بهدف تمتين العلاقات مع الصين.. لولا يتوجّه إلى بكين الأسبوع المقبل

الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا يسافر إلى الصين بهدف تعزيز الحوار الثنائي وتعميق العلاقة التجارية ومناقشة الأزمة الأوكرانية.

  • لولا
    الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (أرشيف)

يلتقي الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الرئيس الصيني شي جين بينغ، الأسبوع المقبل، في بكين.

تأتي زيارة لولا دا سيلفا أملاً في تعزيز التجارة ومناقشة الوساطة الدولية لتسوية الأزمة في أوكرانيا، وسعياً لاستعادة دور بلاده في الجيوسياسة العالمية.

وبعد فترةٍ من العزلة تحت حكم سلفه اليميني المتطرف جايير بولسونارو، يُحاول لولا بلا هوادة تجديد العلاقات مع الحلفاء.

وفي 3 أشهر من توليه منصبه، زار لولا الأرجنتين والولايات المتحدة، فيما تُعدّ الرحلة التي تستغرق 6 أيام إلى الصين، أكبر شريك تجاري للبرازيل، مفتاحاً لطموحاته.

وأوضح إيفاندرو مينيزيس دي كارفالو، الخبير في الشؤون الصينية في مؤسسة "جيتوليو فارغاس"، لوكالة "فرانس برس" أنّ "زيارة لولا هي إشارة واضحة جداً على رغبته في حوارٍ ثُنائي رفيع المستوى وتعميق هذه العلاقة".

ويقول محلّلون إنّ آمال الصين كبيرة أيضاً، فيما يرى المسؤولون في بكين أنّ البرازيل هي ركيزة أساسية في خططهم الإستراتيجية والاقتصادية.

وستكون أوكرانيا موضوعاً رئيسياً في جدول أعمال الزيارة التي تبدأ رسمياً الثلاثاء، في حين يأمل لولا الترويج لاقتراحه بالتوسط في محادثات لإنهاء الأزمة الأوكرانية.

وكان الرئيس الصيني أجرى محادثاتٍ مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو في وقتٍ سابق من هذا الأسبوع، إذ قدّم نفسه أيضاً وسيطاً، إلا أنّه لم يحقق أيّ اختراقٍ واضح.

وانتقد حلفاء أوكرانيا الغربيون مقترح شي، ووصفوه بأنّه دعمٌ ضمنيٌ لموسكو، لكن لولا يعتبر الصين "حليفاً مهماً" لمبادرته الخاصّة المُتمثّلة بإنشاء مجموعةٍ من الدول تسعى لاتفاق سلامٍ تفاوضي، بحسب الحكومة في برازيليا.

ويعتزم لولا، الذي ترأس البلاد مرتين قبل أن ينتخب لولاية ثالثة أواخر العام الماضي، تقديم البرازيل كوسيطٍ، كما فعل أثناء ولايته الثانية خلال المناقشات النووية بين إيران والولايات المتحدة.

وتعرّض لولا لانتقادات غربية في الآونة الأخيرة بسبب تصريحاته بأنّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "مسؤول" عن الأزمة في أوكرانيا.

ورفض لولا الانضمام إلى الدول الغربية في إرسال أسلحة إلى أوكرانيا.

وقبل أيام، ذكرت وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية أنّ السياسة الخارجية للبرازيل "تثير غضب الغرب"، إذ يبدو أنّ الرئيس الجديد للبرازيل "يعيد تنشيط مبدأ عدم الانحياز السلمي في البلاد".

وفي الأسابيع الأخيرة، أرسلت البرازيل برئاسة لولا وفداً إلى فنزويلا، ورفضت توقيع قرارٍ للأمم المتحدة يدين انتهاكات نيكاراغوا لحقوق الإنسان، وسمحت للسفن الحربية الإيرانية بالرسو في ريو دي جانيرو، ورفضت بشكل قاطع إرسال أسلحة إلى أوكرانيا.

