"ذي إيكونوميست": باراك يحمل نتنياهو مسؤولية أكبر فشل في تاريخ "إسرائيل"

يقول باراك إن ما حدث يمثل "أكبر فشل في تاريخ إسرائيل". واعتبر أن الجيش الذي كان يقوده في السابق يواجه صعوبات كبيرة في ملاحقة عدو حازم ومسلح بشكل جيد، متحصن في جيب ساحلي صغير مكتظ بأكثر من مليوني نسمة.

  • ايهود باراك يحمل بنيامين نتنياهو مسؤولية أكبر فشل في تاريخ
    ايهود باراك يحمل بنيامين نتنياهو مسؤولية أكبر فشل في تاريخ "إسرائيل"

تحت عنوان "ايهود باراك يحمل بنيامين نتنياهو مسؤولية أكبر فشل في تاريخ إسرائيل"، جاء في مقال لصحيفة "الإيكونومست"، استعراض للحرب الحالية التي تشنها "إسرائيل" على قطاع غزة، على إثر هجوم "القسام" على غلاف غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر، حيث حمل باراك حليفه السابق ومنافسه اللدود نتنياهو مسؤولية الفشل واعتبر أن ما حدث هو "أسوأ أنواع الإهمال". 

فيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:

قليلون هم الإسرائيليون الذين لديهم تجربة مماثلة لتجربة إيهود باراك في غزة. ففي عام 2000 كان باراك رئيساً للوزراء ووزيراً للدفاع عندما اندلعت الانتفاضة الثانية في غزة والضفة الغربية المحتلة. وقبل ذلك كان قائداً لـ "الجيش" الإسرائيلي عندما نفذت "إسرائيل" أول انسحاب كبير لها من مدن قطاع غزة كجزء من اتفاقيات أوسلو الأولى الموقعة في عام 1993.

ثم خلال ولايته الثانية كوزير للدفاع، في عام 2009، أشرف على أكبر عملية برية إسرائيلية ضد حماس في غزة حتى ذلك الوقت. واليوم، يستعد "الجيش" الإسرائيلي لما يتوقع أن تكون عملية برية أكبر بكثير في غزة نفسها. أما الهدف فحماس التي هاجمت تجمعات وقواعد إسرائيلية على طول الحدود يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، ما أسفر عن مقتل أكثر من 1300 إسرائيلي.

وفي هذا السياق، يقول باراك إن ذلك يمثل "أكبر فشل في تاريخ إسرائيل". والآن يأتي الرد العسكري. ويضيف أن الجيش الذي كان يقوده في السابق يواجه صعوبات كبيرة في ملاحقة عدو حازم ومسلح بشكل جيد، متحصن في جيب ساحلي صغير مكتظ بأكثر من مليوني نسمة. هو يدرك الآثار المترتبة على الخسائر الفادحة التي ستلحقها هذه العملية بالسكان المدنيين.

ففي الأيام التسعة الأولى التي أعقبت هجوم حماس، قُتل ما يقرب من 2400 من سكان غزة في غارات جوية إسرائيلية ادعت "إسرائيل" أنها كانت موجهة ضد "أهداف تابعة لحماس".

ونصح باراك الحكومة بعدم التسرع في شنِّ عملية برية. وقال: "نحن لا نواجه تهديداً وجودياً من حماس. إسرائيل ستفوز في نهاية المطاف. وعلى عكس العمليات البرية الكبرى في عامي 2009 و2014، عندما دخلت إسرائيل في وقت واحد مناطق مختلفة من قطاع غزة، يعتقد باراك أن الهجوم هذه المرة يمكن تنفيذه على مراحل.

وعلى الرغم من ثقته في قدرة "الجيش على سحق حماس" في غزة، إلا أن "الجيش" الإسرائيلي سيواجه بعض العقبات. واعترفت "إسرائيل" بأن حماس احتجزت أكثر من 120 إسرائيلياً كرهائن. ويعتقد باراك أنه يجب تأجيل العملية البرية إذا أمكن التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح بعضهم.

كما يريد من "إسرائيل" أن تضمن أن الأعمال التي تقوم بها تعتبر مشروعة من قبل العالم الأوسع. وفي أعقاب هجوم حماس، عرضت معظم الحكومات الغربية دعمها الكامل لإسرائيل. لكن باراك حذر من أن "الدعم يأتي أيضاً مع توقع أننا نلتزم بالقانون الدولي في عملياتنا. هذا الدعم سوف يتآكل عندما تظهر لقطات للمنازل المدمرة [في غزة] مع جثث الأطفال والنساء المسنات الباكيات". إن الوجود البحري الأميركي الذي نشر في 14 تشرين الأول/أكتوبر مجموعة ثانية من حاملات الطائرات في شرق البحر الأبيض المتوسط مصمم جزئياً لردع الجهات الخارجية عن الدخول في الصراع أو تصعيده. لكنه "يؤكد أيضاً على حاجة إسرائيل إلى العمل وفقاً للقانون الدولي".

