حكومة الارتزاق "اليمنية" تواصل بيع خيرات اليمن لممثّلي دول العدوان السعودي الإماراتي
الخيانة فعل مشين وعار أبدي يلحق فاعله، ويلتفّ حول عنق من يرتكب جنحة الخيانة، وهو عار أسود يظل ملتصقاً في جبين الخائن على مرّ العصور والأزمان.
يقول المثل الشعبي اليمني: "لم يشاهدوهم وهم يسرقون... لكن شاهدوهم وهم يقتسمون السرقة"، وهذا لسان حال حكومة عملاء دولتي العدوان السعودي/الإماراتي التي تقوم بدور المُحلِّل والمُبرِّر والمُتستّر على جرائم الاحتلال منذ آذار/مارس 2015 وحتى لحظة كتابة مقالنا في أيلول/سبتمبر 2023.
أيّ كارثة ومصيبة حلَّت على اليمن من هؤلاء النفر الساقطين سياسياً، من الخونة الذين قبلوا على أنفسهم أن يقوموا بهذا الدور المخزي والمشين، تجاه وطنهم الذي من المفترض أن يدافعوا عنه ويحموه من أعدائه العلنيّين.
فالسعودية ومشيخة الإمارات وبدعم لوجستي وسياسي ودبلوماسي من دول حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، وبلدان أوروبا الغربية، تجاهر بعدائها لليمن وتقذفه بأحدث أسلحتها الجوية والصاروخية والمسيّرة، وقواتها البحرية والبرية، لمحاولة السيطرة على كل أو حتى جزء من أجزاء اليمن واحتلاله منذ بدء العدوان وحتى اللحظة، ومن جرّاء تلك المحاولات، احتلت فعلياً أجزاءً من محافظات الجمهورية اليمنية في كلٍ من تعز، وعدن، ولحج، وأبين، والضالع، وشبوة وحضرموت، وأجزاء من محافظة مأرب، وصولاً إلى محافظة المهرة والجزر اليمنية.
لكنها فشلت فشلاً ذريعاً في أن تحتلّ العاصمة صنعاء ومحافظات الهضبة اليمنية وتهامتها، وظلت طاهرة من دنس ورجس الأعداء كما كانت بالأمس، حيث يكرّر جيلنا الحالي اليوم الذود والدفاع عن تراب الوطن اليمني العظيم، كما فعل أجدادنا الأوائل حينما حوّلوا أراضي اليمن إلى مقبرة للأعداء الغزاة.
قصة الخيانة في العالم هي قصة قديمة جديدة، وفي عالمنا العربي لدينا أقدم خيانة سجّلها التاريخ واستمرّت عِبْرتها حيّةً حتى يومنا هذا، وكلّ الألسنة والكتابات وأمّهات الكتب ترويها بعناية جيلاً بعد جيل، لتتعلّم الأجيال معنى ودرس الخيانة وحكايتها المُرَّة.
تقول الرواية التاريخية إنّ المدعو "أبو رغال"، وهو شخصية عربية من جنوب مدينة مكة المكرمة وهي (مدينة الطائف في السعودية اليوم)، قد خان العرب أجمعين، وخان بيت الله العزيز وهي الكعبة المشرّفة، حينما أرشد الطاغية أبرهة الأشرم الحبشي كي يهدم الكعبة، ولذلك يقال إنّ "أبا رغال" هو أقدم خائن في العرب جميعهم، وهو رمز الخيانة لكل خائن لوطنه ولشعبه وقيمه الروحية.
وتُذكِّرنا كتب التاريخ بأنه حينما غزا المستعمر الأوروبي بلداننا العربية، ظهر صنفان من الناس:
الأول: مجموعة من سكان المناطق المحتلة وهي في الغالب قليلة قدّمت خدماتها للمحتل الغازي.
الثاني: وهم الغالبية من السكان بمن فيهم القادة الأحرار رفضوا التعاون مع المحتل، ونظّموا أنفسهم كي يقاوموه ويكافحوه، وهذا ما نسمّيه بـ (حركات التحرّر الوطنيّ).
ألم نتذكّر أسماء وشخوص القادة الأحرار، من الجزائريين والمصريين والليبيين والفلسطينيين والسوريين واللبنانيين والعراقيين واليمنيين والصوماليين والقمريين، الذين قاوموا المحتل البريطاني والفرنسي والإيطالي والبرتغالي، وكذلك في التاريخ الأقدم المستعمرون الأحباش والرومان والمقدونيون.
