"ذا إنترسبت": "إسرائيل" تستغل سقوط النظام للتوسّع في سوريا

انتهكت "إسرائيل" شروط اتفاق عام 1974 بدفع دباباتها عبر الحدود السورية على بعد أقلّ من 40 ميلاً من دمشق.

0:00
  • صورة جوية تظهر السفن الحربية السورية المدمرة خلال هجوم إسرائيلي ليلي على مدينة اللاذقية الساحلية (أ ف ب)
    صورة جوية تظهر السفن الحربية السورية المدمّرة خلال هجوم إسرائيلي ليليّ على مدينة اللاذقية الساحلية
    (أ ف ب)

موقع "ذا إنترسبت" ينشر مقالاً يتحدّث فيه عن عملية التوسّع والاحتلال الإسرائيلية للأراضي السورية مستغلةً سقوط النظام السوري.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرّف:

في حين احتفل السوريون بإسقاط نظام الأسد بعد عملية سريعة شنّتها القوات المسلّحة يوم الأحد، تحرّكت "إسرائيل". وشنّ "الجيش" الإسرائيلي المئات من الغارات الجوية على أهداف سورية ونصب دبابات داخل حدود سوريا، في انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دام 50 عاماً.

واستهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية يوم الأحد مخازن صواريخ وأسلحة كيميائية. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إنّ الهجمات كانت تهدف إلى منع استخدام هذه الأسلحة من قبل "المتطرّفين". وفي يومي الاثنين والثلاثاء، واصلت "إسرائيل" ضرب العشرات من الأهداف العسكرية السورية الأخرى، وزعمت أنّها دمّرت البحرية السورية.

وضع "الجيش" الإسرائيلي مساء الأحد قواته بالقرب من خمس قرى سورية داخل منطقة منزوعة السلاح إلى الشرق من مرتفعات الجولان المحتلة، والتي استولت عليها "إسرائيل" من سوريا في عام 1967 وضمّتها لاحقاً بشكل غير قانوني. وتنتهك حركة قواتها اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُبرم عام 1974 مع سوريا، والذي زعمت "إسرائيل" أنّه لاغٍ منذ انهيار حكومة الأسد، على الرغم من أن الاتفاق تمّ التوصّل إليه مع والده، حافظ، قبل 50 عاماً. كما نشر "الجيش" الإسرائيلي جنوداً على قمة الجانب السوري من جبل الشيخ الذي يبلغ ارتفاعه 9000 قدم، والذي يقع أيضاً ضمن منطقة وقف إطلاق النار منزوعة السلاح.

وقالت الحكومة الإسرائيلية يوم الاثنين إنّ الضربات والعمليات العسكرية التي شنّتها داخل سوريا كانت إجراءات أمنية استباقية تهدف إلى حماية الإسرائيليين، وتهدف إلى إنشاء منطقة عازلة أكبر بين البلدين مع تشكيل الحكومة السورية الجديدة. وجاء في رسالة كتبها سفير "إسرائيل" لدى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أنّ هذا كان إجراءً أمنياً "محدوداً ومؤقتاً". ومع ذلك، قال متحدّث باسم الأمم المتحدة إنّ قوات حفظ السلام التابعة لها المسؤولة عن الأمن على طول الحدود أبلغت "إسرائيل" بأنّ أفعالها تنتهك اتفاقية عام 1974 وأصدرت تعليمات "بمنع وجود قوات أو أنشطة عسكرية في المنطقة".

ولكن بالنسبة لأولئك الذين يعيشون داخل مرتفعات الجولان المحتلة، حيث لا يزال يعيش الآلاف من العرب السوريين، فإنّ العمليات الإسرائيلية الأخيرة تشكّل إشارة مقلقة لاحتمال وقوع عدوان عسكري آخر في المستقبل.

وقال نزار أيوب، مؤسّس المرصد، أو المركز العربي لحقوق الإنسان في مرتفعات الجولان: "إنه مؤشّر سلبي للغاية. وهذا يعني أن إسرائيل ليست مهتمة بالسلام العادل والدائم في الجولان، وفي نهاية المطاف فإنّ هذا من شأنه أن يجعل الوضع هنا أكثر تعقيداً، وسنستمرّ في العيش في حالة حرب".

إنّ السوريين في مرتفعات الجولان، وهي منطقة تبلغ مساحتها 700 ميل مربع فقط وتقع بالقرب من حدود فلسطين وسوريا و"إسرائيل" ولبنان، غالباً ما يقعون في مرمى نيران الصراعات المختلفة في المنطقة.

وقال أيوب، الذي يعيش في مجدل شمس، وهي قرية تقع على الحافة الشمالية الشرقية لمرتفعات الجولان بالقرب من حدود سوريا ولبنان، إنّ العام الماضي كان مروّعاً. فقد تبادلت "إسرائيل" وحزب الله إطلاق الصواريخ لعدة أشهر في جميع أنحاء المنطقة. وأعرب أيوب عن قلقه من وقوع هجمات مماثلة مع الموقف العسكري الإسرائيلي الجديد في سوريا بالقرب من الجولان، مشيراً إلى أنه سمع طوال يوم السبت وحتى مساء الأحد تفجيرات وقعت في الجولان وفي سوريا.

