"فورين بوليسي": على الولايات المتحدة التوقف عن أداء دور الضحية بشأن التجارة مع الصين
زيادة واشنطن الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية تأتي في الوقت الذي تتفوق الصين على الولايات المتحدة بشكل كبير في مجال البطاريات والمركبات الكهربائية، سواء من حيث التكلفة أو الجودة، والابتكار أيضاً.
مجلة "فورين بوليسي" الأميركية تنشر مقالاً للكاتب توم مورينهاوت، وهو أستاذ مشارك مساعد في كلية الشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا، يتناول فيه الزيادة الأخيرة للرسوم الجمركية التي أقرتها واشنطن على المنتجات الصينية.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن زيادة الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية في حديقة الورود في البيت الأبيض في واشنطن يوم 14 أيار/مايو. وقد رفع الرسوم الجمركية إلى 100% على السيارات الكهربائية، و25% على البطاريات، و25% على المعادن الحيوية، لكن لماذا؟ لأن الصين لم تلتزم بالقواعد بالطبع!
بدأت هذه الذريعة تبدو كأنها أسطوانة مكسورة. نعم، لقد خرقت الصين بالتأكيد قواعد التجارة، ولكن لا يجب فرض تعريفات بهذا الحجم فقط لأنّها خرقت القواعد التجارية.
في الواقع، لم تتقدم الولايات المتحدة بأيّ شكوى إلى منظمة التجارة العالمية، في حين أنّ الصين فعلت ذلك بسبب دعم الولايات المتحدة للسيارات الكهربائية.
تأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تتفوق الصين على الولايات المتحدة بشكل كبير في مجال البطاريات والمركبات الكهربائية، سواء من حيث التكلفة أو الجودة، بل والابتكار أيضاً.
لقد حان الوقت للاعتراف بهذا الواقع وفهم كيف وصلنا إلى هذه النقطة. نحن بحاجة إلى تجاوز التصوّر المثير للشفقة للولايات المتحدة كضحية وإيجاد طريقة للمضي قدماً تحقق توازناً أفضل بين الأمن القومي والتحول في مجال الطاقة.
وفي ظل الوضع الراهن، ستؤدي هذه التعريفات في نهاية المطاف إلى زيادة التكاليف على المستهلك النهائي وإبطاء عملية انتقال الطاقة.
كيف وصلنا إلى هذه النقطة؟ في تسعينيات القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حوّل الغرب مسار التنمية الاقتصادية إلى مسار الخدمات، مع التركيز على القطاعات عالية القيمة في سلسلة التوريد، مثل البحث والتطوير والعلامات التجارية والتصميم والتسويق. وبالتالي، فقد نقل التصنيع "القذر" الأقل قيمة إلى بلدان أخرى، ولا سيما الصين.
ومع ذلك، كان الغرب متغطرساً، إذ افترض أنّ الصين لن تتقدم من التصنيع إلى مجالات مثل التصميم والبحث والتطوير والتسويق، ولكنها تقدمت بالفعل من خلال سياسة صناعية مدروسة ومتسقة.
وفي حين كانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي غارقين في مشاحنات سياسية أو يدعمان الوقود الحيوي غير المستدام أو عالقين في نزاعات حزبية حول معايير الاقتصاد في استهلاك الوقود، كانت الحكومة الصينية تعطي الأولوية للمركبات الكهربائية في عام 2007. وبحلول عام 2011، كانت تكثّف سياساتها لتأمين المعادن الهامة. وبالنسبة إلى هذا الأخير، أنفقت الصين مليارات الدولارات من خلال مبادرة الحزام والطريق عام 2010 لتأمين الإمدادات ودعم الشركات للاستثمار في البلدان الغنية بالمعادن.
لذا، كما تبدو الأمور، فإنّ الصين لا تسيطر على سلاسل التوريد المهمة فحسب، بل غالباً ما تصنع منتجات أفضل. كلاهما مشكلة حقيقية. وقد كانت الحكومة الأميركية، في ظل إدارتي ترامب وبايدن، قلقة بشكل مبرر بشأن الآثار المترتبة على الأمن القومي بسبب هيمنة الصين على سلسلة توريد المعادن والبطاريات الهامة.
تقوم الكيانات الصينية بمعالجة أكثر من 60% من مكونات البطاريات الأساسية، مثل الليثيوم والغرافيت والكوبالت والنيكل، كما تقوم بتصنيع نحو 80% من الكاثودات والأنودات وخلايا البطارية.
سيكون القلق كبيراً حتى لو كانت دولة صديقة مثل كندا تسيطر على سلسلة التوريد هذه، فماذا لو كانت الصين!