لكن حادثة واحدة يستذكرها كلّ حُرّ وطني ويحمل في خارطته الجينية جينات العروبة الحُرّة، وهي قصة البطولة القصوى التي مثّلها الشيخ المجاهد الداعية الجزائري العربي التبسي، الذي طلب منه المحتل الفرنسي أن يُصرِّح فقط مجرد تصريح يقول فيه بأنّ مجيء الجنود الفرنسيين إلى الجزائر إنما هو لإعمار وتنمية الجزائر، وتحرير الجزائريين من التخلّف والهمجية.
لكنه رفض التعاون بشجاعة، وقام الجنود الفرنسيون بوضع قدر كبير مليء بالزيت، ووضعوه فوق نار ملتهبة، وأحضروا ذلك الشهيد العلّامة ليخيّروه للمرة الأخيرة، لكنه كرّر الرفض بشجاعة نادرة وإيمان عظيم، وحينها قيّدوه وقذفوا به في قدر الزيت المغلي ليذوب في الحال، وكان يردّد بصبرٍ عظيم "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"، حتى أسلم روحه إلى بارئها. هذه إحدى بطولات قادتنا العرب الأحرار، الذين رفضوا خيانة أوطانهم وشعوبهم ودينهم الإسلامي الحنيف.
نعود إلى الخونة من (القادة) اليمنيين الذين استدعوا دول العدوان السعودي الإماراتي الأميركي والصهيوني، ليحتلوا أرضهم، أي حُكم أخلاقي وقانوني وإنساني سينطبق عليهم؟!.
دول العدوان السعودي ومشيخة الإمارات تلعب بمرتزقتها وكأنهم أحجار شطرنج، لا حول ولا قوة لهم، باعتبارهم قد باعوا موقفهم السياسي والأخلاقي والإنساني للمشتري، وهما السعودية والإمارات المدعومتان من أميركا، ولم يعد بمقدور هؤلاء الخونة من اليمنيين أن يقرّروا في أي أمر يخص الوطن العظيم، وإنما تحوّلوا إلى (أدوات بشرية) تم شراؤها بمبلغ بخس ليفعلوا بهم كيف ما شاءوا، وما رغب هؤلاء المحتلون من الأعْرَابْ، الذين لم يعد العدو يخفي تصرفاته وسلوكه الوقح تجاههم.
تارة يجلب عدداً منهم أمام الكاميرات التلفزيونية كي يبرّروا غزوهم واعتداءهم على اليمن، وللأسف من شخصيات وأفراد يمانيين كانت ذات يوم لها وضعها السياسي والعسكري والفقهي والدعوي والإعلامي، إلخ...، لكنهم اليوم قد سقطوا صرعى أمام مُغريات المال المُدنَّس المسموم.
والبعض يتصرّف بحكم تقدّم سنهم وأعمارهم وكأنهم يودون الاستفادة فيما تبقّى من هذا العمر الفاني بمصلحةٍ مادية رخيصة، لكنهم تناسوا وغضوا الطرف عمّا سيكتب سجل التاريخ عنهم، وعن أدوارهم في الخيانة والارتزاق في مقبل الأيام، وماذا سيقرأ أحفادهم عن تلك الأدوار المشبوهة التي أدّوها ضد وطنهم العزيز اليمن.
وتارةً يبدّلون مواقعهم (القيادية) أشخاصاً بأشخاص من دون مراعاة أو احترام لأبسط معاني القيم القانونية للدستور اليمني، ليتجاوزوه ويدوسوا بأقدامهم على بنوده ومواده وفصوله، ليرفعوا ويخفضوا مستوياتهم الإدارية، وكلّه للأسف بدفع مال مُدنَّس ورخيص لمن حضر وليمة ومهرجان الاستبدال لهؤلاء الكراكيس والدُمى، وجميعهم يعيش دور الخيانة بصورة مقززة وهابطة، وهم السابقون واللاحقون والشاهدون زوراً وبهتاناً، جميعهم يعيشون دور الخيانة ويصدّقون أنهم أناس يملكون قدراً من الشرف والعزة والتقدير للذات.
إنه أمر عجيب ومريب ومستغرب، وتراهم مبتسمين والبعض الآخر تراه ضاحكاً مسروراً أمام عدسات الكاميرا، فعلاً هي حالة مَرَضية يمنية متكرّرة مع هؤلاء الخونة.
