معارضو نتنياهو يترددون.. وهو يخطط لكيفية البقاء على قيد الحياة

رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يتعرض لضغوط من المعارضة السياسية قد يتعرض أيضاً لضغوط من الولايات المتحدة من خلال تقليل دعمها للحرب على الفلسطينيين، فهل سيتمكن "بيبي" من الوقوف في وجه واشنطن؟

  • بنيامين نتنياهو يتحدث خلال احتجاج ضد الحكومة الإسرائيلية في 6 نيسان/أبريل 2022
    بنيامين نتنياهو يتحدث خلال احتجاج ضد الحكومة الإسرائيلية في 6 نيسان/أبريل 2022

يتناول الكاتب جيمي ديتمر، في مقال له بصحيفة "بوليتيكو" الأميركية، الوضع السياسي الحالي لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في ظل الحرب القائمة بين "جيش" الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، والتي بدأت في السابع من أكتوبر الماضي.

وفيما يلي النص المنقول إلى العربية:

يحافظ نتنياهو المحاصر، على القرب من خصومه السياسيين، في محاولة منه لفهم متى وكيف يشحذون شجاعتهم وينقضّون عليه بالضربة التي تنهي حياته السياسية الطويلة والعاصفة.

"بيبي" تُرك الآن في انتظار الهجوم، ويخطط لكيفية المناورة بوجه العاصفة الجارفة، ويأمل في شيء ما يغير من مجرى الأحداث لصالحه، خصوصاً داخل حزبه الحاكم "الليكود" المرتهن له كوضع زوجته إيما، التي طالت معاناتها وهي تقف إلى جانب زوجها الملاحق بقضايا مالية وفساد، وغيرها.

خشى المراقبون من "الليكوديين"، من أنهم أيضاً قد يرهنون مستقبل الحزب بسبب الوقوف إلى جانب "بيبي" بحسب استطلاعات الرأي الأخيرة ومؤشراتها. لكن، لا أحد لديه الجرأة لرفع راية التمرد والمخاطرة بإغضاب الرجل الذي هيمن على الحزب لمدة 20 عاماً، وأعاد تشكيله على صورته.

في الشهر الماضي، بدا الأمر كما لو أنّ وزير أمن الاحتلال السابق، بيني غانتس، منافس نتنياهو الأقوى، ووزير الدفاع السابق ورئيس هيئة الأركان العامة، يستعد للانسحاب من حكومة الحرب الطارئة التي انضم إليها من أجل الوحدة الوطنية، "هناك وقت للسلام ووقت للحرب. الآن هو وقت الحرب"، قالها يومها عند قبول عرض نتنياهو لدخول الحكومة.

كذلك، ارتفعت شعبية غانتس بشكل كبير منذ ذلك الحين. وأفاد استطلاع للرأي أجري في منتصف تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أنّ 41% من المستطلعين يريدون أن يكون غانتس رئيساً للوزراء، في حين اختار 25% فقط نتنياهو. وأظهر استطلاع آخر أجرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أنه إذا تمّ إجراء تصويت، فإنّ حزب "الوحدة الوطنية" بزعامة غانتس سيزيد عدد مقاعده في الكنيست الإسرائيلي المؤلف من 120 مقعداً من 12 إلى 43 مقعداً، في حين سيتراجع "الليكود" من 32 إلى 18 مقعداً.

وبصرف النظر عن انتقادات غانتس لنتنياهو، قإنه لا يزال ملتزماً بـ"حكومة الوحدة الوطنية" ويضع التنافس السياسي والحزبي الداخلي في الانتظار لاستكمال الهجوم على سكان غزة.

كذلك، قاد غانتس جهداً على المجتمع الدولي لاستخدام الدبلوماسية لإقناع المقاومة الإسلامية في لبنان - حزب الله"، بوقف الهجمات الصاروخية على المستوطنات الإسرائيلية الشمالية على الحدود اللبنانية الفلسطينية، وتنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم 1701، الذي أنهى حرب "إسرائيل" على لبنان في العام 2006. ومع ذلك، يهدد الإسرائيليون أيضاً بالحرب لدفع المقاومة اللبنانية إلى شمال نهر الليطاني في لبنان، وقد تحدث غانتس مع المسؤولين الفرنسيين حول هذا الأمر أيضاً. لكن غانتس قد يكون متردداً واستعراضياً بتهديداته، خصوصاً وأنّ توسيع رقعة الحرب مغامرة ومخاطرة كبيرة، ومفيدة أيضاً لنتنياهو إذا ما كانت أولى أهدافه، بحسب الكاتب.

غانتس ينتظر، وإذا تمكن خصوم نتنياهو من الاتفاق على متى وكيف سيتم استبداله، حينها تصبح عملية إقالة "بيبي" ليست مشكلة ميكانيكية صعبة. فإذا أيّد أكثر من 60 مشرّعاً في الكنيست اقتراحاً بحجب الثقة عن الحكومة، فسيؤدي ذلك إلى إجراء انتخابات، وتمثل الحكومة الائتلافية حالياً 64 مقعداً، ولكن في زمن الحرب، مع احتدام المعارك في غزة، وربما اندلاع حرب أكبر في الشمال، لا أحد يريد إجراء انتخابات، داخل الكنيست أو خارجها.

