"فورين أفيرز": كيف يجب أن تتكيف واشنطن مع نفوذ بكين في المنطقة؟
زادت الولايات المتحدة من الدوريات والتدريبات المشتركة بالقرب من مضيق هرمز. وفي ذات الوقت، أشارت إلى أنها ستدفع صفقات الأسلحة، مع الشركاء الإقليميين إلى الأمام.
ناقش تقرير نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأميركية، اليوم الإثنين، الوسائل التي يجب أن تتخذها الولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط، للتكيف مع الوجود الصيني المتزايد. ويحلل التقرير، الواقع الحالي لكل من واشنطن وبكين في الشرق الأوسط.
وذكر التقرير أنه في آذار /مارس 2023، حين أُعلن عن الاتفاق بين إيران والمملكة العربية السعودية، نُظِر إلى هذا الاتفاق على أنه علامة على وصول بكين إلى مرحلة "القوة السياسية في الشرق الأوسط".
وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، نشرت الولايات المتحدة الأميركية، موارد عسكرية إضافية، وزادت من الدوريات والتدريبات المشتركة بالقرب من مضيق هرمز. وفي ذات الوقت، أشارت إلى أنها ستدفع صفقات الأسلحة، مع الشركاء الإقليميين مثل السعودية والإمارات إلى الأمام.
كما وسعت التدريب مع مصر والكويت وغيرهما، في محاولة واضحة لطمأنة الشركاء العرب على التزامها بأمن الشرق الأوسط.
لكن، وفق التقرير، من غير المرجح أن تعزز هذه التحركات النفوذ الأميركي. كما أن انزياح القوى العربية تجاه بكين، "ليس نتيجة تراجع الوجود العسكري" لواشنطن في الشرق الأوسط، إلا أنه بسبب تملّك الدول شبه يقين بأن الولايات المتحدة غير مستعدة لوضع قواتها بموضع القتال بالنيابة عنها.
علاوة على ذلك، تمكنت بكين من البقاء على مسافة متساوية من القوى المتنافسة في المنطقة، مما سمح لها بتقديم نفسها على أنها وسيط غير متحيز.
وبالنظر إلى هذه الاتجاهات، تحتاج الولايات المتحدة إلى نهج جديد تجاه المنطقة، وفق التقرير. كما يجب عليها أن تقبل الجوانب الأكثر إيجابية لوجود الصين المتنامي في الشرق الأوسط، وتشجع مساهمات بكين في التنمية والاستقرار الإقليميين، وفق التقرير.
وفي الوقت نفسه، يجب على واشنطن ألا تستمر في استراتيجيتها البالية والمرتكزة على الأمن، وبدلاً من ذلك يجب عليها أن توسع أدواتها السياسية واستثماراتها في المنطقة، وأن تدعم أنواعاً أوسع من الاتفاقات مع الشركاء العرب، والقوى الصاعدة مثل البرازيل والهند واليابان، التي ستسمح لها بتنويع الشركاء في المنطقة، وجلب استثمارات جديدة.
وعلى مدى العقد الماضي، تحولت السياسات الخارجية للعديد من دول الشرق الأوسط، نحو التحالفات المتعددة، حتى شركاء الولايات المتحدة التقليديين مثل مصر والسعودية والإمارات، لم يعودوا راضين عن محاولات واشنطن إنشاء كتل حصرية بقيادتها، فتجدهم يسعون إلى شراكات مع قوى متعددة، مثل الصين وروسيا والهند، إلى جانب شراكاتهم مع الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن الشرق الأوسط متعدد الاتجاهات، إلا أنه ليس متعدد الأقطاب، وتبقى الولايات المتحدة إلى حد بعيد الراعي الأمني الرائد للشرق الأوسط، وفق التقرير.
لكن الهيمنة "لا تعني التفرد"، وعلى الرغم من أن الوجود الأمني للصين في المنطقة محدود، إلا أنه يمكن أن يوفر لشركائها فرصاً دفاعية واقتصادية لا توفرها الولايات المتحدة. وعلى سبيل المثال، تمتلك بكين قاعدة عسكرية واحدة فقط، تقع في جيبوتي، لكنها تستثمر في الموانئ في جميع أنحاء المنطقة.
وهذه الاستراتيجية ساعدت على توسيع نطاق وصول الجيش الصيني، مع تعزيز التجارة مع دول الشرق الأوسط.
ووفقاً لتقرير استخباراتي أميركي، تم تسريبه في كانون الأول/ديسمبر 2022، سمحت الإمارات العربية المتحدة للصين، باستئناف البناء في منشأة لوجستية عسكرية في أحد هذه الموانئ، دون أن تحل محل الوجود العسكري الكبير للولايات المتحدة في البلاد".
في المجال الاقتصادي
تلعب الصين الآن دوراً أكبر من الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لكنها لم تحل محلها تماماً. وقد تجاوزت تجارة الصين منذ فترة طويلة تجارة الولايات المتحدة. وبحلول عام 2019، تجاوزت الصين الاتحاد الأوروبي لتصبح الشريك التجاري الرائد للمنطقة.
وعلى مدى السنوات العشر الماضية، تشير البيانات الصادرة عن صندوق النقد الدولي إلى أنه في الوقت الذي انخفضت فيه واردات وصادرات الولايات المتحدة مع المنطقة، زادت تجارة الصين مع الشرق الأوسط بنسبة 40% تقريباً، مدفوعة بصادرات بكين المتزايدة إلى المنطقة والطلب النهم على المنتجات النفطية.
وفي وقت جلبت أحجام التجارة الصينية المتزايدة، نفوذاً إقليمياً لها، منحت الهيمنة المستمرة للدولار كعملة احتياطية عالمية، واشنطن نفوذاً اقتصادياً مستمراً، وربط القوى الإقليمية وأسواقها التجارية والمالية بالولايات المتحدة.
في المقابل، يتركز معظم الاستثمار الأجنبي الأميركي في ثلاث جهات فقط، هي "إسرائيل" والسعودية والإمارات، مقابل استثمارات أكثر تنوعاً لبكين، بما في ذلك الطاقة والبنية التحتية المادية والرقمية والعقارات.
وبالنسبة للعديد من الحكومات العربية، فإن رغبة الصين في الاستثمار على نطاق واسع، من دون الشروط التي غالباً ما يضعها المانحون الأميركيون، تجعل البلاد شريكاً إضافياً جذاباً في المنطقة.
وفي وقت تفشل سياسات الولايات المتحدة في إعطاء الأولوية للمشاركة الاقتصادية، لم تبدِ وانشطن اهتماماً كبيراً بتوسيع وصولها إلى الأسواق بالنسبة للشركاء الإقليميين، على عكس الصين، التي تسعى إلى اتفاقيات تجارة حرة جديدة على امتداد المنطقة.
وكردّ من مجموعة الدول السبع، على مبادرة الحزام والطريق الصينية، تم تضمين الشرق الأوسط في مبادرة "الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار"، لكن يؤخذ على هذا، الاستثمار الجديد في المبادرة أنه محدود للغاية وغير واعد.
ويختم التقرير، أنه لتنشيط وجودها في المنطقة، على الولايات المتحدة أن تبدأ بالاعتراف بأن عصر الشراكات الحصرية، والكتل الأمنية في الشرق الأوسط قد انتهى، ويجب عليها ألا تتجاهل الضغوط المحلية المتزايدة التي تواجه شركاءها في الشرق الأوسط.