يقول الفيلسوف الفرنسي الشهير مونتسكيو (Montesquieu)، في كتابه "أفكار" وهو أشبه بقصة حياته يقول: "إذا كانت هناك مصلحة لاحت لي في الأفق تخصّني وتفيدني لكنها ستضرّ بصديقي، فإنني أتخلّى عن هذه المصلحة، وإذا كانت هناك مصلحة لي ولكنها ستضرّ ببلدي فرنسا أو أوروبا فإنني سأتركها، وإنّ مجرد التفكير فيها أي في مصلحتي فإنها ستكون خيانة مني وسقوطاً أخلاقياً لي تجاه وطني فرنسا، وللقارة الأوروبية كلها".
ترى لو قرأ كل خائن من اليمنيين الذين ذهبوا وحجّوا إلى العواصم الخليجية التي قتلت آلاف الأطفال والنساء من اليمنيين، لعواصم العدوان الخليجي في أبو ظبي والرياض والدوحة والمنامة، قرأوا هذا القول للفيلسوف الفرنسي، هل سيفهمون المغزى؟، وهل سيتوارون خجلاً بعد أن يفهموا مدلول نظرية مونتسكيو؟ الله أعلم.
هل أولئك القادة اليمانيون واتباعهم الذين فضَّلوا النوم في حُضن السعودي والإماراتي قد اختاروا مصلحتهم الشخصية، أم هم اختاروا مصلحة اليمن العظيم؟ وهل وقفوا مع مصلحة اليمن العظيم أم ضده؟ وهل فضَّلوا مصالحهم الخاصة المادية والسلطوية والوجاهية وتركوا اليمن في مهب رياح الأعداء؟
لو سأل هؤلاء المواطن البسيط القاطن في شوارع وأحياء وحوافي مدننا اليمنية الواقعة تحت الاحتلال، وهو الذي قد فقد الأمن والأمان وتعطّلت حياته المعيشية، وخسر كل شيء من حياته وعمله ومستقبله بسبب ممارسات الاحتلال السعودي الإماراتي، ماذا سيتوقّع من إجابة؟
لو أنهم سألوا أنفسهم في لحظة صفاء وصدق، وبضمير حي وبأخلاق نقية إذا تبقّى شيء من تلك الأخلاق، ووجّهوا السؤال الآتي: ما ذنب هؤلاء الملايين من الشعب الذين يتعرّضون في كل لحظة وساعة لكلّ تلك المعاناة والمآسي بسبب العدوان، وبسبب ارتزاقهم للعدوان، وبسبب خيانتهم لأقدس مقدّسات الإنسان الحُرّ، وهو الوطن والشرف والكرامة الوطنية؟ لنترك الإجابة بجميع الخيارات لهم إن كانوا لا يزالون بشراً يفقهون.
بالأمس باعوا كرامة وشرف الجزر اليمنية وأكبرها جزيرة سقطرى لمشيخة الإمارات، ومن خلفها العدو الإسرائيلي الصهيوني، وارتضوا أن يسلّموا الجمل بما حمل للقائد العسكري الإماراتي، وهي فتاة إماراتية ناعمة من أصول يمنية، سلّموا لها (المرجلة)، وسلّموا لها القيادة، وسلّموا لها الأمر والمعروف بكله، يا لوماه، يا لوماه، يا لوماه على أولئك النفر المتظاهرين بالرجولة والشرف والنضال والكفاح الوطني ذات يوم.
اليوم هؤلاء الخونة من الكراكيس (الموظفين) الذين صنعتهم السعودية والإمارات بعناية ليتبوّأوا مراكز إدارية تحت إمرة المحتل الأجنبي، تجدهم يتهافتون على بيع مقدّرات الشعب اليمني، فتارةً يبيعون خدمات الموانئ، وتارةً يبيعون الثروات النفطية والغازية التي ما زالت تحت الأرض لشركات وهمية وربما معادية، ولا تهمهم من كلّ تلك الصفقات المشبوهة إلا أن يقبضوا مبالغ العمولات والرشى، بفساد طافح تحدَّث عنه إعلامهم وشخصيات منهم، وكذلك الإعلام العربي والأجنبي.
إلى أين يريدون أن يتجهوا؟، وإلى أين المفر؟ وكأنهم يبيعون مالاً سائباً ومنهوباً.
بالأمس باعوا شركة الاتصالات اليمنية العامة لمشيخة الإمارات، ويدافع نفر من هؤلاء الخونة وبشكل علني عبر وسائل الإعلام بأشكالها المختلفة عن تلك الصفقة المشبوهة، وكأنّ مشيخة الإمارات بلد فقير ارتمت فوق شريكتها الأفقر، وهُنا علينا تأمّل معاني وأحكام الآية الكريمة على الحدث والمشهد، قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم، في سورة ص في الآية الثالثة والعشرين (إنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ).
