"الإيكونوميست": كيف تخلّت تركيا عن الترويج "للإسلام السياسي" في الخارج

 يبدو أن "الإسلام السياسي" أضحى قوة مستهلكة في السياسة الخارجية التركية، على الأقل فيما يتعلق بالعالم العربي.

  • إردوغان والسيسي خلال لقائهما الأول في قطر.
    إردوغان والسيسي خلال لقائهما الأول في قطر.

تناولت صحيفة  "ذي إيكونوميست" الأميركية التحول التركي تجاه الدول العربية وتخليها عن دعم حركات الإسلام السياسي من أجل تطبيع علاقاتها مع كل من مصر والسعودية والإمارات وسوريا.

وقالت الصحيفة في تقرير لها إن "الإسلام السياسي" قد حقق نجاحات أقل في تركيا مما كان يتمناه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان. لكن ما يسمى بـ"الربيع العربي"، الذي هز الشرق الأوسط في عام 2011، شهد ظهور تركيا كواحدة من مصدريه الرئيسيين. فقد دعمت تركيا أحزاب "الإخوان المسلمين" والجماعات الإسلامية الأخرى في مصر وليبيا وسوريا وتونس. فقد أراد أردوغان ووزير خارجيته آنذاك أحمد داود أوغلو التعجيل بانهيار النظام الإقليمي القديم وتعزيز نفوذ تركيا على النظام الجديد. لكن هذه السياسة تعطلت في مصر عندما تولى عبد الفتاح السيسي السلطة، وكذلك في سوريا بعد ذلك بعامين عندما تدخلت روسيا لدعم حكومة الرئيس السوري بشار الأسد. 

وأضافت الصحيفة أن إردوغان يسير الآن إلى الاتجاه المعاكس. ففي تشرين الثاني / نوفمبر، التقى إردوغان بالسيسي للمرة الأولى، على هامش افتتاح بطولة "كأس العالم" في قطر. وكانت أشهر من المحادثات بين الدبلوماسيين الأتراك والمصريين قد مهدت الطريق للاجتماع.

وتابعت: لم يكن إردوغان والسيسي يتحدثان منذ عقد. بصفته إسلامياً، ألقى إردوغان بكل ثقله وراء "جماعة الإخوان المسلمين"، التي تولت السلطة في مصر عام 2011 بعد احتجاجات أطاحت بالرئيس حسني مبارك. عندما استولى السيسي على السلطة بعد ذلك بعامين، في انقلاب قتل مئات المتظاهرين، وصفه الزعيم التركي بأنه طاغية، ونظّم إردوغان مسيرات دعماً للرئيس المنتخب محمد مرسي، الذي تم خلعه، ومنح قادة "الإخوان" الآخرين ملاذاً.

وقالت الصحيفة إن إردوغان قام كذلك بإصلاح الخلافات مع القوى الإقليمية الأخرى. لقد أعلن عن "حقبة جديدة" في العلاقات مع المملكة العربية السعودية، ووقع إردوغان اتفاقيات تجارية جديدة مع الإمارات العربية المتحدة، التي خاضت مع مصر حرباً بالوكالة ضد تركيا في ليبيا. وقد أثار الأمر استياء أنصاره الإسلاميين، إذ قام أردوغان أيضاً بتصحيح العلاقات مع "إسرائيل"، حتى أنه تواصل مع الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال التقرير إن دوافع تركيا متنوعة. إذ يحتاج إردوغان إلى أموال دول الخليج العربية لدعم الليرة، على الأقل حتى الانتخابات. فقد تعهدت الإمارات باستثمار 10 مليارات دولار في تركيا ووافقت على مقايضة عملة بقيمة خمسة مليارات دولار، مما يعزز احتياطيات الدولار المستنفدة. كما تجري السعودية محادثات لإيداع خمسة مليارات دولار أخرى في البنك المركزي التركي. تأمل تركيا أيضاً في إضعاف دعم كل من "إسرائيل" ومصر لليونان في شرق البحر المتوسط​​، وفي وضع نفسها كطريق عبور لصادرات الغاز الطبيعي.

لكن إعادة الضبط جاءت على حساب أوراق اعتماد الإسلاميين في تركيا. لتمهيد الطريق للمصالحة مع السعودية، أسقطت تركيا أي تحقيق في مقتل الصحافي السعود المعارض جمال خاشقجي، مما يضمن إفلات القتلة من العقاب. وأمرت تركيا المنافذ الإخبارية التي أطلقها "الإخوان المسلمون" المنفيون بعدم انتقاد نظام السيسي. نتيجة لذلك، تم إغلاق قناة معارضة واحدة على الأقل. 

وأشارت "ذي إيكونوميست" إلى أن دمشق ستطالب بدورها بثمن لتطبيع العلاقات مع أنقرة. تقول دارين خليفة، المحللة في "مجموعة الأزمات الدولية"، إن التوصل إلى اتفاق مع الرئيس الأسد سيجبر تركيا على قطع علاقاتها مع المعارضة السورية المسلحة. وأضافت أنه يبدو أن الإسلام السياسي قوة مستهلكة في السياسة الخارجية التركية، على الأقل فيما يتعلق بالعالم العربي.

نقله إلى العربية بتصرف: الميادين نت