قد يكون البديل هو ما يطلق عليه تصويت "بنّاء" بحجب الثقة. وسيشمل ذلك إقناع 5 مشرعين على الأقل من "الحكومة الائتلافية" بسحب الثقة منها، ويدعمون بديلاً متفقاً عليه يمكنه الحصول على أغلبية في الكنيست. لذلك، من وراء الكواليس، كان سياسيو المعارضة يضغطون بهدوء على مشرعي "الليكود المعتدلين"، وكذلك أعضاء الكنيست من "حزب شاس" للغرض نفسه. ويتواصلون مع السياسيين الأميركيين للمساعدة في إقناع حفنة من أعضاء الليكود بالانفصال عن الحزب. ويبقى السؤال الأكبر هو من سيحل محل "بيبي".. وإلى أن يتفق خصومه المنقسمون على بديل، لا بدّ من فترة انتظار.

في الوقت الحالي، هناك عدد قليل من المتنافسين المحتملين من خارج حزب "الليكود"، على موقع رئاسة حكومة "تل أبيب"، وهم، غانتس، جدعون ساعر، من حزب "أمل جديد" ويائير لابيد، من حزب " يش عتيد"، ويندرج أيضاً بين الخيارات غادي آيزنكوت، وهو حليف آخر لغانتس، ورئيس سابق لهيئة الأركان العامة، ومن داخل "الليكود"، كذلك يُنظر إلى وزير الدفاع الحالي يوآف غالانت على أنه خيار قابل للتطبيق.

يبدو أنّ كل هذه الشخصيات تناور بمهارة ليُنظر إليها على أنها الخيار الأفضل، والأكثر احتمالاً لجذب دعم واسع. ولا يبدو أنّ أحداً منهم مستعد للتخلي عن المنافسة. وهذا يعطي نتنياهو، وهو " هوديني سياسي" لا مثيل له في العالم، فرصة.

وكان نتنياهو قد التقى مع كبار مستشاريه في منتصف الأسبوع الجاري، لمناقشة مستقبله السياسي. ويُقال إنه يرى فرصة لمكافأة جدعون ساعر، لأجل إبعاده عن غانتس إذا خرج الأخير من "حكومة الحرب"، معتقداً أنّ سافر ، وهو عضو سابق في "الليكود"، سيختار البقاء، وبالتالي يتم تقسيم حزب غانتس.

بطبيعة الحال، تمّ نعي نتنياهو السياسي قبل الأوان مرات عديدة من قبل. إلا أنه استطاع محايلتها، والاستفادة من ميزة استراحة خصومه في قاعة الانتظار، والتردد كي يتجاوز المطبات.

كان نتنياهو يلقب لأول مرة بـ "بيبي الساحر" في تسعينيات القرن العشرين، بعد فوزه على شمعون بيريز، في الانتخابات التي أجريت بعد ستة أشهر من اغتيال رئيس الوزراء آنذاك إسحق رابين، وحاول الرئيس الأميركي بيل كلينتون، عرقلة حملة نتنياهو الانتخابية سرّاً، ولكن من دون جدوى.

في عام 2000، كانت زوجة نتنياهو تخضع لتحقيق جنائي بشأن الهدايا التي تلقاها زوجها أثناء توليه منصب رئيس الوزراء. لكن هذا لم ينحر حياته السياسية.

لم يعتقد نتنياهو أنه قادر على تحقيق فوز في الانتخابات في العام 2015 نظراً لتحقيق جنائي محتمل معه، بتهم خيانة الأمانة والرشاوي والاحتيال. مع ذلك، تغلّب "بيبي" على المشاعر السلبية الواسعة النطاق بسحب أرنب آخر من قبعته، وتأمين إعادة انتخابه من خلال مغازلة اليمين الإسرائيلي.

إذن، بينما يشحذ خصومه خناجرهم، ما الذي سينقذ نتنياهو هذه المرة؟.. ما الذي يمكن أن يعفيه من اللوم على الثغرات الأمنية الهائلة في عهده، والتي سمحت بهجمات حركة حماس، في 7 تشرين الأول/أكتوبر؟.

إعادة الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا محتجزين في غزة؛ اغتيال كبار قادة حماس، أو إبعاد المقاومة الإسلامية في لبنان إلى أي مكان غير مجاور لـ"إسرائيل"، أيّ من هذه يمكن أن ينقذ نتنياهو ويعزز موقفه قبل المحاولة الحتمية لدفنه.

يمكن للولايات المتحدة أيضاً أن تزيد من الضغوطات على نتنياهو، من خلال تقليل دعمها للحرب على الفلسطينيين، مما يسمح لبيبي بـ "الوقوف في وجه واشنطن"، وهو تعبير مجازي "شعبوي" كان قد استخدمه نتنياهو بنجاح من قبل.

نقله إلى العربية: حسين قطايا

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.