"أنهيرد": الخداع وراء الدعم الأميركي لأوكرانيا.. والكونغرس ينهب من جيشه
أعباء الديون الهائلة والعجز الفيدرالي داخل الولايات المتحدة الأميركية بدأت بالفعل تدمير البلاد من الداخل، فيما تواصل إدارة الرئيس بايدن تمويل حزم مساعداتها لأوكرانيا على حساب جيشها، الأمر الذي قد يلحق الضرر الحقيقي بمكانة أميركا على المستوى العالمي.
تناول موقع "أنهيرد" الأميركي، في تقرير خاص، حزمة المساعدات الأميركية الأخيرة لتمويل الحرب في أوكرانيا، مشيراً إلى أنّ إدارة بايدن وعبر البنتاغون، وفّرت تمويل الحزمة الأخيرة بقيمة 300 مليون دولار عبر مخزونات الجيش الأميركي، التي تعاني أصلاً من نقص وباتت مستودعاته تفرغ من الأسلحة.
وتتطلّب المستودعات مهلة طويلة للغاية لإعادة تعبئة المخزون، فيما لم يعد لدى الولايات المتحدة حتى عملية موازنة عادية، مع ما تخلّفه هذه العملية من عواقب على العديد من المؤسسات الأميركية، حيث أنّ الولايات المتحدة لديها ديون حالية بقيمة 34.5 تريليون دولار أميركي وترتفع بسرعة.
وفيما يلي النص منقولاً إلى العربية:
الأسبوع الماضي أعلنت إدارة بايدن عن خطط لإرسال مبلغ إضافي قدره 300 مليون دولار إلى أوكرانيا، كفترة مؤقتة حتى يتمكن الكونغرس أخيراً من تمرير حزمة التمويل. ووفقاً لمستشار الأمن القومي جيك سوليفان، أصبحت حزمة المساعدات هذه ممكنة بفضل "التوفير غير المتوقع في التكاليف" في العقود المختلفة المبرمة مع صناعة الدفاع لاستبدال المعدات التي تمّ إرسالها بالفعل إلى أوكرانيا.
في البداية، بدا الأمر وكأنه خبر حميد. ففي نهاية المطاف، ما هو الخطأ في توفير القليل من المال؟ ومع ذلك فإنّ الواقع أكثر تعقيداً بكثير.
إنّ ما أعلنه سوليفان في الواقع لم يكن مجرد قضية العثور على 300 مليون دولار، بل كان عملاً خسيساً آخر في الدراما البطيئة التي لا تحظى بالتغطية الإعلامية، والتي تتمثل في الانهيار المستمر للجيش الأميركي.
ولكي نفهم السبب، فمن المفيد أن نبدأ ببعض الحقائق الأساسية حول المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا.
عندما قرر البنتاغون إرسال أسلحة إلى كييف، تمّ أخذ معظمها من المخزون الموجود بالفعل. وكان هذا أمراً لا مفرّ منه، لسببين على الأقل. أولاً، كان إنتاج الذخائر الأميركية غير كافٍ على الإطلاق لتغطية متطلبات الحرب، وثانياً، كانت المهلة اللازمة للإنتاج الجديد طويلة للغاية: فالعديد من الأسلحة المطلوبة لأوكرانيا في عام 2022 لن تكون جاهزة للاستخدام من الناحية الواقعية إلا بعد انتهاء الحرب..
وهكذا، جردت الولايات المتحدة مستودعاتها من المعدات، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد. وفي بعض الحالات، نهب الذخيرة والأسلحة من تشكيلاته القتالية. وفي حالات أخرى، جردت العديد من حلفائها، مثل كوريا الجنوبية، من كمية كبيرة من معداتهم أيضاً.
وكل هذا يثير سؤالاً مهماً: عندما يرسل شخص ما سلاحاً موجوداً بالفعل إلى أوكرانيا لأنّ إنتاج سلاح جديد غير عملي وبطيء للغاية، فما هي التكلفة الحقيقية لهذا السلاح؟ لسوء الحظ، لا توجد إجابة واضحة.
على سبيل المثال، بعض الأسلحة المرسلة إلى أوكرانيا لم تعد قيد الإنتاج، وفي الواقع لم يعد من الممكن إنتاجها بعد الآن. قد يكون هذا بسبب أنّ مكوناتها الإلكترونية أصبحت قديمة، وتمّ بيع المصانع والأدوات، وتوقف الشركة المصنعة، وما إلى ذلك..
لذلك، في حين أنّ الجيش الأميركي قد يكون قد دفع بالفعل حوالى 40 ألف دولار مقابل صاروخ "ستينغر" في منتصف الثمانينيات، فإنّ تقدير تكلفة صاروخ واحد اليوم هو في أفضل الأحوال مسألة تخمين.
وحتى في الحالات الأقل دراماتيكية، حيث لا تزال الذخائر قيد الإنتاج، فإنّ التكاليف لا تزال عرضة لتقلبات شديدة للغاية: فقد تضاعف سعر الحصول على قذائف مدفعية عيار 155 ملم لحلفاء "الناتو" أربع مرات تقريباً منذ بداية الحرب الأوكرانية.
لماذا يحدث هذا؟ يكفي أن نشير إلى أنّ الولايات المتحدة لم تعد لديها حتى عملية موازنة عادية. من المؤسف أن قِلة من الناس يدركون مدى الخلل الذي بلغه الكونغرس هذه الأيام، وما هي العواقب التي قد يخلفها هذا على العديد من المؤسسات المهمة.
عندما يتحدث الناس اليوم عن المستوى الهائل من ديون الولايات المتحدة (34.5 تريليون دولار أمريكي ويرتفع بسرعة) أو العجز المستمر في الميزانية الفيدرالية (ما يزيد عن 1.6 تريليون دولار أميركي للسنة المالية 2024)، فإنهم يفترضون غالباً أنّ هذه الأمور هي مشاكل المستقبل.
ويتفق الجميع على أنّ هذه المشاكل المالية ستبدأ، في مرحلة ما، في إلحاق الضرر الحقيقي بمكانة البلاد على المستوى العالمي؛ يختلف الناس ببساطة حول متى سيبدأ هذا في الحدوث.
ولكن من المؤسف أنّ الحقيقة هي أنّ أعباء الديون الهائلة والعجز الفيدرالي بدأت بالفعل تدمير أميركا من الداخل. وهذه ليست مشكلة المستقبل البعيد؛ إنها مشكلة هنا والآن.