الصناديق القاتلة
كانت أمراً مُلاحَظاً سيطرةُ اليهودية العالمية وأصابعها على إدارة هذه الصناديق القاتلة، ومنها صندوق اكتشاف فلسطين والبنك العثماني والبنك وصندوق النقد الدوليان.
كما "الهويات القاتلة" في سياق حروب التفكيك الطائفية والجهوية، والتي قاربها عدد من الباحثين والأدباء، مثل جورج قرم وأمين معلوف، ثمة صناديق قاتلة، شكّلت الذراع المالية لأقلام الاستخبارات الأطلسية والعثمانية.
وكانت أمراً ملاحَظاً سيطرةُ اليهودية العالمية وأصابعها على إدارة هذه الصناديق، ومنها، كما سنرى، صندوق اكتشاف فلسطين والبنك العثماني، لمالكه الحقيقي، روتشيلد، والبنك وصندوق النقد الدوليان، والصناديق النفطية، وصناديق الثورات الملوّنة، سواءٌ عند المشغّل الأصيل، مثل: نيد، راند، كارنيغي، كانفاس، وأكاديمية التغيير والمجتمع المفتوح، أو عند الوكيل من محميات النفط والغاز المسال:
1- الصناديق، التي تديرها الأخويات العائلية السرية، بغطاء حكومي، ومن ذلك، بحسب كتاب ديفيد إيكه، "السر الأكبر"، المصرف الاحتياطي الأميركي (عائلة روتشيلد)، ومصرف إنكلترا المركزي (عائلة ويندسور).
2- صندوق النقد الدولي ورفيقه البنك الدولي، اللذان تأسّسا خلال مباحثات بريتون وودز في الفترة 1945 – 1947، وتوزّعت مقارّهما الأساسية بين الولايات المتحدة وأوروبا، من أجل ابتزاز الدول ودمجها، من موقع التبعية، وعبر الديون وسياسات الخصخصة في النظام الرأسمالي العالمي، وبسبب دورهما أخيراً في تفكيك المجتمعات وتفتيتها باسم إعادة الهيكلة. وتعامل كثيرون مع الدراسات والأدبيات السياسية التي حذرت منهما، كدعاية اشتراكية هدّامة، ولم يلتفتوا إلى تلك التحذيرات إلّا بعد صدور كتاب "اعترافات قاتل اقتصادي"، كشهادة موثَّقة لأحد مهندسي البنك وصندوق النقد الدوليين، وهو جون بيركنز.
وترافق الدور القاتل لهما مع الهويات القاتلة باسم الليبرالية وجماعات "التحالف المدني"، والثورات البرتقالية، من جهة، وعن طريق الحكومات التابعة من جهة أخرى، وعبر التكامل مع الجماعات التكفيرية.
3- يشار، أيضاً، إلى مجموعة صناديق موازية بإدارة يهودية، من حيث الدور والمهمة نفساهما، مثل صندوق نيد (الوقف الأميركي لدعم الديمقراطية) وصندوق المجتمع المفتوح، الذي يديره الملياردير اليهودي سوروس، والوكالة الأميركية للتنمية (يو. أس. أيد).
4- البنك الإقليمي، كأداة مالية لمشروع الشرق الأوسط، كما ورد في كتاب بيريز، الذي حمل عنواناً مشابهاً، وكان محصّلة لمشاريع سابقة، منها: مشروع رجل الأعمال اليهودي، أرماند هامر، منتصف ثمانينيات القرن الماضي، والمشروع المشترك لمحافظ "بنك إسرائيل" مع رئيس البنك الدولي، ماكنمارا، ومشروع جامعة هارفارد، وسلسلة النقاشات التي شهدتها قمة عمّان الاقتصادية بُعيد معاهدة وادي عربة. ومن المؤسف أن البرلمان الأردني أقرّ مشروع الصندوق الإقليمي في جلسة مسائية، عام 2018، بعد أن رفضه في جلسة صباحية من اليوم نفسه.
5- من الصناديق الإقليمية القاتلة الأخرى، الصناديق المموَّلة من محميات النفط والغاز المُسال، والتي تأسست بالاشتراك مع الاستخبارات الأميركية والبريطانية، أو بطلب منها، ومنها الصندوق الذي كان يموّل مجاميع العملاء، وحكوماتٍ وهيئاتٍ وأفراداً وصحفاً ومراكزَ دراسات مناهضةً للناصرية ولحركات التحرر العربية والعالمية. وكان ذلك يشمل تدبير انقلابات عسكرية، أو جماعات من المرتزقة المسلحة.
ومن الأنشطة، التي موّلها الصندوق النفطي المذكور، محاولةُ اغتيال جمال عبد الناصر، ودعم الانقلابات العسكرية ضد أحمد سوكارنو في إندونيسيا، وضد سلفادور ألّيندي في تشيلي، وهي الانقلابات التي راح ضحيتها ما لا يقل عن مليون إنسان.