ومن الشائع أن توسّع "إسرائيل" حدودها خلال أوقات الحرب. وقال أيوب إنّ "إسرائيل" استخدمت حربها في لبنان عام 2006 كذريعة لاحتلال مساحات شاسعة من الأراضي السورية لأسباب أمنية واضحة. وفي ذلك الوقت، زعمت "إسرائيل" أنّ حزب الله كان يخزّن أسلحة في منازل على طول الحدود السورية.

وقد تجسّدت هذه النزعة التوسّعية في الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، كما حدث في غزة ولبنان، حيث استمرت العمليات العسكرية إلى أجل غير مسمّى باسم الأمن، مما أدّى إلى تشريد وقتل الآلاف من المدنيين في هذه العملية.

وقالت ميراف زونسزين، المحللة البارزة في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية في مجموعة الأزمات الدولية إنّ "هذا يشكّل في الواقع جزءاً من سياساتها التوسّعية، حيث لدى إسرائيل تعريف متزايد باستمرار لما يعنيه الأمن، والدفاع، وحدود متزايدة باستمرار كما يحصل في غزة، وفي الضفة الغربية، والآن في سوريا ولبنان".

وقالت زونسزين إنّها "لا تعتقد أن إسرائيل لديها خطة مدروسة للتقدّم إلى أراضٍ جديدة، بل إنها بدلاً من ذلك تسارع إلى الاستجابة لموقف سريع التطوّر في أعقاب استيلاء القوات المسلّحة على دمشق يوم الأحد، لكن هذا لا يعني أنّ الأمور لا تتطوّر بطرق تصبح بعد ذلك استيلاء على الأراضي.. خاصةً وأنّ هناك نمطاً سابقاً في كيفية عمل إسرائيل".

خلال حرب عام 1967، استولت "إسرائيل" على مرتفعات الجولان من سوريا، إلى جانب الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. وضمّت "إسرائيل" الأراضي من سوريا رسمياً في عام 1980.

في حرب منفصلة في عام 1973، وسّعت "إسرائيل" نطاق وصولها إلى سوريا، لكنها انسحبت إلى حدود عام 1967 ووقّعت على اتفاقية الأمم المتحدة التي أنشأت حدوداً منزوعة السلاح، تُعرف باسم الخط "ألفا"، بين مرتفعات الجولان المحتلة وسوريا. ومن المعروف أنّ "إسرائيل" تنتهك الاتفاقية.

في عام 2018، وجد تحقيق أجراه موقع "The Intercept" خططاً إسرائيلية لتوسيع منطقتها العازلة بشكل أعمق في سوريا، إلى ما هو أبعد من حدود الاتفاق. وفي وقت سابق من هذا العام، وجدت وكالة "أسوشيتد برس" أدلة على عملية بناء واسعة النطاق على طول الحدود، حيث دخلت القوات الإسرائيلية المنطقة منزوعة السلاح، منتهكة الاتفاق.

ويحكم القانون الإسرائيلي شعب الجولان، وتسيطر "إسرائيل" على مياه المنطقة وبنت مستوطنات في المنطقة، بما في ذلك المنتجعات والعمليات الزراعية. إحدى هذه المستوطنات التي أنشئت في عام 2019 تسمّى مرتفعات ترامب، على اسم دونالد ترامب، الذي قدّم خلال رئاسته سياسة تعترف بسيطرة "إسرائيل" على مرتفعات الجولان. تحت الحكم الإسرائيلي، يظل من الصعب للغاية على السوريين في الجولان بناء منازل أو مبانٍ جديدة، أو تطوير أراضيهم.

إنّ الأمم المتحدة وأغلبية المجتمع الدولي، باستثناء الولايات المتحدة، يرفضون سيطرة "إسرائيل" على مرتفعات الجولان، والتي تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي. وفي الأسبوع الماضي، أعادت الأمم المتحدة تأكيد مطالبتها لـ "إسرائيل" بإنهاء احتلالها للمنطقة.

في حرب عام 1967، نزح أيوب وعائلته من مدينة القنيطرة في الطرف الجنوبي من مرتفعات الجولان. وعندما حاول هو وعائلته العودة بعد عدة عقود، لم يكن هناك ما يعودون إليه، حيث دمّرت "إسرائيل" جزءاً كبيراً من المدينة. وخلال الحرب، تعرّض أكثر من 80 ألف شخص، أي نحو 95% من سكان الجولان العرب السوريين، للتطهير العرقي من المنطقة، وفقاً لبحث أجرته منظمة "المرصد". وحاولت الحكومة السورية، في نقاط معيّنة، التفاوض مع "إسرائيل" لاستعادة مرتفعات الجولان. وقال أيوب إنّ انتهاك "إسرائيل" الأخير لاتفاقية عام 1974 يبدو وكأنه عقبة إضافية.

ومع ذلك، قال إنّ هناك رغبة قوية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وعودة الجولان إلى الحكومة السورية. أما بالنسبة لمصير الجولان وسكانه، فقال أيوب إنّ القرار يجب أن يكون في يد الشعب السوري.

نقلته إلى العربية: بتول دياب