وإن اختلف المفسّرون للآية الكريمة، فإن المُفسّر إنسان مجتهد لا أقلّ ولا أكثر، ويستطع أي مسلم مثقف متعلم أن يدلي بدلوه في الشرح والتوضيح والاجتهاد، فالتفسير المباشر للآية الكريمة يندرج في إطار جشع الإنسان وغروره وتجبّره، وفي ظاهرة حسد الأغنياء للفقراء الذين يملكون القليل، ومع ذلك تجدهم أي الأثرياء يحسدون الفقراء على بؤسهم وفقرهم.
وهكذا حال شيوخ الإمارات بنظرتهم الحاسدة والمتعالية إلى مرتزقتهم، في تفسير الآية هكذا هو طمع وجشع الإنسان الذي لن يشبعه سوى تراب القبر، لكن هذه واحدة من الأهداف الظاهرة والبيّنة لمشيخة الإمارات العربية المتحدة من احتلالها للأراضي اليمنية المقدّسة.
اليمن العظم وتربته الطاهرة هي أرض مُقدَّسة وتضم في أحشائها رفات الأنبياء الأطهار، وتعجّ تضاريسها بقصص وروايات عبر الأزمان والعصور بأسماء الرسل والأنبياء وأولياء الله الصالحين. إذاً تربتها خصبة ثرية بأقدس الأجساد وأنبل الأرواح وأطهر الخلق جميعاً، وإنّ من يذودون عن حياض تربة اليمن وقداسة تاريخه هم أحفاد هؤلاء الأنبياء والرسل والعلماء والقادة العظماء من الأئمة والعلماء والمجتهدين الأفذاذ. لذلك تجد الخيانات فيهم قليلة في اليمن العظيم سوى من هؤلاء المرتزقة الذين خانوا تربة اليمن، كما خان أسيادهم الأعداء على الأمة العربية والإسلامية جمعاء.
وهناك نماذج من الخيانات الوطنية والأخلاقية والدينية الإسلامية والإنسانية جمعاء، إليكم نماذج لها:
أولاً: للأمة العربية والإسلامية قضية مركزية هي القضية الفلسطينية التي احتلها العدو الإسرائيلي الصهيوني، فإن أكثر من خان شهداء فلسطين والأمة العربية وتعاون سراً وعلانية مع الكيان الصهيوني وبحماية أميركية أطلسية هم عرب الخليج، إذ قاموا بعملية التطبيع مع العدو الإسرائيلي، وفتحوا السفارات والمكاتب التجارية في العواصم الخليجية من دون أدنى مراعاة لمشاعر العرب والفلسطينيين والمسلمين جميعاً. ألا يعد التطبيع مع العدو الصهيوني خيانة صريحة للأمة كلها؟، وهم ذاتهم الذين قتلوا الشعب اليمني طيلة ثماني سنوات ونيف، وما زالوا يحاصرونه ويتآمرون عليه بمختلف السبل والطرائق.
ثانياً: إن الحرية بجميع أشكالها وأنواعها حقٌ إنساني، والدول الغربية وحلف الناتو من صمّم المشروع الاستعماري ليحتل البلدان والشعوب التي رزحت تحت سيطرتهم وحكمهم لقرون، هي اليوم ما زالت تبحث عن حريتها الإنسانية والأخلاقية، لكنّ عُربان الخليج تجدهم وحدهم داعمين بالمال والمؤامرات والدسائس ضد الشعوب التي تبحث عن حريتها واستقلالها وعروبتها، ألم نشاهد ونسمع أمراء الخليج بأنهم دفعوا المليارات تلو المليارات لزعزعة النظم الوطنية في سوريا والعراق واليمن ومصر وليبيا وتونس؟، أليست هذه خيانة للأمة العربية وطعنة في ظهر الإسلام؟
ثالثاً: الشعوب العربية والإسلامية في معظمها قاومت المستعمر المحتل الأوروبي، ودفعت مقابل هذا الموقف الشجاع ثمناً باهظاً، آلاف الشهداء والجرحى والمفقودين، أليس التعامل والتصالح والتطبيع مع الكيان الصهيوني ومنظومة الاستعمار القديم والجديد هي خيانة لدماء وأرواح الشهداء في كلٍ من آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية؟ لأنها شعوب حُرّة قاومت ببطولة جحافل المستعمر الأوروبي-الأميركي.