6- الصندوق النفطي المكرَّس للحالة اللبنانية، بصورة محدّدة، والذي تنوّعت مهمّاته عبر تشكيل عشرات المنابر الإعلامية ومراكز الدراسات، وتمويل شركة "ساتشي أند ساتشي" اليهودية البريطانية، والتي أدارت التحريض على الجيش السوري، ثم على حزب الله، إلى تغطية المصاريف الجامعية للطلبة التابعين لتيارين، الأول باسم رئيس حكومة لبناني أسبق مرحوم، والثاني للتيار الانعزالي المتصهين، والذي شارك في مذابح صبرا وشاتيلا.
7- صناديق الاستكشاف الأثرية والحفرية والأنثروبولوجية في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وهي صناديق وُلدت بدعم ورعاية من أقلام الاستخبارات الأوروبية المتعددة، تمهيداً لاستعمارها للشرق عموماً، وللعرب خصوصاً. وكما تولّت الدوائر الاستخبارية الأميركية والأوروبية إعدادَ جيل من ناشطي الثورات الملونة، فلقد تولّت صناديق الاستكشاف المذكورة إعداد "الجيل الرائد" من عملاء المراكز الرأسمالية (المتروبولات)، والذين صاروا زعماء ووزراء وأكاديميين (وتربويين) ورجال أعمال... إلخ.
تُضاف إلى ذلك مهمةُ الصناديق في إعداد التقارير والدراسات الضرورية للأمن والعمل لمصلحة هذه المتروبولات، استخبارياً واقتصادياً وثقافياً، بما في ذلك تسويق النظريات العنصرية بشأن الشرق. ومن هذه الصناديق: صندوق اكتشاف فلسطين، وهو صندوق مموَّل من وزارة المستعمرات البريطانية، وكان تحت إشراف يهودي أيضاً، تمهيداً للمشروع الصهيوني. وارتبط به لاحقاً، الصندوقُ التأسيسي اليهودي (كيرن هايسود) عام 1920، والذي تأسس كشركة بريطانية، وكان من المشرفين عليه الزعيمُ الصهيوني المجرم جابوتنسكي.
8- صناديق بغطاء الأمم المتحدة، مثل الصندوق العالمي للبيئة، وهو، بحسب ديفيد إيكه، في كتابه "السر الأكبر"، صندوقٌ للسيطرة على ثروة الحياة البرية وإجراء تجارب جينية، بالإضافة إلى استخدام هذه المحميات معسكراتٍ سريةً لأغراض متعددة، بينها تدريب المرتزقة وإقامة شبكات تجسس إلكترونية. ومن شخصياته عددٌ من ضباط الاستخبارات البريطانية والأميركية وشخصيات، مثل الداي لاما، بسبب أهمية التبت في الحسابات البريطانية والأميركية ضد الصين، وذلك وفقاً لما ذكره إيكه أيضاً.
9- من الصناديق الخطرة الأخرى، التي أدّت دوراً كبيراً في القرن التاسع عشر، الصناديق التالية: الصندوق الذي أسسته بريطانيا، بتمويل من عائلة روتشيلد اليهودية، من أجل دعم السلطة العثمانية في إبان فترتي السلطان محمود الثاني والسلطان عبد المجيد الأول، ومنع السلطنة الإقطاعية الفاسدة من السقوط على أيدي الجيوش المصرية خلال مرحلة محمد علي وقائد جيوشه، إبراهيم باشا، والتي تمكنت من تحطيم الجيوش العثمانية وتحرير بلاد الشام وحصار إسطنبول نفسها. وأشرف الصندوق المذكور على مؤتمر لندن عام 1840 لدعم السلطنة ضد محمد علي، وموّل الحركات والتمردات العشائرية ضد الجيوش المصرية، بذريعة "طرد الاستعمار المصري". والصندوق الثاني هو "صندوق الديون"، بمشاركة بريطانيا وفرنسا وعائلة روتشيلد اليهودية، للسيطرة على حصة مصر من شركة قناة السويس. والصندوق الثالث هو البنك العثماني، الذي أسسته مجموعة بيوتات وعائلات مالية وأوروبية، وخصوصاً آل روتشيلد أيضاً، من أجل إدارة مرحلة تحويل تركيا من النظام الإقطاعي العثماني إلى النظام الرأسمالي.
10- ولنا أن نقول أخيراً إن الجذر الأول لكل صناديق الشر القاتلة، اليهودية والأميركية والأوروبية، هو صندوق باندورا، الذي اندمجت فيه الأسطورة في الواقع عبر التاريخ، وانطلقت منه كل الحروب والشرور والكوارث.