معتقل سابق: الجبن السياسي يمنع الرؤساء الأميركيين من إغلاق "غوانتانامو"
العديد من الأشخاص احتُجزوا 15 أو 16 عامًا من دون تهمة أو محاكمة. تعرض البعض منهم لتقنية التعذيب سيئة السمعة في العصور الوسطى والتي تسمى "الإيهام بالغرق".
صادف الحادي عشر من كانون الثاني / يناير الجاري مرور 20 عامًا على افتتاح معتقل خليج غوانتانامو، وهو السجن الأميركي سيء السمعة الواقع في قاعدة للبحرية الأميركية في جنوب كوبا، وهو سجن يمثل الظلم والانتهاكات.
صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية أجرت مقابلة مطولة مع معظّم بيك وهو معتقل سابق بريطاني باكستاني في السجن تحدث فيه عن ظروف السجن خارج نطاق القضاء الأميركي، والتعذيب والانتهاكات والإهانات الحقوقية والأخلاقية والدينية بحق المساجين.
سألته الصحيفة بيك: كيف كانت الحياة في سجن غوانتانامو؟ ما هي أشد أشكال التعذيب التي سمعتها أو تعرضت لها؟
أجاب بيك: احتجزتني الولايات المتحدة لمدة ثلاث سنوات إجمالاً، سنة واحدة في قاعدة باغرام [في أفغانستان] وسنتين في غوانتانامو. من أبشع أشكال التعذيب التي تعرضت لها كانت مشاهدة موت سجينين: سجين، كانت يداه مقيّدتين فوق رأسه إلى رأس القفص. تم تعليقه على هذا النحو وضربه بشكل متكرر حتى قتل. والشيء الآخر الذي شاهدته هو أنني تعرضت لأصوات صراخ امرأة في الزنزانة التالية التي دفعتني للاعتقاد بأن زوجتي تتعرض للتعذيب. أثناء سجني واستجوابي من قبل وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركيين، لوحوا بصور أطفالي أمام وجهي وهددوا بإرسالي إلى دول أخرى لأتعرض للتعذيب.
وأضاف: أعرف أن العديد من الأشخاص قد احتُجزوا منذ 15 أو 16 عامًا من دون تهمة أو محاكمة. تعرض البعض منهم لتقنية التعذيب سيئة السمعة في العصور الوسطى والتي تسمى "الإيهام بالغرق"، حيث يشعر الشخص وكأنه يغرق، على الرغم من أنه تم تقييده في ملجأ أو سرير، ويسكب عليهم الماء. هناك العديد من أساليب التعذيب التي استخدمتها الولايات المتحدة ووكالة الاستخبارات المركزية والجيش الأميركي. . ربما يكون أسوأ أشكال التعذيب هو احتجاز شخص ما من دون تهمة أو محاكمة، حتى ن دون إخباره بالجريمة التي ارتكبها. أنت تدفع الثمن النهائي لحريتك.
غلوبال تايمز: معظم المعتقلين مسلمون. هل الشعائر الدينية مثل الصلوات الخمس والصوم في شهر رمضان مسموح بها؟ هل كانت هناك ظروف تم فيها انتهاك المعتقدات الدينية؟
بيك: تم انتهاك المعتقدات الدينية وخاصة في الأيام الأولى للاعتقال. لا شك في أن هذا يحدث. انفصلنا عن بعضنا البعض. لم نستطع أن نصلي جماعة في السنوات الأولى. لم نكن نعرف متى جاء شهر رمضان. لم نكن نعرف مواقيت الصلاة. رأينا المصحف نفسه يمزقه الجنود الأميركيون وألقوه في المرحاض. كان هناك كل أنواع الإساءة والتدنيس للقرآن الذي أجبرنا على الرد والاحتجاج. كل هذه الأشياء حدثت في الأيام الأولى. ولا شك في أنه تم استهداف الهوية الإسلامية للسجناء.
غلوبال تايمز: ما هي التغييرات التي أحدثها الاحتجاز على صحتك الجسدية والعقلية؟ هل تمكنت من التواصل مع عائلتك؟ ماذا كانت تجربتهم؟
بيك: أعتقد أن الجزء المادي منه ربما كان أقل من الجزء العقلي. الجانب المادي، في الأيام الأولى، جردونا من ملابسنا وضربونا، وحلقوا شعورنا ولحانا، والتقطوا لنا صورًا بطرق مساومة ومهينة للغاية. استمر هذا النوع من الوضع لمدة عام على الأقل حتى ذهبت إلى غوانتانامو. مكثت هناك لمدة عامين في الحبس الانفرادي التام من دون الوصول إلى أشخاص آخرين. بالنسبة لحالتي العقلية، في بعض المناسبات، فقدت السيطرة وسألت مرارًا خاطفيّ الأميركيين: ماذا فعلت لكم؟ كيف أذيتكم، كيف أؤذي أميركا إلى حد يجعلها تفعل هذا بي؟ وبالطبع لم يكن هناك جواب.
