونتنياهو قد يسقط بايدن معهما
من المفارقات أن الرئيس جو بايدن عرض فرص إعادة انتخابه للخطر نيابة عن بنيامين نتنياهو الذي لا يحترم موقع الرئاسة أو الولايات المتحدة نفسها.
يكتب المحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية الأميركية، ملفين غودمان، مقالاً في موقع "Counterpunch" يتناول فيه مصير الرئيس الأميركي جو بايدن، بعد الانتخابات الرئاسية المقررة هذا العام، وكيف سيؤثر عليه موقفه من العدوان الإسرائيلي على غزة، ودعمه لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته..
فيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:
بنيامين نتنياهو رجل ميت يمشي.. حاجته إلى مواصلة العدوان على الفلسطينيين في غزة، لأجل الحفاظ على منصبه كرئيس للوزراء. ففي نهاية العدوان تكمن نهاية سنوات حكم نتنياهو القياسية في دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي تسير هي الأخرى جنباً إلى جنب مع نتنياهو، في تدهور قانوني وسياسي وأخلاقي واقتصادي.
السؤال الكبير المطروح في واشنطن الآن، حول إذا ما كان سقوط نتنياهو وتراجع "إسرائيل" سيؤدي إلى هزيمة سياسية للرئيس الأميركي جو بايدن أيضاً في الانتخابات الرئاسية في شهر تشرين الثاني/نوفمبر هذا العام.
قبل العدوان البري الهمجي الإسرائيلي الواسع النطاق على غزة المستمر منذ 5 أشهر، تحول نتنياهو من محافظ يتجنب المخاطرة إلى يميني متطرف ومتهور قبل عقد من السنوات، حيث تكشف صورة دولة الاحتلال الحقيقية في تشويهات نتنياهو لـ "مزاعم الدولة الديمقراطية والعلمانية" إلى حد كبير. وفي العام الماضي، تحالف نتنياهو مع أسوأ أنواع الرجعيين اليمينيين بتسلئيل سموتريتش (وزير المالية) وإيتمار بن غفير (وزير الأمن القومي).
خلال 8 عقود من الاحتلال الإسرائيلي، لم يكن لدى الكيان وزراء فاشيون مثل سموتريتش أو بن غفير، وهما من تلاميذ مئير كاهانا، الذي تم حظر حزبه الفاشي في "إسرائيل" عام 1994، بعد تمجيده للإرهابي الإسرائيلي باروخ غولدشتاين الذي قتل 29 فلسطينياً داخل الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل.
مع ذلك، فاز 6 من الفاشيين من مجموعة كاهانا بمقاعد في الكنيست الإسرائيلي في الانتخابات الأخيرة، نتيجة لتحولات داخل دولة الاحتلال خلال السنوات العشر الماضية، حيث أظهرت "السلطات" اهتماماً أقل بـ "إسرائيل ديمقراطية"، وأكثر انخراطاً بـ "إسرائيل كدولة يهودية عنصرية"، لا تكترث لحقوق بديهية لمليوني فلسطيني داخل الأراضي المحتلة في العام 1948، والذين يشكلون نحو 20% من سكان دولة الكيان.
كذلك، ليس لنتنياهو مصلحة في احترام المحكمة العليا الإسرائيلية ودورها الأساسي في المراجعة القضائية. وقد أدت حملته لتحييد المحكمة العليا إلى حملة احتجاج ضخمة توقفت بسبب هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر. ومنذ عام 2016، حدد استطلاع للرأي العام أجراه مركز بيو أن 80% من اليهود الإسرائيليين يفضلون "معاملة تمييزية" لليهود على الفلسطينيين.
