جون بولتون في "ذا تلغراف": "حماس" حققت انتصاراً كبيراً على "إسرائيل"
مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، جون بولتون، يصف اتفاق تبادل الأسرى بين "حماس" و"إسرائيل" بالمعيب من جميع النواحي بالنسبة لـ"إسرائيل" حتى لو جرى تنفيذه على أكمل وجه.
تناول مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، جون بولتون، في مقالٍ نشره في صحيفة "ذا تلغراف" البريطانية موضوع صفقة تبادل الأسرى بين "حماس" و"إسرائيل"، مؤكداً أنّ حماس حققت انتصاراً كبيراً في هذا المجال.
وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:
حققت حماس انتصاراً كبيراً، من خلال إطلاق صفقة تبادل الأسرى. ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت الصفقة تشكل سابقة سلبية نهائية بالنسبة إلى ـ"إسرائيل"، لكنّها تلقي ظلالاً من الشك على ما إذا كانت ستحقق هدفها المشروع، والمتمثل بالقضاء على التهديد الذي تشكله حماس.
إن الاتفاق معيبٌ بصورة قاتلة، من جميع النواحي، حتى لو جرى تنفيذه على نحوٍ لا تشوبه شائبة (وهو ما لم يحدث). ومن المقرر أن تطلق حماس سراح 50 من المحتجزين، وسوف تطلق "إسرائيل" سراح 150 أسيراً، وهذه النسبة غير متلائمة.
وتتم عمليات الإفراج على مدار أربعة أيام، يجرى خلالها إيقاف العمليات العسكرية. وما لا شك فيه أن "إسرائيل" ستستخدم فترة التوقف للتحضير للمرحلة التالية من الأعمال العسكرية، وستعمل على تبديل قواتها وتُعيد إمدادهم بالذخائر والأسلحة.
لكنّ مقاتلي حماس هم المستفيدون الحقيقيون من وقف الأعمال العسكرية. لقد تعرضوا للقصف الجوي، وتمّت مطاردتهم داخل غزة وتحتها، في شبكات أنفاقهم غير العادية. إنّ الحملة العسكرية الإسرائيلية لا تزال في مراحلها الأولى، لكن حماس تعرّضت لأضرارٍ كبيرة.
لماذا نترك الآن؟ وسوف تستغل حماس فترة التوقف لإخراج نفسها من موقفٍ صعب، وتسلل الأصول والأفراد إلى مصر و"إسرائيل" من خلال أنفاق غير مكتشفة، وإعداد جنوبي غزة للهجوم الإسرائيلي التالي. ما هو عدد فرص التقدم الأسرع، أو المزيد من الهجمات المفاجئة التي ستخسرها "إسرائيل" بسبب هذا التوقف؟ فكم من الجنود الإسرائيليين سيموتون بسبب فرصة حماس في نصب فخاخ إضافية وتعزيز نفسها؟
وإذا اختارت "حماس" إطلاق سراح مزيد من الأسرى، فسيتم تمديد التهدئة يوماً واحداً لكلّ عشرة أسرى. ما المبرر الذي يمكن تصوره للسماح لعدوك بتحديد مدة التوقف من جانب واحد؟ وماذا لو كانت "الصعوبات الفنية" تعني إطلاق سراح ستة أسرى فقط؟ هل لا تزال حماس تحصل على يوم راحة آخر؟ وسوف تتحمل "إسرائيل"، بصورة غير عادلة، عبء استئناف الأعمال العسكرية من جانب حماس.
ونتيجة سبب غير مفهوم، قامت كل من "تل أبيب" وواشنطن بتعليق المراقبة الجوية لغزّة لمدّة ست ساعات يومياً خلال فترة التوقف. وقد يكون هذا التنازل أكثر أهمية من التهدئة نفسها، لأنّه يحرم "إسرائيل" من المعلومات بشأن أنشطة حماس. ووافقت "إسرائيل" على أن تكون "غافلة عن غزة" خلال هذه الفترات الزمنية، الملائمة لتحركات "حماس".
ويتباهى البيت الأبيض بأنّ الصفقة تعني "زيادة هائلة في المساعدات الإنسانية" لغزة، لكن من دون ضماناتٍ كافية. ستذهب الإغاثة إلى المحتاجين. عندما أطلق هربرت هوفر أول جهود إغاثة دولية كبرى تقوم بها أميركا في الحرب العالمية الأولى، أصرّ على شرطين: يجب أن تذهب المساعدات فقط إلى غير المقاتلين، ويجب على الجهات المانحة توزيعها، أو مراقبة توزيعها من كثب. وليس لدينا أيّ فكرة عن حجم الكميات التي ستقع في يدي حماس.
إنّ المشكلة العسكرية الحرجة التي تواجهها "إسرائيل" هي الفرص التي ستضيعها إذا أوقفت هجومها الناجح على نحوٍ متزايد في منتصف الطريق. وتتلخص استراتيجية "حماس" في اتخاذ أيّ إيقاف موقت لإطلاق النار مهما كانت مدته قصيرة، ومهما كان مبرره، وتسعى أيضاً إلى تمديده إلى وقفٍ دائم لإطلاق النار، وقد لا يحدث ذلك من المحاولة الأولى للهدنة، لكن الضغط على "إسرائيل"، من أجل حملها على الاستسلام، سوف يتزايد.
إنّ الخطر السياسي الحاسم الذي تواجهه "إسرائيل" هو تقويض تصميمها على القضاء على حماس. والأمر الأكثر خطورةً هو قوّة الدعم الأميركي، الذي بدأ يضعف بالفعل، وبدأت تتقلص عزيمة بايدن يومياً تحت هجوم الجناح اليساري المؤيد للفلسطينيين في الحزب الديمقراطي. وستزداد مشاكله حدة مع تطور الحملة الرئاسية لعام 2024.
إن فوائد تحرير الأسرى أصبحت واضحة الآن. التكاليف الأكبر بكثير آتية.