"سي جي تي إن": الكشف عن الأعمال السرية "القذرة" لوكالة المخابرات الأميركية في الخارج

موقع "سي جي تي إن" يقول إن وكالة المخابرات الأميركية تقوم بالأعمال القذرة مثل التدخل في شؤون الدول "المعادية" وحتى الحليفة، وتنفيذ عمليات الإجرام من خطف وتفجيرات وتزييف الانتخابات وتعميم الفوضى بحجة حماية الأمن القومي الأميركي.

  • كشف الأعمال السرية لوكالة المخابرات الأميركية في الخارج
    لم تفوت وكالة المخابرات المركزية "الفرصة" التي جلبها التحول الرقمي العالمي

نشر موقع "سي جي تي إن" الصيني، اليوم الإثنين، مقالاً للكاتب يانغ نان يتحدث فيه عن الأعمال السرية لوكالة المخابرات الأميركية في الخارج، ويقول إنه عندما نشأت وكالة المخابرات المركزية، استخدم قانون الأمن القومي لعام 1947، لغة غامضة في تحديد وظائف الوكالة، ولم يذكر شيء عن أعمالها القذرة.

وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:

في الساعات الأولى من يوم 17 نيسان/أبريل 1961، هبط أكثر من 1400 مسلح بهدوء على شاطئ خليج الخنازير في جنوب كوبا، معظم هؤلاء من المنفيين الكوبيين والذين هدفوا التسلل إلى عاصمة البلاد هافانا، والإطاحة بالحكومة الثورية الكوبية بقيادة فيدل كاسترو، الذي واجه العدوان بهجوم مضاد قوي للقوات المسلحة الكوبية،التي سحقت قوات الغزو بالكامل خلال ثلاثة أيام فقط، وسط ضجة عالمية حول الأحداث نظمتها وكالات المخابرات المركزية الأميركية، كما نظمت وأعدت الغزو من أصله.

حين نشأت وكالة المخابرات المركزية، استخدم قانون الأمن القومي لعام 1947، لغة غامضة في تحديد وظائف الوكالة، مشيراً إلى أنها ستركز على جمع المعلومات الاستخباراتية وتنسيقها. ولم يذكر شيء عن الأعمال القذرة التي ستقوم به الوكالة، مثل التدخل في شؤون الدول "المعادية" وحتى الحليفة، وتنفيذ عمليات الاجرام من خطف وتفجيرات وتزييف الانتخابات وتعميم الفوضى السياسية والاضطرابات، بحجة حماية الأمن القومي الأميركي، الذي يتطلب بحسب توجه "الوكالة التجسسية"، استهداف قادة الدول بالاغتيال، في حال ناهضوا الهيمنة الأميركية.

باعتبارها أكبر منظمة استخباراتية تتمتع بإدارة مستقلة فريدة الوحيدة في الولايات المتحدة، تتم معظم عملياتها التخريبية بتقويض أنظمة الدول، في خفاء "قانوني" يتيح لعملاء وجواسيس الوكالة أن  يزرعوا الفوضى والتواري عن الأنظار بسرعة هائلة واستراتيجية، تمهد الطريق أمام السياسة الخارجية الأميركية لإنكار صلتها بالأحداث كي تحافظ على "المكانة الأخلاقية" في الفضاء الدولي. وكما قال الرئيس الثالث للوكالة ذات مرة: "أولويتنا ضمان أن يكون لأميركا، دائما قدرة على إنكار معقول".

وفقاً لبحث أجراه البروفيسور ليندسي أورورك من "كلية بوسطن"، أظهر أنّ الولايات المتحدة، قامت  بـ72 عملية لـ"تغيير النظام" في العديد من دول العالم، في جهود متسلسلة من الإجراءات السرية إلى العلنية. ومع رفع السرية عن المزيد من أرشيفات الوكالة، يتضح دورها المحوري الذي لعبته في خيانة الحد الأدنى من "المبادئ الديمقراطية"، بأسلوب براغماتي يزعم أنه يغلب "المصالح الوطنية" الأميركية، كي يستخدمها كأفضل غطاء لأعمالها السوداء.

تحت مظلة هدف أميركا الدائم في الهيمنة على العالم، أصبحت تصرفات وكالة مخابراتها المركزية غير مقيدة بشكل متزايد. ففي عام 1995 مثلاً، كشف تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز"، ما يكاد  أنّ يكون "سراً مكشوفا"، بأنّ عملاء الوكالة كانوا ولا زالوا يتمركزون في كل سفارة أميركية ومنظمة غير حكومية في الخارج، ويستمرون في عملهم كدبلوماسيين أو موظفين رسميين. إلى جانب ذلك، أنشأت وكالة المخابرات المركزية شبكة معقدة من العلاقات الاستخباراتية، وحافظت على تعاون متعدد القنوات مع أكثر من 400 جهاز استخبارات أجنبي ومجموعات مسلحة "مشبوهة، كمثل الأخطبوط  تمتد مخالبها في عمق عشرات الدول المختلفة في العالم.

كل ذلك، خلال حقبة الحرب الباردة ويستمر حتى اللحظة. ولا شك، أنه استعر في أعقاب هجمات 11أيلول/سبتمبر الشهيرة، حيث نشطت الوكالة بمساعدة الحكومة الأميركية في حروبها العالمية وفي احتلال الدول، والتحريض على "الثورات الملونة" من صربيا إلى أوكرانيا وسوريا وغيرها. ومن أجل التنسيق بشكل أفضل مع حكومة الولايات المتحدة في "حربها على الإرهاب"، قامت وكالة المخابرات المركزية بتعذيب المعتقلين في سجونها، متجاهلة تماماً القيود المفروضة على القوانين الدولية المتعلقة بالحقوق الإنسانية البديهية.

بطبيعة الحال، لم تفوت وكالة المخابرات المركزية "الفرصة" التي جلبها التحول الرقمي العالمي، منذ بداية القرن الحالي، تدخلت الوكالة في شؤون دول غرب وشرق ووسط آسيا  وأوروبا الشرقية بطرق جديدة، مستخدمة التقنيات الفائقة التقدم لتمكين عملياتها التخريبية وجعلها أكثر اختراقا وتعطيلاً.

وعلى الرغم من ذلك، تواجه وكالة المخابرات المركزية "أزمة وجودية" كبيرة في العصر الرقمي الجديد، فلقد مرالعصر الذهبي للذكاء البشري، وأدت الأهمية المتزايدة للاستخبارات المفتوحة المصدر والاستخبارات الإلكترونية، إلى صعود السريع لوكالات استخبارتية أخرى مثل وكالة الأمن القومي، التي تتقدم على الوكالة المركزية بأشواط من خلال الاستفادة الكاملة من مزاياها القائمة على الذكاء الاصطناعي، والذي يمكنها من تحقيق نتائج استراتيجية بميزانيات أصغر بكثير من ميزانية  وكالة المخابرات المركزية.

إذا نظرنا إلى الوراء في تاريخ العمليات الخارجية لوكالة المخابرات المركزية، وعلى الرغم من تطور أساليبها، فإنها لا تزال تغطي أعمالها بذرائع وحجج ثابتة بضرورات "الأمن القومي" الأميركي، و"دعم الديمقراطية"، للتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى لتثبيت الهيمنة التي تتضاءل كل يوم أكثر، فأكثر.