استطلاع رأي: الحرب على غزة باتت مصدر القلق الجيوسياسي الأول جنوب شرق آسيا
استطلاع رأي وجد أنّ الحرب الإسرائيلية على غزة، على الرغم من بعدها الجغرافي عن جنوب شرق آسيا، أصبحت مصدر القلق الجيوسياسي الأول في المنطقة، متجاوزةً حتى نزاعات بحر الصين الجنوبي.
أصبحت الحرب الإسرائيلية على غزة، على الرغم من بعدها الجغرافي عن جنوب شرق آسيا، مصدر القلق الجيوسياسي الأول في المنطقة، متجاوزةً حتى نزاعات بحر الصين الجنوبي، وفقاً لمسح "وضع جنوب شرق آسيا 2024" (SSEA 2024).
وخلافاً للحرب الروسية الأوكرانية، التي احتلت المرتبة الثالثة بين أكثر المخاوف إلحاحاً بالنسبة للمستجيبين، فإنّ الوضع في غزة خلّف "صدىً عميقاً"، بحسب ما ذكر مركز الأبحاث السنغافوري "فولكروم".
وأشار المركز إلى أنّ هذا القلق المتزايد مفهوم، لأنّ أكثر من 40% من سكان جنوب شرق آسيا مسلمون، وأغلبهم يقيمون في إندونيسيا وبروناي وماليزيا. إضافة إلى ذلك، فإنّ دولاً مثل سنغافورة، حيث يشكّل المسلمون نحو 15% من سكانها، أعطت الأولوية لهذا الصراع باعتباره مصدر القلق الأكبر لحكوماتها.
وبحسب ما تابع المركز، "لم يؤثر الصراع بشكلٍ كبير على السياسة الداخلية للدول ذات الأغلبية المسلمة في جنوب شرق آسيا فحسب، بل أثار أيضاً آراء مثيرة للانقسام داخل المنطقة".
ولفت "فوركروم" إلى أنّه في المراحل الأولى من الحرب بعد هجمات 7 أكتوبر، أبدَت دول جنوب شرق آسيا مجموعة من المواقف، وسرعان ما أدانت دول مثل سنغافورة والفلبين هجمات حماس، في حين أعربت دول أخرى مثل إندونيسيا وماليزيا عن تضامنها مع الفلسطينيين.
وقد تجلّى هذا الاختلاف في بيان وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، الذي أشار إلى المواقف الوطنية المتنوّعة بشأن الحرب، وفق "فولكروم".
العدوان الإسرائيلي ذهب إلى أبعد من اللازم
ومع استمرار الحرب على غزة بعد مرور ستة أشهر، والتي تميّزت بتطورات وتصاعد في عدد الضحايا، بما في ذلك عمال الإغاثة، وتدهور الوضع الإنساني، ظهرت وجهات نظر متعددة وما زالت تتطور.
تمّ إجراء استطلاع "SSEA 2024" في كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير 2024، وحتى في ذلك الوقت، أعربت شريحة كبيرة من المشاركين الإقليميين (41.8%) عن مخاوفهم من أنّ العدوان الإسرائيلي على غزة قد ذهب إلى أبعد من اللازم.
وقد سادت هذه المشاعر بين معظم دول رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، حيث احتلت الدول الثلاث ذات الأغلبية المسلمة زمام المبادرة: بروناي (79.2%)، وإندونيسيا (77.7%)، وماليزيا (64.4%).
وبلغت نسبة المشاركين من سنغافورة الذين شعروا بالأمر نفسه 46.2%. وتعكس آراء هؤلاء السنغافوريين التصريحات القوية التي أدلى بها وزير الخارجية السنغافوري، فيفيان بالاكريشنان، في مناسبات متعددة، حيث حثّ "إسرائيل" على إعطاء الأولوية لسلامة وأمن المدنيين، خاصة خلال زيارته الأخيرة إلى الشرق الأوسط.
وبعيداً عن المشاعر الملموسة لسكان المنطقة، فمن الواضح أنّ تداعيات هذه الأزمة ستكون كبيرة، خاصة إذا تصاعدت إلى صراعٍ أوسع يشمل المزيد من دول الشرق الأوسط، وفق مركز "فولكروم".
ولفت المركز إلى أنه في البلدان ذات الأغلبية المسلمة، مثل إندونيسيا، وماليزيا، وبروناي، وبالنسبة للمشاركين في ميانمار وفيتنام، كان التخوّف السائد هو تضاؤل الثقة في القانون الدولي والنظام القائم على القواعد.
وأوضح أنّ ماليزيا وإندونيسيا عارضتا لعقودٍ من الزمن، بشدة وبصوت عالٍ، الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وقد تمّ التعبير عن إدانات رسمية مؤخراً في إجراءات محكمة العدل الدولية.