"إسرائيل هيوم": الاستراتيجية الحالية تجاه إيران خطرة

"إسرائيل هيوم" تقول إن تنفيذ هجوم عسكري في إيران قد يوقف برنامجها النووي، إلا أنه قد يتحوّل أيضاً إلى حربٍ إقليمية وقد يدفع طهران إلى تسريع برنامجها النووي.

  • "إسرائيل هيوم": الهجوم العسكري على إيران سيتسبب بتسريع برنامجها النووي

مدير معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي ورئيس شعبة "أمان" سابقاً، اللواء احتياط تامير هايمان، ينشر مقالاً في صحيفة "إسرائيل هيوم" يتحدث فيه عن الخيارات المحتملة لوقف برنامج إيران النووي، وجدوى عقد اتفاقٍ نووي جديد، بحسب تعبيره.

أدناه النص كاملاً منقولاً إلى العربية

هجوم عسكري في إيران هو إمكانية، ومن الممكن أن يكون ناجحاً، لكنه قد يتصاعد إلى حربٍ إقليمية، وقد يدفع إيران إلى حثّ البرنامج النووي.

"إسرائيل"، إيران، والعالم الغربي، يقفون الآن عند مفترق طرق سيحدد ما إذا كانت إيران ستصبح "دولة عتبة نووية".

في الأسبوع الماضي وصفتُ الاتفاق النووي الحالي بأنه ميت يمشي. لا يزال ميتاً يمشي، ولم يُدفن نهائياً، لأنه لا يزال قائماً بالنسبة للدول الأوروبية. وهذا بالرغم من أن الولايات المتحدة لم تعد جزءاً من الاتفاق، بعد انسحاب الرئيس دونالد ترامب منه، وبرغم أن إيران تخرج عن قيود الاتفاق النووي.

التقدير الاستخباري السنوي لـ"أمان" الذي كُشف عنه هذا الأسبوع في "إسرائيل هيوم"، يعزز القلق الإسرائيلي حيال التقدم في البرنامج النووي الإيراني. إيران هي دولة عتبة نووية عملياً، وليس هناك آلية تقيّدها عن أن تصبح دولة نووية، وغياب العمل هو الخيار الاستراتيجي الأسوأ من كل الخيارات.

الخيار العسكري

الخيارات ليست جيدة. هناك 3 طرق محتملة لوقف البرنامج النووي الإيراني. الأولى هي أن تختار إيران ترك المشروع النووي على ضوء ضغطٍ اقتصادي وخشية من هجومٍ عسكري. هذه الإمكانية غير واردة، لأن إيران تدرك الخطر التاريخي في التخلّي طوعاً عن سلاح نووي – سواء في الحالة الليبية أو في الحالة الأوكرانية، اللتان تثبتان الخطر الكبير الذي ينطوي عليه قرار كهذا.

الإمكانية الثانية هي مهاجمة إيران عسكرياً. هجوم عسكري هو أمر ممكن، ويمكن الافتراض أنه سيكون ناجحاً. لكنه قد يتصاعد إلى حربٍ إقليمية، ومن الممكن أن ينقل الهجوم إيران من استراتيجية دولة عتبة نووية إلى استراتيجية ردعٍ نووي، أي أنه سيتسبب فقط بحثّ البرنامج النووي الإيراني.

الإمكانية الثالثة هي محاولة التوصل إلى اتفاقٍ نووي جديد بعد دفن الاتفاق الحالي، وتكون فيه قيود ورقابة على إيران بصورة تمنع البرنامج النووي العسكري، مقابل رفع العقوبات.

وهنا يُطرح السؤال: ما هي جدوى ومعقولية اتفاقٍ نووي جديد؟ أي ما هي أبعاد اتفاقٍ كهذا من منظور المصلحة الأمنية الإسرائيلية؟ وهذا، بداهةً، على فرض أنه سيكون بالإمكان كسر الاتفاق الحالي، وعلى فرض أنه سيكون بالإمكان الضغط على إيران لقبول اتفاقٍ آخر.

العيب الكبير في اتفاقٍ كهذا هو منح شرعية لسلطة طهران وتعزيز اقتصادها، والذي يمكن أن يساعد النظام في التعامل بصورة أفضل مع التحديات الداخلية.

شرعية كهذه، في سياق الحرب في أوكرانيا، ستُعتبر أيضاً مظهر ضعفٍ للغرب، ومن الممكن أنها تتعارض والمصلحة الأميركية في هذا السياق.

الوضع الحالي لإيران جيد 

الميزة الأكبر لاتفاقٍ من هذا النوع – أي اتفاق من دون موعد انتهاء صلاحية كالحالي – تشمل مجمل عناصر القدرة النووية (تخصيب، جهاز تفجير نووي، وصاروخ حامل)، هي ألا تصل إيران إلى قدرة نووية، ألا يدخل الشرق الأوسط في سباق تسلحٍ نووي، وألا يُستأنف التهديد الوجودي المحتمل على "إسرائيل".

ويبدو أنه بالرغم من الخيارات السيئة، من منظور الأمن القومي الإسرائيلي، منع سلاحٍ نووي عن إيران هو أكثر أهمية من تعزز النظام.

لكن المشكلة المركزية لـ"إسرائيل" ليست هذه.

إمكانية اتفاق طويل ومُحسّن هي إمكانية ضعيفة. والأمر الأكثر إقلاقاً هو أن المرشد الإيراني غير معني أصلاً باتفاقٍ نووي.

من الممكن أن الوضع الحالي أفضل بالنسبة له – وضعٌ، قريبة إيران فيه، من عكس إظهار قوة نووية قائمة على غموض، ولا تحتاج إلى مُحسني الغرب من أجل النهوض باقتصادها.

كما أنها تحظى بدعم قوة عظمى من روسيا، الذي يضمن بدائل هائلة في مجال القدرات العسكرية الإيرانية، ودعم روسي في المؤسسات الدولية.

إذا كان هذا هو الوضع، يُطرح السؤال: كيف يمكن تغيير المسار الحالي وزيادة الضغط على إيران؟

كل خيارٍ أفضل من الذي يتحقق أمام أعيننا.

ومن المناسب لنا أن نفحص بانتقادية الاستراتيجية التي قادتنا إلى هذا الوضع الإشكالي.