تقرير: واشنطن متخلّفة عن الشرق الأوسط وحقبته الجيوسياسية الجديدة
مجلة "ريسبونسيبل ستيت كرافت" تتحدث عن تراجع النفوذ والتأثير الأميركيين في الشرق الأوسط، في ظلّ الديناميكيات الجيوسياسية المتغيّرة في المنطقة.
ذكرت مجلة "ريسبونسيبل ستيت كرافت"، في تقرير، أنّ "الولايات المتحدة الأميركية متخلّفة بينما يحتضن الشرق الأوسط حقبة جيوسياسية جديدة".
وأوضحت المجلة أنّ "تقدّم المنطقة نحو نظام متعدد الأقطاب، يُحتّم على واشنطن تعزيز المزيد من التعاون والتنمية الاقتصادية".
وأضافت أنّه "وسط إعادة فتح البعثات الدبلوماسية الإيرانية والسعودية بعد توقّف دام 7 سنوات، ما يرمز إلى التقارب الرسمي بينهما والديناميكيات الجيوسياسية المتغيّرة في الخليج العربي، وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الرياض الأسبوع الماضي بأجندة قديمة".
وعقّبت المجلة أنّ "فشل واشنطن في التكيّف مع الحقائق الإقليمية الجديدة تركها معزولة، إذ لم يعد لسياساتها صدى لدى شركائها في المنطقة".
اقرأ أيضاً: "بلومبرغ": بلينكن يحاول بزيارته السعودية معالجة الصدع العميق معها
وفي حين أنّ "الولايات المتحدة لا تزال مستثمرة بعمق في المنطقة في المستقبل المنظور، فإنّ سياساتها أصبحت العائق الرئيسي أمام الارتباطات الدبلوماسية، وكذلك التنمية الاقتصادية والتكامل في الشرق الأوسط الأوسع"، بحسب المجلة.
على سبيل المثال، عمدت الإدارة الأميركية إلى توريط الخليج في الحرب على اليمن، وهي، مع ذلك، أوضحت أنّها "غير مستعدة لحلها"، وفق "ريسبونسيبل كرافت".
كذلك، "أتاح غياب الولايات المتحدة في التطورات الإقليمية الأخيرة فرصاً لجهات فاعلة عالمية أخرى لتأكيد نفوذها وتعزيز التعاون متعدّد الأطراف"، إذ ستوفّر القمة المقبلة بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي والصين في بكين والاجتماع الثالث لمؤتمر بغداد في وقت لاحق من هذا العام "سبلاً متعددة الأطراف للحوار والتعاون".
والجدير ذكره هنا أنّ الولايات المتحدة ستغيب عن كلا الحدثين، ما يسلّط الضوء بشكل أكبر على عزلتها وتضاؤل نفوذها في المنطقة.
وتبعاً لذلك، خلصت المجلة إلى أنّ "الديناميكيات المتغيّرة وظهور مراكز قوة بديلة يستلزمان إعادة تقويم سياسات الولايات المتحدة لتتماشى مع التحوّلات الجيوسياسية الجديدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط".
وأوضحت أنّ ذلك يمكن أن يتحقّق من خلال تبنّي نظام متعدد الأقطاب وتعزيز التنمية الاقتصادية، كما يجب أن تسمح واشنطن للمنطقة بمزيد من استكشاف هذه السبل الدبلوماسية وعدم إعاقتها".
اقرأ أيضاً: "بلومبرغ": الرياض تتطلع إلى بكين كشريك استثماري رئيسي مع تراجع واشنطن
وكانت مجلّة "مودرن بوليسي" الإلكترونية الأوروبية تناولت موضوع التحوّلات السياسية في ما أطلقت عليه "عصر مساعدة الذات في ما بعد شرق أوسط أميركي"، مؤكدةً أنّ الدول الخليجية ستسعى إلى تشكيل تحالفاتها الخارجية بناءً على مصالحها في المنطقة.
وأوضحت المجلّة أنّ علاقات الولايات المتحدة في المنطقة ليست فقط مع السعودية، ولكنّها أيضاً مع جميع الدول العربية في الخليج، مُشيرةً إلى أنّ هذه العلاقات اليوم تُعدّ "بعيدة كل البعد عن سنواتها الذهبية".
وأكّدت، في السياق، أنّه إذا لم تستطع دول المنطقة أن ترى دوراً للولايات المتحدة في الاستقرار والحفاظ عليه، وإذا لم تتمكن من الحصول على مساهمة أميركية حقيقية في أمنها، فسيتعين عليها بالطبع البحث عن شركاء محتملين آخرين.
ولفتت إلى أنّ عزلة الولايات المتحدة الجديدة انعكست بعواقب وخيمة على القيادة الأميركية في الشرق الأوسط، ما أدى إلى فراغٍ كبير في سلطتها التي حاولت ضمان بسطها في المنطقة.
وتحدّثت المجلّة عن سعي روسي لملء هذا الفراغ في بلدان مثل سوريا وليبيا، إضافة إلى سعي القوى الإقليمية مثل إيران والسعودية والإمارات وتركيا إلى ممارسة نفوذ أكبر داخل مناطق نفوذها.
وتدهورت العلاقات بين الولايات المتحدة ودول المنطقة بشكل شبه عالمي، نتيجةً لتجاهل الولايات المتحدة تأثير القوى المحلية، لفترة من الزمن، إضافةً إلى فشلها في إدراك الحاجة إلى تدخلٍ عاجل لإصلاح هذه العلاقات.
كما أنّ عمل الصين في المنطقة كوسيط، يأتي على حساب الدور الأميركي فيها، خصوصاً وأنّ بكين تنجح في التوفيق بين الخصوم في المنطقة، وفي وضع حدٍ فعالٍ للنزاعات فيها، وذلك على عكس الولايات المتحدة، بحسب المجلة، خصوصاً وأنّها تمتنع عن فرض شروطٍ سياسية على دول الشرق الأوسط أثناء جهود المصالحة.