المشهد | كيف يبني اليمين الأميركيّ عالمه المغلق؟

يتّفق مؤيدو ترامب على أن الحكومة ووسائل الإعلام وشركات التقنية الكبرى تشن عليهم حرب إلغاء باسم الديمقراطية. وبناء على ذلك، بدأ اليمين الأميركي ببناء عالمه المغلق.

  • بعد 4 سنوات من رئاسة ترامب، يصف الجمهوريون الواقع الجديد بأنه تهديد وجودي.
    بعد 4 سنوات من رئاسة ترامب، يصف الجمهوريون الواقع الجديد بأنه تهديد وجودي.

مع الزيادة المذهلة التي حقّقها تطبيق "رمبل"، المنافس لـ"يوتيوب"، بوصوله إلى أكثر من 36 مليون مستخدم، أعرب كريس بافلوفسكي، الرئيس التنفيذي للشركة المالكة للتطبيق، عن ترحيبه بمن يريدون الانضمام إلى مساعي الشركة "لاستعادة الإنترنت الحرّ والمفتوح".

على مدار الفترة الماضية، شهدت شركة "رمبل"  انضمام العديد من المحافظين البارزين إلى منصّتها، وأبرزهم الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي تقول التقارير إنَّه يناقش خيار التعاون مع الشركة بشكل سري. 

تدفّق المحافظين إلى التطبيق لم يقتصر على ترامب، إذ إنَّ النمو المذهل الذي حققه يعود في الأساس إلى توجه اليمين الأميركي إليه على حساب التطبيقات الأخرى.

المشهد

يمثل الانقسام بين "رمبل" و"يوتيوب" صورة مصغّرة عن الانقسام العميق الذي يعيشه المجتمع الأميركي. ويأخذ هذا الانقسام شكلاً أكثر وضوحاً حين يتعلَّق الأمر بوسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي. بعد 4 سنوات مثيرة للجدل من رئاسة ترامب، ومع تبعات خروجه من المشهد السياسي الأميركي، بات الجمهوريون يصفون الواقع الجديد بأنه تهديد وجودي.

يتّفق مؤيدو ترامب على ادعاء مشترك بأنَّ الحكومة ووسائل الإعلام وشركات التقنية الكبرى تحاول إسكاتهم وتشن عليهم حرب إلغاء باسم الديمقراطية. وبناء على ذلك، بدأ اليمين الأميركي ببناء عالمه المغلق.

بين السطور

· تطبيقاً لتوعّد ترامب بالانتقام من شركات التقنية الكبرى التي طردته، يبني اليمين الأميركي عالماً خاصاً به. بدأ ذلك بخلق منصات تواصل اجتماعي بديلة لا تلتزم بمعايير المحتوى التي تتبعها المنصات الأخرى. إلى جانب "رمبل" المنافس اليميني لـ"يوتيوب"، هناك "غاب"، وهو بديل لـ"تويتر"، إضافةً إلى "ميوي"؛ بديل "فيسبوك" الخالي من الإعلانات.

· سجّلت هذه المواقع  حركة مرور عالية في صفوف اليمين الأميركي. تأتي معظم هذه الحركة من أعضاء جدد مؤيدين لترامب، ومؤمنين بنظريات المؤامرة، وغيرهم من المتطرفين اليمينيين.

· بدوره،  أطلق ترامب أيضاً منصته الخاصة "تروث سوشيال"، والتي قيل قبل أيام إنها  تمكنت من جمع مليار دولار من داعمين سريين. 

· لا يقتصر الأمر على شبكات التواصل الاجتماعي، إذ  يدفع المحافظون إلى خلق بدائل للأدوات التقنية الأخرى، من دور النشر إلى شركات التخزين السحابي، وصولاً إلى العملات الرقمية و"هواتف الحرية" الخاصة بالمحافظين.

· إلى جانب ترامب، يقف خلف هذا النظام المغلق عدد كبير من الممولين الذين تجذبهم فكرة خلق عالم خارج القيود التي تُفرض على اليمين الأميركي وأفكاره، على رأسهم الملياردير الأميركي هوارد لوتنيك والمليونير الشاب إريك فينمان، فيما يأتي بعض الدعم من شخصيات غير أميركية أيضاً، مثل رجل الأعمال الصيني غيو وينغي، الذي فر من الصين في العام 2014، على خلفية إدانته بجرائم متعددة.

· يتركّز رهان من يقف وراء هذا العالم اليميني على ميل الناس في العموم إلى سماع ما يريدون على حساب الحقيقة، أو ما يُعرف بـ"القبلية الثقافية" التي تعبر عن خلق بيئة تضخّم معتقداتهم وتعزز وجهات نظرهم من دون مواجهة آراء معارضة.

ما هو المقبل؟

يحذّر العديد من الخبراء الذين يتابعون الحركات المتطرّفة من أنَّ حظر أفرادها من المنصات الرئيسية قد لا يوقفهم، وقد يدفعهم إلى المزيد من السرية، ما سيشكل تحدياً أمام إنهاء الانقسام الحاد في الولايات المتحدة.

من جانب آخر، إن وجود منصات خارج الرقابة مخصّصة لخدمة اليمين المتطرف سيفرص عقبات كبيرة أمام وقف موجة المعلومات المضلّلة والخطاب المحرّض على العنف.

اخترنا لك