كيف ستبدو حرب الولايات المتحدة مع الصين؟
مجلة "ريسبونسبل ستاتيغراف" تؤكد أنّه "لا يمكن احتواء تداعيات لمواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة والصين"، وتشير إلى أنّ "بكين واشنطن لن ترضخا إلى مفهوم المواجهة المحدودة في حال اندلاع النيران، ولن تقبل أحدهما التراجع أو الهزيمة".
تحدثت المجلة الإلكترونية لمعهد كوينسي "ريسبونسبل ستاتيغراف"، اليوم الإثنين، عن العلاقات الصينية الأميركية في الآونة الأخيرة، وتشير إلى أنّ صعود بكين المتزايد يؤدي إلى مخاوف وتوقعات بحدوث صراع مع الولايات المتحدة، على خلفية طائفة واسعة من الخلافات في الاقتصاد والثقافة.
يجمع المراقبون على أنّ الرئيس الصيني شي جين بينغ، خرج من المؤتمر العام للحزب الشيوعي في دورته العشرين، باعتباره أقوى زعيم لبلاده منذ ماو تسي تونغ. وأنّ السياسات والتوجهات المستقبلية لبكين ستكون تنفيذاً لإراداته ورؤاه.
وفي خطابه الافتتاحي أمام المؤتمر، رفض الأمين العام شي جين بينغ استبعاد استخدام القوة ضد تايوان. وأعلن عن إصلاحات جريئة للدفاع الوطني والقوات المسلحة، وأعداد هيكلة أنظمة القيادة العسكرية، والتحديث التكنولوجي لعموم القوات المسلحة.
من المؤكد أنّ ميزانية جيش التحرير الشعبي ترتفع بشكل مطرد، لكن جيش التحرير الشعبي، الذي يضمّ جميع القوات المسلحة، لا يزال غير مختبَر إلى حد كبير. مع ذلك، يجب أن يكون هدف واشنطن هو عدم اختبار هذا الجيش. فالحرب بين أميركا والصين ستكون كارثة يجب تجنبها.
تتطلب المجتمعات الليبرالية الحرب في بعض الأحيان. مع أنّ الحرب هي النشاط البشري الأكثر تدميراً في تقويض المجتمعات الليبرالية وتدميرها في نهاية المطاف. بغض النظر عن من أطلق العنان في الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية من بين القوى الاستبدادية في جميع أنحاء العالم، والقوى الليبرالية ذاتها.
يؤدي صعود بكين المتزايد إلى مخاوف وتوقعات بحدوث صراع مع الولايات المتحدة، على خلفية طائفة واسعة من الخلافات في الاقتصاد والثقافة. والصراع بين القوتين على الأرض أخطر بكثير مما يبدو عليه في أطر التنظير. والولايات المتحدة ماضية في ابرام معاهدات أمنية مع طوكيو ومانيلا، وعدة جزر في المحيط الهادىء.
مع ذلك، لا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت أي إدارة في البيت الأبيض سترد عسكرياً في حال نشوب صراع بين الدول الأسيوية.
ففي تايوان، تنتهج واشنطن سياسة "الغموض الاستراتيجي" حيالها، مما يعني رفضاً رسمياً للالتزام بالدفاع عن الجزيرة. ومع ذلك، يبدو أنّ المشاعر السائدة بين مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية، تعمل بقوة لصالح دعم تايوان عسكرياً. الخلاف الرئيسي في واشنطن اليوم هو حول ما إذا كان يجب الانتقال إلى "الوضوح الاستراتيجي"، وليس تجنب التدخل العسكري.
في الواقع، صرح الرئيس جو بايدن أربع مرات أنّ إدارته ستدافع عن الجزيرة. محاولة مساعديه التراجع عن تعليقاته لم تخدع أحداً، ولا سيما القيادة في بكين.
يأمل ويفترض العديد من صانعي السياسة الأميركيين، أنّ تهديداتهم المتكررة ستردع الصين عن الهجوم. ويتناسى هؤلاء أنّ الجغرافيا السياسية تفضل بكين. وتايوان قضية إقليمية تهمّ جمهورية الصين الشعبية أكثر من هم على بعد آلاف الأميال.
في ظلّ كل ذلك، يسعى الجيش الأميركي إلى تعزيز الردع من خلال تطوير علاجات للمزايا الصينية، بما فيها التكتيكات وسرعة المناورة واعتراض خطوط الملاحة البحرية، بالتعاون مع الحلفاء الآسيويين، الذين لم يلتزم أي منهم بعمل عسكري، مما يجعلهم أهدافاً مستقبلية لأي هجوم عسكري الصيني نتيجة لذلك.
كذلك، اتخذت العديد من الدول الأوروبية موقفاً سلبياً بشكل متزايد تجاه الصين، لكن مشاركتها في حرب المحيط الهادئ لا تزال غير مرجحة؛ حتى أنّ فرنسا وبريطانيا، اللتان تمتلكان أكبر قوة عسكرية في أوروبا، غير جاهزتين للعب دور مهم في صراع المحيط الهادئ.
مع ذلك، ستدعو واشنطن حلفاءها إلى فرض عقوبات اقتصادية، والتعاون في الحرب الإلكترونية، وممارسة الضغط الدبلوماسي، وتقديم الدعم اللوجستي.
لا يمكن احتواء تداعيات لمواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة والصين. مايكل أوهانلون الباحث في "معهد بروكينغز"، من أنّ بكين واشنطن لن ترضخا إلى مفهوم المواجهة المحدودة في حال اندلاع النيران، ولن تقبل أحدهما التراجع أو الهزيمة.
وبدلاً من ذلك، من المحتمل أن يتوسع الصراع أفقياً وعامودياً ليشمل مناطق واسعة أخرى. وربما يشمل تهديدات باستخدام الأسلحة النووية، أو استخدامها فعلياً.
في حال اندلع الصراع بالفعل سيكون حرفياً أسوأ كارثة في تاريخ الحروب. ولا ينبغي للمسؤولين الأميركيين أن يكونوا متفائلين بشأن الكيفية التي ستخمد فيها النيران. وستنتشر عواقب مثل هذا الصراع على مستوى العالم، مع تأثير أكبر بكثير من الحرب الروسية الأوكرانية.
في النهاية، ستكون هزيمة الولايات المتحدة وحلفائها ممكنة إنْ لم تكن واقعة. وفي السنوات الأخيرة، أظهرت المناورات الأميركية عموماً أنّ بكين هي المنتصر. ويبحث البنتاغون عن حلول، لكن استعراض القوة سيبقى دائماً أكثر تكلفة من استخدامها.
في الواقع، لا يمكن لأي حكومة صينية تحمل الخسارة، ولا ترك واشنطن مهيمنة على طول حدودها. كذلك الخسارة الأميركية تدمر مصداقيتها كضامن عالمي لأمن الدول الأخرى من حلفائها. ومن الممكن أن تعتقد كلتا الحكومتين أن تجنب الهزيمة يستحق أي تضحيات وتكلفة تقريباً.
لا ينبغي لأحد أن ينظر إلى العمل العسكري على أنّه أمر حتمي. ولا توجد نتيجة حتمية في مسائل السياسة. ولا ينبغي للدول الليبرالية أن ترى الحرب مع الصين كحل. بدلاً من ذلك، يجب تجنبها إلى الحدود القصوى، ويجب على الأميركيين أن يسعوا لمنع الأسوأ حتى وهم "يخططون لوقوعه".
نقله إلى العربية حسين قطايا