التجارة والاستثمار على رأس جدول الأعمال

وستكون التجارة أيضاً على رأس جدول الأعمال في بكين، فيما سترافق لولا إلى الصين مجموعة كبيرة من رجال الأعمال والوزراء.

وكان بولسونارو زار الصين أيضاً، لكن علاقة البلدين توتّرت بعد انضمامه إلى الرئيس الأميركي وقتها دونالد ترامب في إلقاء المسؤولية على بكين في تفشي جائحة "كوفيد-19".

لكن ذلك لم يُؤثر في الصفقات التجارية، مع تجاوز التبادلات التجارية العام الماضي 150 مليار دولار.

إضافة إلى ذلك، تلقّت البرازيل دفعاً، الخميس الماضي، مع قرار الصين رفع تعليق استمر شهراً لواردات لحوم الأبقار البرازيلية بعد تأكيد حالة "معزولة" لمرضِ جنون البقر في شباط/فبراير الماضي.

وقال مينيزيس إنّ البلاد تريد تعزيز "التجارة والتركيز على تنويع المنتجات.. لكن أيضاً تريد جلب استثمارات صينية وتحقيق تقدّم في مشاريع مُحتملة أخرى".

وأشار إلى احتمالات تطوير تكنولوجيا مثل أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي أو استئناف مشاريع لبناء قطار سريع بين المدن البرازيلية.

وكانت البرازيل الوجهة الرئيسية للاستثمار الصيني في أميركا اللاتينية بين عامَي 2007 و2020، وفقاً لمجلس الأعمال البرازيلي-الصيني، والذي بلغت قيمته 70 مليار دولار.

واستُثمرت تلك الأموال بمعظمها في النفط وتوليد الكهرباء، وأيضاً في صناعة السيارات والآلات الثقيلة والتعدين والزراعة وتكنولوجيا المعلومات.

وتُعدّ البرازيل سوقاً ضخمة للشركات الصينية، مثل مجموعة التكنولوجيا العملاقة "هواوي".

ويُمكن لاتفاقٍ بين البلدين على استخدام اليوان في تجارة ثنائية بملايين الدولارات، أن يُساعد في تدويل العملة الصينية.

وقال إيفان إيليس، الخبير في الشؤون الصينية والروسية في مركز "Center for Hemispheric Defense Studies" للدراسات في واشنطن، إنّ "حجم البرازيل وحجم العلاقة يعنيان أيضاً أنّ التعاون الناجح مع البرازيل يدعم الأهداف الاقتصادية الإستراتيجية العالمية للصين".

شراكة إستراتيجية

وأضاف الخبير إيفان إيليس: "يتعلق الأمر بالتأكيد بالاقتصاد والأعمال، وهناك شراكة تجارية ضخمة، لكن يجب ألا تغيب عن بال أحد حقيقة أنّ هناك أيضاً شراكة إستراتيجية" تستند إلى دور البرازيل القيادي في الدول الجنوبية.

وجعل لولا من الدبلوماسية المتعددة الأطراف أولوية خلال ولايتيه السابقتين، وزار بكين 3 مرات.

وخلال فترة ولايته، أُنشئت مجموعة "بريكس" للاقتصادات الناشئة التي تضم البرازيل والهند والصين وروسيا وجنوب أفريقيا.

وسيلتقي لولا في بكين رئيس الوزراء لي تشيانغ ورئيس الجمعية الشعبية الوطنية تشاو ليغي.

وسيتوجه بعدها إلى شنغهاي، حيث من المقرر أن تتولى حليفته السياسية المحلية ديلما روسيف، التي خلفته في منصب الرئيس في العام 2011، منصب رئيسة مصرف التنمية الجديد المعروف أيضاً بـ"بنك بريكس".

وفي طريق عودته من الصين، سيزور لولا الإمارات لمدّة يومين.

اقرأ أيضاً: "بلومبيرغ": حان عصر الجغرافيا الاقتصادية.. وستُطاح هيمنة واشنطن

اخترنا لك