ميشال بارنييه يصطدم بتحدي تشكيل الحكومة الفرنسية.. ما أبرز المعوقات؟
بعد تكليفه بتشكيل الحكومة الفرنسية.. السياسي المحافظ ميشال بارنييه يواجه عدة تحديات. ما أبرزها؟
يعكف السياسي المحافظ، ميشال بارنييه، على تشكيل حكومة جامعة في محاولة لإخراج فرنسا من المأزق السياسي الغارقة فيه منذ الانتخابات التشريعية التي جرت قبل شهرين.
وأمس، كلف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بارنييه، تشكيل "حكومة جامعة تكون في خدمة البلاد". ويدرك المفوض الأوروبي السابق البالغ 73 عاماً والذي يستقبله ماكرون، اليوم الجمعة، أن عليه إيجاد التوازنات الضرورية لكي لا يسقط عند أول مذكرة حجب ثقة في "الجمعية الوطنية المشرذمة".
ميشال بارنييه يحاول الفوز في المهمة الصعبة
تفيد أوساط الوزير السابق بأنه أجرى الكثير من الاتصالات الهاتفية قبل توليه مهامه، شملت خصوصاً مسؤولين في اليمين، ورئيس الجمهورية السابق نيكولا ساركوزي، ورئيسي الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ.
ويستقبل بارنييه اليوم بعد لقاء مع سلفه غابريال أتال، مسؤولي حزب الجمهوريين اليميني الذي ينتمي إليه للبحث في شروط المشاركة في حكومته المقبلة. كما أكدت أوساطه الاتصال ببعض الشخصيات اليسارية أيضاً، كما ستحصل اتصالات أخرى تشمل حركة "فرنسا الأبية" اليسارية الراديكالية.
ويحاول السياسي المحافظ، إظهار التعاون مع مختلف الأفرقاء، بقوله إنه يجب "احترام كل القوى السياسية" الممثلة في البرلمان لأن "الفئوية علامة ضعف"، مضيفاً "ينبغي قدر المستطاع رفع التحديات والاستجابة للغضب والمعاناة والشعور بالإهمال والظلم"، ذاكراً أن من بين أولوياته التعليم المدرسي، والأمن، والهجرة، والعمل، والقدرة الشرائية. ووعد كذلك "بقول الحقيقة" حول "الدين المالي والبيئي" لفرنسا.
أقصى اليمين واليسار الفرنسي يتفقان على عدم المشاركة
وتنقسم اليوم الجمعية الوطنية بين ثلاث كتل: "تحالف الجبهة الشعبية الجديدة" الذي يجمع الأحزاب اليسارية، ويشغل أكثر من 190 مقعداً، يليه "معسكر الرئاسة" الذي فاز بـ160 مقعداً، و"التجمّع الوطني اليميني" الذي حصل على 140 مقعداً.
ولم تحصل أيّ كتلة تالياً على الغالبية المطلقة التي تبلغ 289 مقعداً في المجلس الذي يتألّف من 577 مقعداً.
وكان ماكرون دعا إلى هذه الانتخابات إثر الهزيمة الكبيرة التي منيت بها غالبيته في الانتخابات الأوروبية التي تصدرها أقصى اليمين في فرنسا.
وأعلن "التجمع الوطني اليميني" من الآن أنه "لن يشارك" في حكومة بارنييه، في وقت يشكل فيه نوابه الـ126 بيضة القبان في حال التصويت على حجب الثقة.
كما كان لليسار الذي يعتبر القوة الأكبر في الجمعية الوطنية، وكان يطالب بمنصب رئيس الوزراء، الموقف نفسه مندداً "برئيس وزراء عُيّن بإذن من أقصى اليمين".
وندد زعيم الاشتراكيين، أوليفيه فور، عبر منصة "إكس" بـ"وصول إنكار الديموقراطية إلى الذروة" فيما حل "حزب الجمهوريين اليميني" الذي ينتمي إليه بارنييه في المرتبة الرابعة في الانتخابات التشريعية.
وأكد، اليوم الجمعة، ثقته من أن ما من شخصية في الحزب ستنضم إلى حكومة ميشال بارنييه، مشدداً على أن هذا الأخير سيكون موضع مذكرة حجب ثقة فورية من جانب اليسار.
وقال زعيم اليسار الراديكالي، جان لوك ميلانشون، "لقد سُرقت الانتخابات من الفرنسيين"، مؤكداً تعزيز هذا التعيين من مسعاه لإقالة ماكرون، مع دعوات إلى التظاهر السبت.
وإلى جانب حزب الجمهوريين، يمكن لبارنييه التعويل على أعضاء في الغالبية الرئاسية السابقة، وقال رئيس الوزراء السابق، إدوار فيليب، إن "كثيرين سيساعدونهم" من هذه الأوساط.
فيما تبدي الكتلة الوسطية "ليوت" موقفاً إيجابياً حيال "السياسي صاحب الخبرة المتينة" شرط "أن تعكس تشكيلة الحكومة المقبلة وتوجهاتها تغييراً في النهج والوجهة".
ميشال بارنييه.. الدبلوماسي العتيق
وبعد حالة ترقب استمرت ستين يوماً إثر الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت، في تموز/يوليو المنصرم، وأسفرت عن جمعية وطنية مشرذمة، أصبح بارنييه البالغ 73 عاماً أكبر رئيس حكومة في تاريخ فرنسا الحديث.
ويتمتع بارنييه بخبرة واسعة في فرنسا والاتحاد الأوروبي، ويعرف عنه أنه وسيط مخضرم، إذ كان كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي خلال مرحلة مغادرة المملكة المتحدة للتكتل القاري. وقبل ذلك تولى مناصب وزارية عدة اعتباراً من العام 1993 خصوصاً في عهدي الرئيسين جاك شيراك، ونيكولا ساركوزي.
واليوم، ينبغي على رئيس الوزراء الجديد أن يظهر كل خصاله الدبلوماسية ليتمكن من تشكيل حكومة قادرة على الإفلات من مذكرات حجب الثقة في البرلمان، وإنهاء أخطر أزمة سياسية في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة.