"غلوبال تايمز": عن غطرسة الغرب في حواره "النقدي" مع الصين

قالت صحيفة "غلوبال تايمز" إنه في نظر الغربيين هم وحدهم المحقون والمتحضرون والمتقدمون، بينما من يختلف عنهم يوصف بـ"الشرير" والهمجي والمتخلف.

  • ينطلق الغرب في حواره مع الدول النامية من عقدة التفوق الحضاري والأخلاقي.
    ينطلق الغرب في حواره مع الدول النامية من عقدة التفوق الحضاري والأخلاقي.

قالت افتتاحية صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية إن موقع قناة "دويتشه فيله" باللغة الصينية قد نشر يوم الثلاثاء مقالة رأي بعنوان "الحفاظ على الحوار النقدي مع الصين أكثر أهمية من أي وقت مضى". وأشارت الصحيفة إلى أن المقالة مليئة بالكلمات المبتذلة حول ما يسمى بـ"قضايا حقوق الإنسان في شينجيانغ"، والتي لا تستحق القراءة. لكن عبارة "الحوار النقدي" في العنوان مثيرة للاهتمام. إنه في الواقع الموقف الرئيسي للولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى في التواصل مع الدول غير الغربية في السنوات الأخيرة.

وأضافت الصحيفة أم ذلك هو، في معظم الحالات، كشف غير واعٍ عن شعور النخب الأميركية والغربية بالتفوق الداخلي. لكنهم يطرحونها الآن بوعي ويروّجون لها باعتبارها "طريقة فعالة" للتعامل مع الصين. لا يمكن تفسير ذلك ببساطة من خلال "الكبرياء والتحيّز". لم يصرّحوا بذلك في الماضي، لكن الدول الغربية تمارس وتعزز ما يسمى بالحوار النقدي مع الصين. لقد أصبح نهجاً أو حتى سلاحاً في لعبة الغرب الاستراتيجية مع الصين. بعبارة أخرى، يحاولون إلقاء "محاضرة" على الصين تحت غطاء "الحوار".

وأشارت "غلوبال تايمز" إلى أنه في التفاعلات العالمية، تكون الخلافات شائعة، ومن الطبيعي التعبير عن وجهات نظر مختلفة أو حتى النقد. ومع ذلك، لا يمكن أن يقوم الحوار المتساوي على فرضية أن بعض القيم تتفوق على قيم أخرى. كما لا يمكن أن يكون الحوار عبارة عن مجرد إلقاء محاضرة من طرف واحد أو اتهام الطرف الآخر. إن "الحوار النقدي" بين الولايات المتحدة والغرب يقوم على منطق ضمني هو أن لديهم فقط القدرة والتأهيل والقوة لتحديد الصواب والخطأ. وهذا يعني أن أحد الأطراف قد ادعى بالفعل المكانة الأخلاقية العالية قبل أن يبدأ "الحوار"، الأمر الذي يقزّم مستوى التطور والصورة الأخلاقية للدول الأخرى.

وأضافت: لطالما تم نبذ الاستعمار كشيء حقير، لكن عقلية وهياكل السلطة المتمحورة حول الغرب لم تختفِ كلياً. لقد تم زرع الاستعمار بمهارة في جوانب مختلفة، كامنة في اللغة السياسية الغربية وأساليب الاتصال. بعض النخب في الولايات المتحدة والغرب، مع شعور قوي بالتفوق الحضاري، ينظرون إلى الدول غير الغربية على أنها مرشحون ينتظرون "موافقتهم". ومع وجود مؤشرات أيديولوجية في أيديهم، صعدوا إلى المنصة للإشراف على الامتحانات، والحكم على الأوراق، ثم تصنيفها بناءً على "أداء" هذه البلدان لتحديد ما إذا كانت  قد اجتازت الامتحان. أما بالنسبة لمعيار الدرجات، فقد رسمته الولايات المتحدة والغرب بحسب تشكيلاتهما التاريخية والاجتماعية، و"المركزية الغربية" هي الإجابة الصحيحة الوحيدة في جميع الاختبارات.

وتابعت "غلوبال تايمز": في نظرهم، الغرب وحده هو الصحيح والمتحضر والمتقدم، بينما من يختلف عنهم يوصف بـ"الشر" والهمجي والمتخلف. إنهم يخلقون بالقوة انقساماً بين "الحضارة" و "البربرية". بناءً على هذه الفرضية الخيالية، يقومون بإرفاق علامات أخلاقية على ممارسات مختلفة لدول أخرى، في محاولة لتقزيم صورها حتى يتمكنوا من "مهاجمة الآخرين من مكانة عالية" كما يحلو لهم. ولهذا السبب يختلقون بتهور كذبة "الإبادة الجماعية" في شينجيانغ، ويدعون بجرأة إلى "معاقبة الصين" بوسائل مختلف، ويهددون بشكل محموم بقصف الصين حتى "تعود إلى العصر الحجري".

ورأت الصحيفة أن الغطرسة تكون نوعاً من الاستكبار في بعض الأحيان، ونوعاً من الدونية العميقة في أحيان أخرى. ففي مواجهة صعود بلدان الأسواق الناشئة، بما في ذلك الصين، وفي مواجهة مشاكلها الخاصة، أصبحت الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى غارقة بشكل متزايد. وأمام الفجوة المتضائلة بينها وبين دول الأسواق الناشئة، عليها الاعتماد على شعارات "حقوق الإنسان" و"الديمقراطية" للحفاظ على "مصلحتها المطلقة". وأوضحت الصحيفة أن سبب الحساسية الشديدة للدول الغربية في موقفها في الحوار هو أنها تدرك اختفاء الميزة المطلقة التي كانت تتمتع بها. نتيجة لذلك، تقوم بتسليط الضوء عن قصد على قوة خطابها للحفاظ على هيكل السلطة المتقادم، والذي أصبح مجرد رد فعل اللاوعي.

وقالت الافتتاحية إنه "حتى في مجالات حقوق الإنسان والديمقراطية، تتخلف الولايات المتحدة والغرب بشكل متزايد عن الركب، ويعتمدان فقط على الشعارات والمواقف لإظهار "احترامها لذاتها"، وهو أمر مثير للضحك لبقية العالم. إن ثقة الغرب بالنفس آخذة في الانهيار، حيث تزداد شعبية دمقرطة العلاقات الدولية مع تزايد وعي الدول النامية بحقوقها. اليوم، إذا كان شخص ما لا يزال يرغب في الانخراط في الاستعمار والهيمنة الأيديولوجية، أو حتى تخيّل قيادة البلدان الأخرى مثل الماشية، فلن يطيعه أي بلد يتمتع بالفخر الوطني والشعور بالاستقلال.

وختمت "غلوبال تايمز" قائلة: بالعودة إلى "الحوار النقدي"، لا تخشى الصين الانتقاد بتاتاً، لكنها تعارض بشدة الهيمنة. لقد تغير الزمن، وعلى النخب الأميركية والغربية أن تتعلم كيف تكون متساوية ومحترمة. الحوار ضروري ونرحب بـ"الحوار البناء" لكننا نرفض "الحوار النقدي". نود كذلك أن نذكّر بأن الموقف المتنازل أمر خطير، لأنه كلما ابتعدت عن الأرض، زادت صعوبة السقوط.

نقله إلى العربية بتصرف: الميادين نت