رابعاً: اليمن جنوبه وشماله، قاوم كل جحافل الغزاة مُنذ الغزو الروماني في زمن الدولة السبئية، مروراً بالغزو الحبشي، والتركي والبرتغالي والبريطاني، هؤلاء المستعمرون الغزاة واجهوا مقاومة صلبة من طلائع المقاومين اليمنيين، ولذلك سمّيت اليمن بـ "مقبرة الغزاة"، أليست هي خيانة بواح مِمَن ينتسبون لحكومة وأتباع الرياض وأتباع أبو ظبي وأتباع الدوحة، وهم ينامون في الحضن الدافئ لمنتجعات الرياض وأبو ظبي ودبي والدوحة والمنامة وأنقرة وواشنطن ولندن، هل يحسبون ذواتهم مجاهدين من أجل اليمن؟ أم أنهم عشقوا الارتزاق والخيانة حد الثمالة في تلك العواصم المعادية لليمن؟
خامساً: الأوطان كلّ الأوطان تعيش على وقع معانٍ روحية عظيمة متوارثة عبر الأجيال، وقضايا الشرف والعزة والكرامة والنخوة هي مصطلحات ومفاهيم ترافق تطوّر الأمم والشعوب والأفراد، وهي الثروة المتراكمة أخلاقياً وإنسانياً لدى الأمم الحُرّة، والشعب اليمني العظيم باعتباره من الشعوب التي صنعت ثقافة حضارية منذ ما قبل التاريخ، يمتلك تلك الثروات المتراكمة باهظة الثمن، وهناك روح كفاحية جامعة وشعبية عامة تحافظ على ذلك التراث الثمين ولا تفرّط فيه، أليس التعامل مع الأعداء خيانة صريحة لذلك التراث اليمني العظيم؟
سادساً: يتعلّم ويردّد الطلاب والتلاميذ في المدارس الأساسية والثانوية والمعاهد في الجمهورية اليمنية النشيد الوطني، ويقولون منذ الصباح الباكر (لن ترى الدنيا على أرضي وصيّا، إلخ...)، ما نشاهده اليوم في جزيرة سقطرى طلائع من مواطني العدو الصهيوني والجنود الإماراتيّين، وفي عدن وشبوة نرى جنوداً إماراتيين وسعوديين، ولاحظنا أنّ جنود المارينز الأميركي والبريطانيين يتجوّلون في مدارس وادي حضرموت والمهرة، وهناك جنود بريطانيون وإماراتيون ينتشرون ويتجوّلون في جزرنا اليمنية العديدة، أليس هذا يقع في خانة الخيانة الوطنية الكبرى لتراب اليمن العظيم؟
سابعاً: خيانة القيم الروحية للتعاليم الإسلامية.
حينما يضع الانسان أياً كان وفي أي بلد من بلدان العالم يده في يد أعداء الشعب الذي ينتمي إليه (اسماً)، ويعمل معه في السر والعلن، ويتعامل مع أعداء الوطن وكأنهم حلفاء مقرّبون، فهذه خيانة وطنية ودينية إسلامية كبيرة، يجب أن يُحاكم عليها هؤلاء الخونة أياً كان مستواهم الوظيفي والإداري.
يجب أن يتعلم الخونة بأن الخيانة ليست وجهة نظر أو رأياً من المسموح التعبير عنه، فالخيانة الوطنية تعد جريمة كبرى لا تغفرها النظم واللوائح والتشريعات القانونية والتعاليم الإسلامية، ويجب أن توضع سجلات موثّقة لجميع هؤلاء الخونة ليتعلّم منها الأجيال، كي لا يستمرّ اللاحقون من الساسة المبتذلين في تكرار فصول الخيانة، لأنها جريمة كبرى، يحرّم القانون والدين مسامحة الخائن في كل زمان ومكان.
الخيانة فعل مشين وعار أبدي يلحق فاعله، ويلتفّ حول عنق من يرتكب جنحة الخيانة، وهو عار أسود يظل ملتصقاً في جبين الخائن على مرّ العصور والأزمان، ولا تُمحى بتقادم السنين والأزمان. ولو بدّل "أبو رغال" ملبسه واسمه ومكان سكناه، إنها الخيانة التي لا تموت بموت مرتكبها، بل إنها تتجدّد مع كل الأجيال والأزمان والشعوب، لأنها أسوأ خطيئة وفعل يرتكبه الإنسان مهما عظم شأنه، وعلا مكانه، ومهما كثرت الإمكانات في يمينه ويسراه.