"ذا إيكونوميست": وقف إطلاق النار في غزّة ليس نهاية للحرب

إنّ بداية الهدنة الهشّة في غزة تقدّم الراحة والفرح ولكنها ليست نهاية الحرب بعد.

0:00
  • "ذا إيكونوميست": وقف إطلاق النار في غزّة ليس نهاية للحرب

مجلة "ذا إيكونوميست" البريطانية تنشر مقالاً تتحدّث فيه عن احتمال خرق وقف إطلاق النار في قطاع غزّة، وتعدّد الأسباب التي قد تدفع قادة "إسرائيل" إلى ذلك.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرّف:

احتفلت غزة و"إسرائيل" ببدء وقف إطلاق النار وتحرير 3 أسيرات لدى حماس، مقابل 90 أسيراً فلسيطينياً من السجون الإسرائيلية. ولا يبدو أنّ هذه الحرب ستنتهي بوقف إطلاق نار بسيط. وأفضل ما يمكن أن نأمله هو هدنة طويلة الأمد، تسحب خلالها "إسرائيل" قواتها تدريجياً من الشريط الساحلي المدمّر.

ومن المرجّح أن تحدث تأخيرات وأزمات في الأسابيع المقبلة. وبموجب شروط الاتفاق الذي تمّ توقيعه في 15 كانون الثاني/يناير، سوف تكون هناك مرحلتان أخريان تؤدّيان إلى وقف إطلاق النار الكامل. وسوف تتضمّن المرحلة التالية انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة بالكامل، بما في ذلك من الممرات التي تقسم القطاع وتقطعه عن مصر، ومن المناطق العازلة على محيطه. وتتضمّن هذه المرحلة أيضاً إطلاق سراح كلّ الأسرى الأحياء المتبقّين. وفي المرحلة الثالثة ستتمّ إعادة الجثث والبدء في إعادة إعمار غزة المدمّرة.

ومن المقرّر أن تبدأ المحادثات لوضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل المرحلة التالية في 4 شباط/فبراير. وقد تمّ الاتفاق على المعايير الأساسية للصفقة، ولكنّ التفاصيل الصعبة لا تزال بحاجة إلى حلّ. ومن المتوقّع أن يتوصّل الجانبان إلى صفقة صعبة بشأن جدول الانسحاب وقوائم المئات من السجناء الذين تطالب بهم حماس في مقابل الأسرى الإسرائيليين المتبقّين.

وهناك سبب آخر لهشاشة وقف إطلاق النار يتمثّل في غياب سلطة حاكمة في غزة يمكن أن تكون مقبولة لدى "إسرائيل". فقد فقدت حماس كلّ قياداتها العليا هناك تقريباً بسبب الضربات الإسرائيلية، ولكن جيلاً أصغر سناً من القادة برز إلى الواجهة ولا توجد قوة بديلة لتحدّيهم. وقد قالت السلطة الفلسطينية التي تتخذ من رام الله مقراً لها، إنها مستعدة لتحمّل المسؤولية عن القطاع، ولكنها تفتقر إلى القدرة على حكم وتأمين المنطقة.

وخلال الحرب رفض نتنياهو كلّ الالتماسات من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ومن الحكومات الأخرى، للتحضير لقوة بديلة لتأمين غزة. وكان عذره أنّ حماس لا بدّ أن تهزم بالكامل أولاً. مع انسحاب "إسرائيل" من غزة، بدأت حماس، على الرغم من الضربات التي تلقّتها، في استعادة السيطرة على القطاع.

إنّ غزة ليست المكان الوحيد الذي قد ينتهك فيه وقف إطلاق النار. فأكبر عدد من السكان الفلسطينيين موجود في الضفة الغربية، حيث يعيش ثلاثة ملايين فلسطيني في ظل تعاون غير مستقر بين السلطة الفلسطينية وقوات الدفاع الإسرائيلية. ولم يخفِ المستوطنون اليهود رغبتهم في ضمّ الضفة الغربية وغزة، وسوف يعرقلون وقف إطلاق النار بكلّ سرور من خلال إثارة انتفاضة فلسطينية. وقد بدأ "الجيش" الإسرائيلي في تعزيز قواته في الضفة الغربية. وفي لفتة للأحزاب القومية المتطرّفة التي تدعم حكومته الائتلافية، تعهّد نتنياهو بتقليص قدرات ما يسمّيه "المنظّمات الإرهابية" في الضفة الغربية.

كان هذا أحد مطالب وزير المالية وزعيم حزب الصهيونية الدينية اليميني المتشدّد بتسلئيل سموتريتش، الذي يعارض الاتفاق. وبعد أن أقرّته الحكومة، زعم سموتريتش أنّه تلقّى "ضمانات" من نتنياهو بأنّ "إسرائيل" ستواصل الحرب بمجرّد انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار. وتهدّد الصهيونية الدينية بالانسحاب من الائتلاف إذا لم يفِ نتنياهو بهذا الوعد. وهذا من شأنه أن يحرم نتنياهو من أغلبيته في الكنيست، البرلمان الإسرائيلي، وقد يجبره على الدعوة إلى انتخابات مبكرة. وقد أعلن حزب القوة اليهودية، وهو عضو آخر في الائتلاف، بقيادة وزير الأمن القومي المتعصّب إيتمار بن غفير، استقالته بالفعل.

وبأغلبية ضئيلة للغاية، أصبح لدى نتنياهو حافزاً واضحاً للتخلّي عن اتفاق وقف إطلاق النار إذا حصل على عذر للقيام بذلك. وفي خطابه الذي أعلن فيه الاتفاق، لم يقبل بأنّ الحرب انتهت وقال: "إذا كنّا بحاجة إلى العودة إلى القتال، فسوف نفعل ذلك بطرق جديدة وبقوة كبيرة".

ولكن نتنياهو لا يزال عالقاً بين مطالب أعضاء ائتلافه اليميني ورغبة أغلبية الإسرائيليين في السلام مقابل عودة جميع الأسرى إلى ديارهم. وما يزيد الأمور تعقيداً بالنسبة له هو إصرار إدارة الرئيس دونالد ترامب المقبلة على أن تنهي "إسرائيل" الحرب. وسوف يتوقّف الكثير على ما إذا كان الأميركيون سيواصلون ضغوطهم.

نقلته إلى العربية: بتول دياب