يبدو من الغريب أن يواصل قادة الولايات المتحدة التأكيد على أهمية حل الدولتين، في حين يشدد نتنياهو وجماعته على أنه لن تكون هناك مفاوضات نحو مثل هذا الحل. وكان هذا هو الموقف على مدى العقد الأخير وقبل العدوان على غزة، كان نتنياهو يتحرك لجعل احتلال القدس الشرقية والضفة الغربية دائماً. ودعمت إدارة ترامب هذه الخطوات، حيث نقلت السفارة الأميركية إلى القدس ودعمت سياسات الاحتلال الإسرائيلية. فلا شك، أن تهور ترامب ونتنياهو وانحرافهما الأخلاقي متطابقان تماماً.
والآن، تعمل الحكومة الإسرائيلية على جعل غزة غير صالحة للسكن على الإطلاق، وإدارة بايدن متواطئة في جرائم الحرب للحملة الهمجية الإسرائيلية على المدنيين الفلسطينيين، ولا يوجد أي مبرر أو تفسير للفظائع التي تقوم بها "إسرائيل" في غزة، من بينها قتل ما يتجاوز 12000 من أطفال القطاع.
وليس هناك ما يشير إلى أن الهجوم الإسرائيلي على الفلسطينيين سوف يتضاءل في وحشيته، أو سيتوقف في القريب العاجل. وهذا بدوره سوف يضاعف في نهاية المطاف من مخاطر أمنية أكبر على دولة الاحتلال، وفي مقدمتها احتمال تجدد الحرب على الحدود الشمالية بين لبنان وفلسطين المحتلة، لا سيما أن "إسرائيل" لها تاريخ طويل في سجل الاعتداءات الرهيبة على لبنان.
البيئة الأمنية الأضعف ستخلق مخاطر اجتماعية وسياسية أكبر، حيث يصبح نتنياهو أكثر ولاء للمتعصبين اليمينيين في ائتلافه. وفي الوقت نفسه، قد يصبح هؤلاء أكثر عدوانية من أجل إبقاء نتنياهو في السلطة.
ومن المفارقات أن الرئيس بايدن عرض فرص إعادة انتخابه للخطر نيابة عن نتنياهو الذي لا يحترم موقع الرئاسة أو الولايات المتحدة نفسها. وعلى عكس رؤساء الوزراء الإسرائيليين الآخرين، لم يبد نتنياهو أي اهتمام بمحاولة تلبية أي مستوى من المطالب الأميركية، لاعتقاد "إسرائيل" بشكل عام أن بإمكانها القيام بما تريد من جرائم مروعة بغض النظر عن المعارضة الأميركية والدولية..
هذا كله لأن دولة الاحتلال اعتادت التملص من المحاسبة على جرائمها بدعم أميركي وغربي مستمر بلا هوادة.
في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما، تم تقديم أكبر حزمة مساعدات عسكرية في تاريخ الولايات المتحدة في لدولة الاحتلال في عام 2016، لكن الصحافة الإسرائيلية شوهته بانتظام وحصل على أعلى تصنيف سلبي في "إسرائيل" من أي مكان آخر في العالم.
أبدى بايدن قلقاً عميقاً بشأن مصير عشرات الأسرى الإسرائيليين في غزة، ويتجاهل مصير 2 مليون فلسطيني في المكان نفسه، على منوال نتنياهو وحكومات تل أبيب المتعاقبة التي تتجاهل وتعتدي كل يوم على أكثر من 5 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.
نتنياهو غير مهتم بشأن الأسرى، وهدفه في جعل غزة غير صالحة للسكن. ويبدو أن إدارة بايدن لا تريد أن تفهم ذلك، وهذا ما يفسر المهام العقيمة لوزير الخارجية أنتوني بلينكن ومدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز، والمحادثات الأكثر عقماً التي يجريها بايدن مع نتنياهو.
نعرف ما تكسبه "إسرائيل" من الولايات المتحدة من حيث مليارات الدولارات والأسلحة الفتاكة والغطاء السياسي. السؤال ما الذي تكسبه الولايات المتحدة من "إسرائيل"؟
نقلها إلى العربية: حسين قطايا.