"ليبراسيون": "إسرائيل" تضيق الخناق على المدنيين في جنوب قطاع غزة أيضاً

أصدرت "إسرائيل" أوامر إخلاء فورية جديدة لعشرات الآلاف من السكان والنازحين المتجمعين في مناطق معينة من مدينة خان يونس، وأمرتهم بالتوجه نحو رفح لكنها لم تتوان عن قصف الطرقات المؤدية للمعبر أيضاً.

  • فلسطينيون يساعدون مسناً فلسطينياً أصيب بغارة إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (أ ف ب)
    فلسطينيون يساعدون مسناً فلسطينياً أصيب بغارة إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (أ ف ب)

تحت عنوان "في جنوب قطاع غزة، إسرائيل  تضيق الخناق على المدنيين الفلسطينيين"، تناول ساموييل ريغنا في صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية المجازر التي تلاحق المدنيين في غزة من الشمال إلى الجنوب، بعد أن طلب منهم الاحتلال التوجه إلى جنوب القطاع.

فيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:

مع اتساع نطاق الهجوم العسكري الإسرائيلي، يجد مئات الآلاف من الأشخاص الذين غادروا شمال قطاع غزة بطلب من "الجيش" الإسرائيلي أنفسهم محاصرين مرة أخرى.

يوماً بعد يوم، يضيق الخناق على سكان قطاع غزة. فمنذ استئناف الحرب بين "إسرائيل" وحماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، انتقل مئات الآلاف منهم نحو جنوب القطاع المحاصر، بناءً على طلب السلطات الإسرائيلية، التي حدّدت لهم مناطق آمنة، حيث كان من المفترض أن يتمتع السكان بحماية أكبر من القصف.

ولكن مع انتهاء الهدنة الإنسانية يوم الجمعة 1 كانون الأول/ديسمبر، قرر الجيش الإسرائيلي توسيع نطاق عملياته ليشمل "قطاع غزة بأكمله"، ما حرم النازحين (وعددهم الإجمالي 1,9 مليون، أو أكثر من 80 بالمئة من سكان غزة، وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة) من أي إمكانية لتفادي الضربات. وفي يوم الاثنين 4 كانون الأول/ديسمبر، توغلت عشرات الدبابات والجرافات الإسرائيلية جنوبي القطاع، بالقرب من مدينة خان يونس، وأكدت القوات الاسرائيلية اتخاذها إجراءات حازمة في هذه المنطقة.

الهجوم الجديد ترافق واستئناف القوات الإسرائيلية القصف على القطاع بشدّة، سواء في مدينة غزة، حيث انقطعت الاتصالات يوم الاثنين، أو عند معبر رفح أيضاً على الحدود مع مصر، أو في مدينة خان يونس. وقد تم قصف مركز للتسوق في خان يونس لجأ إليه مئات الأشخاص، و"دُمر بالكامل وأحرق واندثرت معالمه". وبعد الاستفادة من فترة راحة قصيرة بفضل الهدنة الإنسانية، أصبحت المستشفيات التي لا تزال تعمل مكتظة مرة أخرى. وقد حذّر الدكتور منير البرش، مدير عام وزارة الصحة في غزة، من أنّ "المستشفيات قد فاضت بالجثث. ولم تعد مستشفياتنا قادرة على تقديم أدنى مساعدة للضحايا".

ووفق التقرير الذي أصدرته الوزارة يوم الاثنين، فقد قُتل نحو 15,900 شخص، 70% منهم من النساء والأطفال، في قطاع غزة جرّاء القصف الإسرائيلي. 

"خوف وذعر واضطراب"

وفي نهاية الأسبوع، أصدرت "إسرائيل" أوامر إخلاء فورية جديدة لعشرات الآلاف من السكان والنازحين المتجمعين في مناطق معينة من مدينة خان يونس، وأمرتهم بالتوجه نحو رفح لكنها لم تتوان عن قصف الطرقات المؤدية للمعبر أيضاً. وقد أدان توماس وايت، مدير وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في غزة، عبثية الجيش الإسرائيلي على منصة "تويتر" (منصة "إكس" حالياً)، قائلاً: "حتى في رفح، المكان الذي يقصده الناس هرباً من الموت، تخترق أصوات الغارات الجوية الأجواء بين الفينة والأخرى. يستشيرنا الناس بشأن المكان الذي يمكن أن يشكل ملاذاً آمناً لهم، ولكننا لا نملك أي إجابة قد تفيدهم".

كما قام الجيش الإسرائيلي بتوزيع منشورات عبر الجو تحتوي على بيانات مرفقة بـ " QR" تطلب من السكان "تحديد مناطق وجودهم واتخاذ الإجراءات اللازمة في حال طُلب منهم إخلاؤها". لكن التعليمات غير واضحة بالنسبة لسكان غزة الذين، في أغلب الأحيان، لا يستطيعون الوصول إلى محتوى هذه الرموز بسبب عدم وجود اتصال بالإنترنت.

وفي هذا الإطار، ندّدت ميلاني وارد، الرئيسة التنفيذية لمنظمة المساعدات الطبية للفلسطينيين غير الحكومية، بالوضع الحاصل في القطاع عبر تويتر، قائلةً: "لا أستطيع أن أصف الخوف والذعر والاضطراب الذي تسببه هذه الخرائط الإسرائيلية بين المدنيين في غزة، بما في ذلك طاقم عملنا. فلا يمكن للناس أن يركضوا من مكان إلى آخر محاولين الهرب من القنابل الإسرائيلية".

تحذيرات ملحة 

تثير الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية تساؤلات حول أهداف الحرب التي تشنها حكومة بنيامين نتنياهو. فهل يحاول هذا الأخير، من خلال دفع سكان غزة نحو الجنوب أكثر من أي وقت مضى، جعل مصر تستسلم والتسبب بنزوح الفلسطينيين، في انتهاك صارخ للقانون الدولي؟ في حديث له أمام الصحافة يوم الاثنين، دافع جوناثان كونريكوس، أحد المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي، عن سمعة جيشه قائلاً: "نحن لا نحاول نقل السكان بشكل دائم. لقد طلبنا من المدنيين إخلاء ساحة المعركة وخصصنا لهم منطقة إنسانية محددة داخل قطاع غزة".

لكن التحذيرات الخارجية باتت أكثر إلحاحاً. ففي نهاية هذا الأسبوع، أكدّ مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، أنه لا يوجد "مكان آمن" في قطاع غزة، وأعرب عن قلقه لرؤية مئات الآلاف من السكان "محصورين في مناطق صغيرة" جنوبي القطاع. وحتى ألمانيا، التي كانت من بين القوى الغربية الأقل انتقاداً في دعمها لـ "إسرائيل" منذ بداية الحرب، دعت الجيش الإسرائيلي إلى ضمان أنّ المدنيين "قادرون بالفعل على العثور على مأوى آمن في مكان آخر" في حالة إجلائهم. وأشارت برلين إلى أنّ "عدداً كبيراً جداً من المدنيين قد قُتل حتى الآن في هذه الحرب".

 

نقلتها إلى العربية: زينب منعم.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.