أضاف: كان من الصعب جدًا التواصل مع عائلتي. لذلك لا يسمح لك بأي مكالمات هاتفية. لا يسمح لك بأي زيارات. لا يُسمح لك بأي اتصال ذي مغزى مع عائلتك، حتى الرسائل التي وردتني من عائلتي تم حجبها بشدة، لذلك كانت هناك رسائل من ابنتي البالغة من العمر ست سنوات والتي حجبها الأميركيون تمامًا. غالبًا ما كنت أقرأ فقط في البداية والنهاية، "أنا أحبك يا أبي". وفي المنتصف، لم أتمكن من قراءة ما كتبته، لأنهم اعتقدوا أن كل هذا يتعارض مع الإجراءات الأمنية. الرسالة التي كنت أكتبها أحيانًا تصل إلى عائلتي بعد عام. يأتي الرد بعد ستة أشهر أو ثمانية أشهر، وهو أمر صادم حقًا.
غلوبال تايمز: هل تلقيت تعويضات من حكومة الولايات المتحدة؟ هل تعتقد أن حكومة الولايات المتحدة ستقدم اعتذارًا؟
بيك: من المهم أن نتذكر أن 779 سجينًا احتجزتهم الولايات المتحدة في غوانتانامو. لا يزال هناك 39 منهم فقط هناك. لم يتم تقديم أي اعتذار أو تعويض لأي من السجناء. على الرغم من حقيقة أن الحكومة الأميركية ، في عهد الرئيس باراك أوباما، أصدرت تقريرًا لمجلس الشيوخ أقرت فيه بتعرض مئات الأشخاص للتعذيب، لم تكن هناك محاسبة، ولا محاكمات، ولا تعويضات، ولا اعتذار. لقد تمكنت الولايات المتحدة بشكل أساسي من الإفلات مما يعتبره أي شخص آخر جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
غلوبال تايمز: انتهى العمل العسكري للولايات المتحدة في العراق وأفغانستان. لماذا لا يزال معتقل خليج غوانتانامو مفتوحًا؟ هل تعتقد أنه سيتم إغلاقه؟
بيك: إنه السؤال الذي لا نزال نطرحه على الولايات المتحدة. هناك جواب واحد: التعذيب. قامت الولايات المتحدة بتعذيب الكثير من الأشخاص وحاولت استخدام هذه الأدلة من التعذيب لمقاضاة بعضهم. تم توجيه اتهامات إلى حفنة فقط من هؤلاء الـ39، حوالى 10 منهم فقط. ولا يمكنهم استخدام أدلة التعذيب في المحاكم الأميركية. لمقاضاة هؤلاء الرجال، سيتم إطلاق سراحهم. ومن بين هؤلاء الرجال المتهمون بالتورط في هجمات 11 أيلول / سبتمبر 2001 وتدبيرها. لذا إذا لم يُبقَ غوانتانامو مفتوحًا، فسيتعين إما إطلاق سراح هؤلاء الأشخاص أو نقلهم إلى الولايات المتحدة حيث سيظهر أنهم تعرضوا للتعذيب. وبعد ذلك سيتعين إطلاق سراحهم لأنه لا يمكنك استخدام أدلة التعذيب في محكمة أميركية. لذا، لسوء الحظ، أغرقت الولايات المتحدة نفسها في حفرة لا تستطيع الخروج منها. وهذا الخندق يسمى التعذيب.
غلوبال تايمز: هل من المرجح أن تدفع حكومة أميركية بقيادة جمهوريين أم ديمقراطيين لإغلاق معتقل عوانتانامو؟
بيك: من المأمول أن يتابع الرئيس جو بايدن ما وعد به زعيمه السابق أوباما - إغلاق غوانتانامو. كان نائب الرئيس في ذلك الوقت. كنا نأمل أن يتابع. لكن حقيقة الأمر هي أن غوانتانامو هذا كان مشروعًا مشتركًا بين الحزبين الأميركيين، الجمهوري والديمقراطي. لذا كان الحزبان الجمهوري والديمقراطي متورطين في السجن.. وللأسف، لم يستطع أي من رؤساء الولايات المتحدة أن يفعل ما قاله كل رئيس، بمن فيهم جورج بوش، أي إغلاق غوانتانامو. الحقيقة هي أن رئيس الولايات المتحدة هو القائد الأعلى لجميع القوات الأميركية، لكل جيش الولايات المتحدة. غوانتانامو قاعدة عسكرية. يمكنه بسهولة تمرير أمر تنفيذي لإغلاق المكان كقائد أعلى للقوات. وحقيقة أن ذلك لم يحدث يظهر أنه لا يزال هناك جبن سياسي منع حدوث ذلك.
نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم