السودان: الجيش يوافق على هدنة "إيغاد".. والأمم المتحدة تبحث عن ضمانات أمنية
القتال المستمر في السودان للأسبوع الثالث، يقوّض الجهود المبذولة لتعزيز الهدنة وإيقاف الصراع الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع، تزامناً مع مناشدات أممية بتسهيل مرور المساعدات الإنسانية الضرورية.
أكّد الجيش السوداني، الأربعاء، الموافقة على مبادرة منظمة "إيغاد" لتمديد الهدنة المُعلنة في البلاد، آملاً أن يلتزم طرف الصراع الآخر بمتطلبات الهدنة المقترحة.
وقال الجيش السوداني، في بيان له، إنّه يوافق على اقتراح "إيغاد" تمديد الهدنة 7 أيام، وإرسال مبعوثٍ لإجراء محادثاتٍ مع زعماء كلٍ من جيبوتي وكينيا وجنوب السودان، على أن يجرى هذا الحوار في أي دولةٍ يتم التوافق عليها مع الآلية المناسبة.
وجاء في بيان الجيش "تبدي القوات المسلحة موافقتها على المقترح انطلاقاً من مبدأ الحلول الأفريقية لقضايا القارة، ومراعاةً للجوانب الإنسانية لمواطنينا، مع أخذنا في الاعتبار المبادرة الأميركية السعودية الجارية".
وصرّح مفوّض الأمم المتّحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، الأربعاء، أنّه يعمل على الحصول على ضمانات من طرفي الصراع في السودان، بهدف توفير ممرٍ آمن لتوصيل المساعدات الإنسانية، وذلك بعد تعرّض ست شاحنات محمّلة بالإمدادات الإنسانية للنهب، إضافةً إلى خرق الهدنة الأخيرة بضرباتٍ جوية في الخرطوم.
وقال غريفيث من مدينة بورتسودان، والتي فرَّ إليها عدد كبير من الأشخاص منذ نشوب القتال قبل ثلاثة أسابيع،"ما زلنا بحاجة إلى موافقات وترتيبات للسماح بتنقّل العاملين والإمدادات".
In Port #Sudan, @volkerperthes and I spoke with General Burhan, General Hemedti and civil society leaders.
— Martin Griffiths (@UNReliefChief) May 3, 2023
We stressed that humanitarian aid must reach the people. But we need strong guarantees on the safety and security of aid workers and supplies. pic.twitter.com/cj4tpNApuh
وأوضح المسؤول الأممي للصحافيين، عبر تصريح فيديو، أنّه توجد حاجة إلى موافقات على أعلى مستوى وعلى نحوٍ معلن، لتحويل الالتزامات إلى ترتيباتٍ محلية يمكن الاعتماد عليها، واصفاً البيئة السودانية حالياً بالملتهبة.
وصرّح غريفيث بأنّ برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، أبلغه بأنّ "ست شاحنات كانت متجهة إلى منطقة دارفور، نُهبت في الطريق، وذلك على الرغم من حصولها على تأكيداتٍ بضمان السلامة والأمن".
وتعمل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وشركاؤها، على توسيع جهود الإغاثة مع زيادة المعابر الحدودية من السودان. وتقدّر المفوضية أن أكثر من 100 ألف لاجئ قد فرّوا من السودان حتى الآن إلى البلدان المجاورة، مُشيرةً إلى أنّ هذا الرقم سيتضاعف بشكلٍ كبير.
أسبوعٌ ثالثٌ من القتال
كذلك، أفادت وكالة "رويترز"، نقلاً عن شاهد عيان، أنّ دوي ضرباتٍ جوية تردّد في العاصمة السودانية الخرطوم، الأربعاء، وذلك رغم موافقة طرفي الصراع على وقفٍ جديد لإطلاق النار لسبعة أيام، اعتباراً من الخميس، ما قوّض فرص صمود الهدنة.
وأعلن دفع الله الحاج، مبعوث قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، إلى القاهرة قبول الجيش مبادرة الهدنة السعودية- الأميركية، وليس وساطةً لحل النزاع.
ولم يتضح بعد ما هي نية كل من قائد الجيش السوداني، وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، بعد تجديد القبول بالهدنة، وتجديد خرقها لعدة مرات.
كما لم يظهر قادة الجيش ولا قادة قوات الدعم السريع أيَّ مؤشرٍ على التراجع عن مواقفهم، ولا يبدو أيضاً أنّ أيَّ طرفٍ منهما قادر على تحقيق حسم ميداني نهائي.
ودخل القتال حالياً أسبوعه الثالث، كما تدور معارك أساسية في العاصمة الخرطوم، وهي واحدة من أكبر المدن في القارة الأفريقية.
وتسبب الصراع في مقتل المئات حتى الآن، وقالت وزارة الصحة السودانية في آخر حصيلةٍ أعلنتها، الثلاثاء، إنّ 550 شخصاً قتلوا نتيجة الاشتباكات، وأصيب 4926 شخصاً آخرين.
وتختتم حكومات أجنبية عمليات إجلاءٍ لرعاياها، كما تمّت إعادة الآلاف إلى بلادهم. وقالت الحكومة البريطانية إنّ آخر رحلةٍ جوية ستغادر "بورتسودان"، ستنطلق الأربعاء، كما حثّت أيَّ بريطانيين متبقين في السودان ويريدون المغادرة على التوجه إلى هناك.
ودفعت المعارك المتواصلة بين الجيش وقوات الدعم السريع الكثير من الدول إلى تكثيف جهودها لإجلاء رعاياها أو أفراد البعثات الدبلوماسية، براً وبحراً وجواً.
وقد بحث المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، الأربعاء، مع السفير المصري في موسكو، نزيه النجاري، تطوّر الأوضاع في السودان.
تعدٍّ على البعثات الدبلوماسية
أبلغ السفير الهندي في السودان الجيش السوداني، باقتحام سفارة بلاده ونهبها واستباحتها تماماً، وسرقة بعض ممتلكات السفارة من قبل مسلحين.
وأوضح الجيش، في بيانٍ له، أنّ أعمال كسر ونهب للبنوك مستمرة. كما قام مسلحون بكسر ونهب العديد من المحلات التجارية في منطقة محيط "استاد الهلال" في أم درمان، وأيضاً، قاموا بنهب وقود من محطة "مخطط اللؤلؤة".
من جانبها، قالت وزارة الخارجية السعودية في بيانٍ رسمي، إنّ مجموعات مسلحة اقتحمت مبنى ملحقيتها الثقافية في السودان، الثلاثاء.
واستنكرت الخارجية السعودية اقتحام مبنى ملحقيتها، كما دعت إلى احترام حرمة البعثات الدبلوماسية ومعاقبة الجناة، مجدّدةً دعوتها لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في البلاد، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للدبلوماسيين والمدنيين.
بدوره، أعلن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أنّ بلاده تدرس نقل سفارتها في السودان من الخرطوم إلى مدينة بورتسودان، بشكلٍ مؤقت، وذلك نتيجةً للاشتباكات الكثيفة.
ولفت جاويش أوغلو إلى أنّ المنطقة التي توجد فيها السفارة التركية وباقي البعثات الدبلوماسية، في الخرطوم، تشهد تواصلاً للاشتباكات المكثفة، ووجوداً لطرفي الصراع الدائر، قوات الجيش وقوات الدعم السريع.
وطالبت الآلية الثلاثية، بعد اجتماعها الطارئ في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بوقف الاقتتال السوداني بشكلٍ فوري، وشدّدت على أهمية فتح ممرات آمنة، وتقديم المساعدات الإنسانية، وذلك في جديد المساعي الدبلوماسية لإنهاء الصراع المسلح.
من جانبه، كشف مدير ديوان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، محمد حسن ولد لبات، عن خطة للاتحاد تتكوّن من 4 نقاط أساسية لحل الأزمة السودانية، تمّ التفاهم عليها خلال اجتماع الآلية الثلاثية، مؤكّداً أنّ الحل يجب أن يكون بين السودانيين، وألّا يُفرض عليهم من جهاتٍ خارجية.