تونس: بدء عمليّات إجلاء نحو 300 مهاجر من مالي وساحل العاج إلى بلادهم
انطلاق عمليّات إجلاء نحو 300 مهاجر من مالي وساحل العاج إلى بلادهم في تونس، والتي تٌعدّ نقطة عبور رئيسية للمهاجرين الذين يسعون لعبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا.
انطلقت في تونس، اليوم السبت، عمليّات إجلاء نحو 300 مهاجر من مالي وساحل العاج إلى بلادهم بعد حملات عدائية تجاه المهاجرين غير القانونيين من دول جنوب الصحراء.
وقال السفير العاجي في تونس إبراهيم سي سافاني إنّه "من المقرر مغادرة الخطوط الجوية العاجية السبت الساعة 7 صباحاً (06:00 ت غ) وعلى متنها 145 راكباً"، مضيفاً أنّ "عدد المسجلين للعودة بلغ 1100 حتى الآن".
بدوره، قال دبلوماسي مالي في تونس إنّ بلاده استأجرت طائرة لإعادة ما يقرب من 150 شخصاً بناءً على أوامر رئيس المجلس العسكري الذي أعطى "تعليمات صارمة للغاية" للتعامل مع موضوع عودة الرعايا إلى بلدهم.
وأضاف الدبلوماسي المالي أنّ تونس أعلنت أنّها ستتراجع عن مطالبة المهاجرين غير القانونيين بدفع غرامات مالية مقابل الإقامة بشكل غير قانوني في البلاد والتي تقدر بثمانين ديناراً (نحو 25 يورو) شهرياً.
وتراكمت الغرامات على بعض المهاجرين لتصل إلى أكثر من ألف يورو وهم لا يقدرون على سداد هذه المبالغ.
ومن بين المهاجرين العائدين طوعاً، عشرات الطلاب المتحدّرين من عائلات ثرية أو المتحصلين على منح دراسية من الدولة، والذين التحقوا بجامعات خاصة مرموقة في العاصمة التونسية.
وهذه أولى رحلات الإجلاء إلى هذين البلدين منذ خطاب ألقاه سعيّد الأسبوع الفائت، والذي شدّد فيه على وجوب اتّخاذ "إجراءات عاجلة" لوقف تدفّق المهاجرين غير القانونيين من أفريقيا جنوب الصحراء إلى بلاده، مؤكّداً أنّ هذه الظاهرة تؤدّي إلى "عنف وجرائم".
ونددت منظمات حقوقية تونسية ودولية عديدة بتصريحات سعيّد، معتبرةً خطابه "عنصرياً ويدعو إلى الكراهية"، الأمر الذي رفضه سعيّد بدوره.
وشدد الرئيس التونسي على أنّه لن يقبل لأيّ شخص أن يقيم بشكلٍ غير قانوني، مكرّراً القول إنّ "هناك مخططات لتوطين هؤلاء في تونس لتغيير التركيبة الديمغرافية"، مؤكداً أنه لن يسمح بذلك.
اقرأ أيضاً: تونس: مهاجرو أفريقيا جنوب الصحراء يواجهون هشاشة في الحماية الاجتماعية
"تصاعد الكراهية"
وجاءت تصريحات سعيّد بعد أيام قليلة على تنديد أكثر من 20 منظمة حقوقية تونسية بما وصفته "خطاب كراهية" تجاه المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء.
ودعت منظمات غير حكومية السلطات التونسية إلى التصدي إلى "خطاب الكراهية والتمييز والعنصرية" في شبكات التواصل الاجتماعي وفي بعض وسائل الإعلام.
وحثت بعض الحملات في وسائل التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة في تونس السلطات على التدخل لمنع المهاجرين الأفارقة من السفر عبر تونس في طريقهم إلى أوروبا أو الاستقرار في البلاد مثلما يفعل الآلاف.
وتقول منظمات حقوقية إنّ مهاجرين أفارقة في تونس يعانون التهميش والإقصاء الاجتماعي، ويعيشون تحت وطأة الفقر والحرمان من العمل اللائق، بحسب المنظمات.
كذلك، اتهمت المنظمات بعض الأحزاب السياسية باعتماد خطاب الكراهية والدعاية السياسية بتسهيل من السلطات المحلية.
وقد تحدث غينيون عادوا في أول رحلة إجلاء الأربعاء إلى بلدهم عن "تصاعد الكراهية" بعد هذا الخطاب، وعن "كابوس" عاشوه في إثر ذلك في الشارع وفي الأحياء السكنية التي يقطنونها في العاصمة التونسية وفي المحافظات.
وقد فَقَدَ عدد كبير من الـ21 ألف مهاجر من دول جنوب الصحراء المسجّلين رسمياً في تونس، ومعظمهم في وضع غير قانونيّ، وظائفهم وطردوا من منازلهم بين ليلة وضحاها.
وأوقِفَ العشرات خلال حملات للشرطة وسُجن بعضهم، وقدّم بعضهم الآخر شهادات لمنظمات حقوقية عن تعرضهم للتعذيب الجسدي، منددين بوجود "ميليشيات" تقف وراء ذلك.
وندد "اتحاد الطلاب الأجانب" أيضاً بأحداث العنف التي وقعت الأحد الفائت واستهدفت 4 طلاب من ساحل العاج، وبتعرّض طالبة غابونية أمام منزلها للعنف. وطلب الاتحاد من طلاب دول جنوب الصحراء البقاء في المنزل والخروج فقط في حالة الحاجة القصوى.
وتسبب هذا الوضع المشحون في تدفق عشرات المهاجرين إلى سفاراتهم، ولا سيما لمقر سفارتي ساحل العاج ومالي اللتين سرعان ما استقبلتا مئات الطلبات للمغادرة الفورية من تونس.
في المقابل، توجّه مهاجرون متحدّرون من بلدان ليست لها سفارات في تونس إلى مقر المنظمة الدولية للهجرة حيث نصبوا خياماً وتمركزوا أمام المقر لضمان حمايتهم.
يُشار إلى أنّ عدد الجالية العاجية في تونس يُقدّر بنحو سبعة آلاف شخص، وفقاً لإحصاءات رسمية.
وتعد تونس نقطة عبور رئيسية للمهاجرين واللاجئين الذين يسعون لعبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا.
وكانت السلطات التونسية اعتقلت في شباط/فبراير الحالي عشرات المهاجرين الذين وصلوا إلى تونس. وقال سعيّد في تصريحاته إنّ جهات لم يذكر اسمها قامت خلال العقد الماضي بتوطين مهاجرين أفارقة في تونس في مقابل المال.