"المونيتور": هل المصالحة الإسرائيلية – التركية محصنة من الاضطراب؟

العلاقات التركية - الإسرائيلية تعود إلى الواجهة مجدداً، وبحسب صحيفة "المونيتور" فإن"إسرائيل" وتركيا لا تعيدان إحياء علاقة الحب بينهما، لكنهما استأنفتا صداقتهما.

  • من لقاء إردوغان وهرتسوغ في تركيا (أرشيفية)

الكاتب الإسرائيلي بن كسبيت تحدث في "المونيتور" عن عودة العلاقات الإسرائيلية - التركية مؤخراً، وكيف كان شكل هذه العلاقة منذ تولي الرئيس التركي الحالي رجب طيب إردوغان وطبيعة التقلبات التي اتسمت بها.

وفيما يلي نصّ المقال منقولاً إلى العربية: 

قبل وصول الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى السلطة، قبل حوالى 20 عاماً، كانت "إسرائيل" وتركيا حليفين استراتيجيين. وقال مسؤول دبلوماسي إسرائيلي كبير لموقع "المونيتور" هذا الأسبوع، شريطة عدم الكشف عن هويته: "في الواقع، كان التحالف مع تركيا هو الأهم للأمن القومي لإسرائيل عدا عن التحالف مع الولايات المتحدة".

كانت العلاقات بين الطرفين حميمة، والأهم من ذلك، كانت العلاقات بين المؤسسة الأمنية الإسرائيلية والجيش التركي قوية وقائمة على تعاون عميق ومصالح مشتركة.

استضاف الطرفان كبار الضباط، وكانت "إسرائيل" مورداً رئيسياً للأسلحة والتكنولوجيا إلى تركيا، حيث قامت بتحديث دباباتها ومساعدتها بتكنولوجيا الطائرات المسيرة، بينما قدمت تركيا لـ"إسرائيل" دعماً استراتيجياً إقليمياً.

لقد ولّت تلك الأيام. قطع إردوغان هذا التحالف بضربة واحدة تقريباً، وأجرى عملية تطهير على المستويات العليا في الجيش التركي وأخذ بلاده في اتجاهٍ معاكس. وتدهورت العلاقات واستُدعي السفيرين من العاصمتين وساد برود في محور أنقرة والقدس.

إعلان هذا الأسبوع عن عودة العلاقات الكاملة بين الجانبين على مستوى السفراء استكمال لعملية المصالحة التي بدأت مع تنصيب الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في تموز/يوليو 2021، ربما لن تعيد أيام المجد، لكنها غيرت الواقع القاتم الذي يحكم العلاقات لأكثر من عقد.

"إسرائيل" وتركيا لا تعيدان إحياء علاقة الحب بينهما، لكنهما استأنفتا صداقتهما. ستظل هناك تقلبات، لكن الجميع تقريباً يتفقون على أن المصالحة الإسرائيلية - التركية موجودة في المستقبل المنظور.

ويعد هرتسوغ المحرك لعودة هذه العلاقات، الذي تلقى مكالمة هاتفية مفاجئة من إردوغان بعد فترة وجيزة من توليه منصبه. هرتسوغ لا بد أنه أدرك على الفور أنها لم يكن مجرد اتصال مجاملة لتهنئته على انتخابه.

في آذار/مارس من هذا العام، زار هرتسوغ أنقرة حيث استقبله إردوغان استقبال الملوك، وأعلنت أنقرة أن جاويش أوغلو سيزور "إسرائيل" قريباً، للمرة الأولى منذ 15 عاماً، وزارة الخارجية الإسرائيلية أخذت بحذر وقتها في تأكيد الخبر.

بينما دعم لابيد تحركات هرتسوغ، ظل الأخير متحفظاً، مسؤولو وزارة الخارجية، المكويين من مبادرات مماثلة في الماضي، أشاروا إلى أن إردوغان ربما يدير عرضاً مرة أخرى لأغراض سياسية محلية أو من أجل التقرب من واشنطن. وبحسب ما ورد طلب مساعدو لابيد أن يجلس ساكناً وينتظر أن يُثبت إردوغان أنه جاد.

فعل إردوغان ذلك، ورسم لابيد خارطة طريق مع معالم واضحة لتحسين العلاقات مع أنقرة، الأولى كانت زيارة هرتسوغ، "كان هذا هو المكان الذي أدركنا فيه أن هذه العملية لم تحظ بمباركة إردوغان فحسب، بل كان مالكها بالفعل"، وفق مصدر دبلوماسي إسرائيلي رفيع لـ "المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويته، وأضاف: "لقد فهمنا أن هذا حقيقي، لكننا لم نكن نعرف مدى عمق ذلك".

تمت الإجابة على هذا السؤال من خلال تطورين في أواخر أيار/مايو: "زيارة أوغلو التي طال انتظارها إلى إسرائيل وما وصفه المسؤولون الإسرائيليون بأنه رد تركي معتدل على مسيرة الأعلام القومية عبر باب العمود في القدس، وهي نقطة اضطراب دائمة في العلاقات الإسرائيلية - الفلسطينية. أدت زيارة أوغلو إلى استئناف اللجان الاقتصادية الثنائية واتفاقية الطيران التي ألغتها تركيا في السابق".

في حزيران/يونيو من هذا العام، قام لابيد بزيارة ناجحة لأنقرة، قليلون لاحظوا أنه بالإضافة إلى لقاءاته مع الدبلوماسيين والسياسيين، التقى لابيد أيضاً برئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان، سرعان ما تم التوقيع على اتفاقية الطيران من قبل الجانبين.

هل وقع إردوغان في حب الدولة الصهيونية؟ أجاب الدبلوماسي الإسرائيلي لـ"المونيتور": "بالطبع لا".

وأضاف: "إردوغان يبقى إردوغان. إنه إسلامي فخور ولن يتغير، لكنه فهم ميزان القوى في المنطقة وله مصلحة واضحة في تحويل إسرائيل من عدو إلى حليف".

ولخّص مصدر أمني إسرائيلي طلب عدم الكشف عن هويته: "إردوغان عاد إلى سياسته في تقليص النزاعات في جميع القطاعات، وهو مدرك لقوة إسرائيل ونفوذها، وهو ليس أعمى ويطمح إلى جعل تركيا مركز تسويق الغاز بين الشرق الأوسط وأوروبا، وإسرائيل لها دور رئيسي في هذا الصدد، وإردوغان يخوض انتخابات في العام المقبل، وعليه أن يظهر إنجازات اقتصادية وهذا الطريق يمر عبر القدس".

يلقى استئناف العلاقات الإسرائيلية - التركية حماسة من الجانبين. وقال المصدر الأمني ​​لـ "المونيتور": "نحصل على كل ما نحتاجه منهم تقريباً".

كانت مصالحهما المشتركة واضحة أيضاً، حيث ورد أنهما ساعدا أذربيجان في حربها ضد أرمينيا في سنة 2020. وقال المصدر الدبلوماسي الإسرائيلي الرفيع المستوى: "إردوغان وجد نفسه مراتٍ كثيرة في جانب إسرائيل عندما يتعلق الأمر بمصالح تركية إقليمية، وهذا ليس مصادفة. لقد فهم أنه ليس عليه أن يحبنا من أجل إقامة علاقات جيدة معنا تفيد الطرفين". 

هل هذه العلاقة الجديدة محصنة من الاضطراب؟ بالطبع لا، يمكن لإردوغان أن يعود إلى طبيعته المألوفة القديمة مع تصعيد إقليمي أو أعمال شغب إسلامية في الحرم القدسي. لكن يبدو أنه متحمس الآن.