كذلك، سوف يتعين على إسرائيل أن تراقب عن كثب حزب الله. فربما يكون لديه 150 ألف صاروخ موجه نحو "إسرائيل". وأرسلت "تل أبيب" قوات ودبابات إلى الحدود على أمل ردع أي هجوم. ويقول باراك إن هجوم حماس من غزة كان مبنياً على خطط مماثلة لحزب الله للسيطرة على المستوطنات في الشمال. ويقول: "ليس لدى إسرائيل مصلحة في الصراع مع حزب الله في الوقت الحالي، ولا أعتقد أنهم سيهاجمون الآن بعد أن قمنا بنشر الكثير من القوات في الشمال". إحدى حاملات الطائرات الأميركية موجودة اليوم قبالة سواحل لبنان، لترسل إشارة إلى حزب الله وإلى راعيته إيران.

وعلى الرغم من أن باراك يؤيد بقوة شن حملة برية في غزة، إلا أنه ينتقد الحديث عن "تدمير حماس" من جانب نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي وعدد من الوزراء في حكومته وبعض الجنرالات. وفي هذا السياق قال: "ما الذي يعنيه هذا الأمر؟ ألا يتنفس أحد وأن لا يؤمن بإيديولوجية حماس؟ هذا ليس هدف حرب قابل للتصديق. يجب أن يكون هدف "إسرائيل" اليوم أكثر وضوحاً. يجب أن يتم حرمان حماس من قدراتها العسكرية الشبيهة بقدرات داعش".

يعتقد باراك أن النتيجة المثلى، بمجرد تدهور قدرات حماس العسكرية بالقدر الكافي، تتلخص في إعادة تأسيس السلطة الفلسطينية في غزة. فالسلطة، التي أنشئت بموجب اتفاقات أوسلو وكانت تدير أجزاء الحكم الذاتي في الضفة الغربية، تم طردها من غزة على يد حماس في عام 2007. ومع ذلك حذّر باراك من أن محمود عباس، الرئيس الفلسطيني، "لا يمكن أن ينظر إليه وكأنه يعود على الحربة الإسرائيلية". لذلك، ستكون هناك حاجة إلى فترة انتقالية "تستسلم خلالها إسرائيل للضغوط الدولية وتسلم غزة إلى قوة حفظ سلام عربية يمكن أن تشمل أعضاء مثل مصر والمغرب والإمارات العربية المتحدة. هؤلاء سيقومون بتأمين المنطقة حتى تتمكن السلطة الفلسطينية من السيطرة عليها". ومع ذلك، في الوقت الحالي، يبدو أن الدول الأخرى في المنطقة ليس لديها الرغبة في إشراك قواتها في مثل هذا المسعى".

ثم هناك الحساب الكبير الذي سيُفتح في "إسرائيل" بمجرد انتهاء الحرب. سيتم طرح أسئلة حول من المسؤول عن الإخفاقات في الاستخبارات والتخطيط التي سمحت لحماس بمفاجأة "إسرائيل" ومن ثم الوصول إلى المستوطنات.

ويتابع: "يتم الآن حل المشكلات التشغيلية المباشرة، لكن يجب إجراء تقييم أعمق بكثير في وقت لاحق". وعندما يحدث ذلك، فهو مقتنع بأن اللوم سيقع على نتنياهو. يضيف:"سيكون من الواضح، قبل كل شيء، أن نتنياهو كان لديه استراتيجية معيبة تتمثل في إبقاء حماس موجودة… حتى يتمكن من استخدامها لإضعاف السلطة الفلسطينية حتى لا يتمكن أحد في العالم بالتالي من مطالبتنا بإجراء مفاوضات [مع الفلسطينيين]".

لعل باراك هو أكثر العارفين برئيس الوزراء الإسرائيلي. معرفة الرجلين تعود 55 عاماً، إلى الوراء، إلى الأيام التي خدم فيها نتنياهو، الذي كان آنذاك ضابط كوماندوز في وحدة الاستطلاع السرية التابعة لهيئة الأركان العامة تحت قيادة باراك الذي قاد الوحدة. وكان شقيقه الأكبر، يوني نتنياهو، وهو أحد قادة الوحدة الآخرين الذين قُتلوا أثناء إنقاذ الرهائن المحتجزين في مطار عنتيبي عام 1976، أحد أقرب أصدقاء باراك. وفي حياتهما السياسية، كانا حليفين مقربين ومنافسين لدودين.

ويعتقد باراك أن نتنياهو هو المسؤول المباشر عن الأزمة. لقد جاءت استراتيجية "إسرائيل" تجاه الفلسطينيين بنتائج عكسية. ويقول في هذا السياق:"الدولة تخلت عن التزامها الأساسي تجاه مواطنيها وهو إبقاؤهم على قيد الحياة. هذا هو أسوأ أنواع الإهمال".

 

نقله إلى العربية بتصرف: زينب منعم.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.