المشهد | السعودية.. إعادة تموضع أو البحث عن دور؟
تتخذ السعودية خطوات دبلوماسية إقليمية كبيرة، لكن هذه الخطوات تبدو متثاقلة وسط مشهد يشي بتراجع دور الرياض إقليمياً، في مقابل دور أكثر بروزاً لكل من الدوحة وأبو ظبي.
وصل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى العاصمة القطرية الدوحة، في أول زيارة من نوعها منذ الأزمة الخليجية في العام 2017، في إطار جولة خليجية واسعة تشمل كل دول الخليج.
جاء ذلك عقب اختتام ابن سلمان زيارة إلى الإمارات، التقى خلالها ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، إذ أصدر الجانبان بياناً مشتركاً، أكدا فيه "سعيهما إلى تعزيز التعاون الاستراتيجي وتنسيق مواقفهما بشأن القضايا الإقليمية والدولية".
المشهد
انطلقت جولة محمد بن سلمان الخليجية بعد أن استضافت المملكة أول سباق لها على الإطلاق في "الفورمولا 1"، ومع انطلاق مهرجانها السينمائي الدولي الأول، وفي أعقاب زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كأول زعيم غربي يلتقي ولي العهد السعودي منذ اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
بدأت السعودية في اتخاذ خطوات إقليمية كبيرة على وقع تغير الجغرافيا السياسية في المنطقة، لكن هذه الخطوات تبدو متثاقلة وسط مشهد يشي بتأكل التأثير السعودي في القرار الخليجي، وتراجع دور الرياض إقليمياً، في مقابل دور أكثر بروزاً لكل من الدوحة وأبو ظبي.
بين السطور
• أنهى اتفاق "العلا" مطلع العام الجاري الأزمة الخليجية، معلناً عهداً جديداً في العلاقات السعودية القطرية، لكنه في الوقت ذاته كشف التشققات العميقة في التحالف الإماراتي السعودي، والتي كانت قد بدأت بالظهور في أواخر عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
• لم تكن الإمارات راضية عن الاندفاعة السعودية تجاه المصالحة مع قطر، فيما رأت الرياض أن مصلحتها تتطلب ذلك، لكن العلاقة الشخصية الوثيقة بين محمد بن زايد ومحمد بن سلمان حافظت على هذه الخلافات تحت الطاولة.
• في أعقاب توقيع اتفاقية "العلا"، أخذ توتر العلاقات في منطقة الخليج شكلاً أكثر تنافسية، وساهمت في ذلك لعبة دبلوماسية النفط، إضافة إلى المقاربة الإماراتية للحرب على اليمن. انفتحت الرياض بشكل كبير على سلطنة عُمان، فيما شقت الدوحة طريقاً مستقلاً وصلت فيه إلى أن تكون ممثلة للمصالح الدبلوماسية الأميركية في أفغانستان.
• على وقع هذه التطورات، سارعت أبو ظبي إلى الانفتاح على طهران وأنقرة، وقادت جهود تطبيع العلاقات مع سوريا، في إطار مقاربة جديدة تقوم على أساس خفض التصعيد. كما سعت إلى اللحاق بركب الدوحة، فكثفت مشاركتها في أفغانستان، ووسعت حضورها الدبلوماسي في هذا الملف.
• باستثناء الانفتاح على الدوحة، لم تتخذ السعودية أي خطوة حقيقية في محيط تنفتح دوله بشكل متسارع على بعضها البعض. تواجه دول الخليج منظومة هائلة من التغيرات، على رأسها مستقبل محادثات فيينا، وكذلك الانسحاب الأميركي المرتقب من العراق ومآلات الحرب في اليمن. وتجد الرياض نفسها اليوم في المكانة ذاتها التي كانت فيها أبو ظبي قبل عدة أشهر، ولكن من دون ردود أفعال جدية.
ما هو المقبل؟
يحاول ابن سلمان من خلال جولته تخفيف حدة الخلافات حول بعض الملفات، إضافة إلى إعادة تأهيله كقائد مرغوب فيه في المنطقة، في الوقت الذي تحاول دول الخليج الأخرى إعادة بناء علاقاتها، تحسباً لنتائج الحركة السياسية والاقتصادية الجديدة.
سترسم هذه المتغيرات، إضافة إلى المنافسة المتزايدة في الخليج، مسار الدبلوماسية السعودية في المرحلة المقبلة، لكن يبقى أهم سؤالين: على أي أساس سيتحدد هذا المسار؟ ووفق أي دور؟