"إسرائيل" في أذربيجان ومناورات إيرانية.. ما هي خلفيّات التوتر بين باكو وطهران؟

إن أغلبية الأعمال الاستخبارية التجسسية الإسرائيلية تنطلق من الأراضي الأذربيجانية ضد إيران، بحيث أعطت أذربيجان موطئ قدم لـ"إسرائيل".

  • المناورات تضمنت اختبار طرازين من سلاح جديد مضاد للدروع وفق ما أعلنه الجيش الإيراني (رويترز)
    المناورات تضمّنت اختبار طرازين من سلاح جديد مضاد للدروع، وفق ما أعلنه الجيش الإيراني (رويترز)

قال مُحلل الميادين للشؤون الإيرانية والإقليمية، ملحم ريّا، إنّ "للتوتر بين إيران وأذربيجان أسباباً طارئة وأسباباً سابقة"، موضحاً أنّ "أذربيجان في الأصل تُعَدّ أرضاً إيرانية، احتلتها روسيا بعد الحرب عام 1911".

وأضاف ريّا أنّ "العلاقات لم تكن ودية طوال عدة عقود بين الطرفين بسبب تحركات أذربيجان وتصرفاتها، ولاسيما تحريضها الأذريين الإيرانيين، واستقبالها أيضاً الأذريين الانفصاليين الإيرانيين، الذين ينطلقون من الأراضي الأذربيجانية للقيام بأعمال ضد الأمن القومي الإيراني". 

وتابع أنّ "الأمر الطارئ والجديد هو دخول الموساد الإسرائيلي على الخط، بحيث أعطت أذربيجان موطئ قدم لـ"إسرائيل""، مشيراً إلى أنّ "أغلبية الأعمال الاستخبارية التجسسية الإسرائيلية تنطلق من الأراضي الأذربيجانية ضد إيران".

ولفت ريّا إلى أنّ "الحدث الطارئ على الساحة اليوم، هو تعرُّض أذربيجان لسائقي الشاحنات الذين ينقلون البضائع من إيران عبر أرمينيا، من خلال محاولتها فرض غرامات على سائقي الشاحنات عبر ممر كابان، وهو الممر الأصلي الذي يربط إيران بأرمانستان، ثم بأوروبا".

  • ممر كابان: هو الممر الأصلي الذي يربط إيران بأرمانستان من ثم بأوروبا
    ممر كابان: هو الممر الأصلي الذي يربط إيران بأرمانستان، ثم بأوروبا

وأوضح ريّا أنّه "بعد الحرب في ناغورنو كراباخ، احتلت أذربيجان أراضي أرمينية، وتدّعي اليوم أن هذه الشاحنات تمرّ بطريقة غير شرعية، وأنها أراضٍ أذريه"، مضيفاً "إلا أنّ إيران تقول إن أذربيجان تقدمت بطريقة غير شرعية، مخالفةً في ذلك اتفاق وقف اطلاق النار، والذي جرى برعاية روسية، والذي يقضي بتوقف كل طرف أرميني وأذربيجاني عند النقطة التي توصلا إليها، لكن أذربيجان تقدمت بعد ذلك".

وشدَّد على أنّ "الرسالة التي توجّهها إيران، من خلال هذه المناورات، هي أنه لن تسمح بأن تصبح المنطقة الشمالية وحدودها، بصورة عامة، مسرحاً للأنشطة الإسرائيلية، وللجماعات الإرهابية، على نحو يُهدّد مصالحها القومية"، مؤكداً أنه "إلى جانب هذه الرسالة العسكرية، هناك تحركات ديبلوماسية إيرانية فاعلة لتطويق هذه الأزمة، لأن هذا ما ترغب فيه إيران في الوقت الحالي".

ما هو الدور الإسرائيلي الذي تحذّر منه طهران في أذربيجان؟ 

وبيّن مُحلّل الميادين للشؤون الإيرانية والإقليمية أنّ "هناك علاقة جيدة جيداً بين أذربيجان و"إسرائيل"، منذ عدة سنوات، وأنّ المسيّرات الإسرائيلية أدّت دوراً مهماً في الحرب ضد أرمينيا"، مشيراً إلى أنّ "ما تستفيد منه "إسرائيل" هو الجانب الاقتصادي، وخصوصاً في مجال الطاقة، بما أن أذربيجان دولة نفطية".

وأضاف ريّا أنّ "هناك جانباً استخبارياً من خلال اعتماد أذربيجان منصةً للقيام بأعمال استخبارية ضد إيران، من أجل إثارة الفتنة الداخلية والتفرقة القومية. كما أن هناك جانباً عسكرياً"، لافتاً إلى "أنّ القواعد العسكرية الأذربيجانية تفيد جداً "إسرائيل" في أي حرب مقبلة، لأنها تقلل المسافات، كما تقلّل التكلفة، عسكرياً ومادياً، وتقلّل الخطر على الطيران الإسرائيلي".

أمّا الجانب الاستراتيجي لعلاقة أذربيجان بـ"إسرائيل"، فاعتبر ريّا أنه "من أجل محاولة زعزعة أمن المنطقة، كما زعزعة علاقة إيران بجيرانها، وخصوصاً المبادلات التجارية الإيرانية مع دول الجوار، لأن "إسرائيل" تعلم بأن خطة إيران حالياً هي تعزيز علاقاتها بدول الجوار ودول آسيا لمواجهة العقوبات".

وبحسب ريّا، "تحاول "إسرائيل" أن تعتمد خطة كان الإعلام الإسرائيلي تحدث عنها، وهي خطة "الألف خنجر" بدلاً من المواجهة المباشرة مع إيران".

كما لفت إلى أنّ وسائل إعلام إسرائيلية كانت تحدثت عن أنّ "أذربيجان، بالنسبة إلى إسرائيل، هي كلبنان بالنسبة إلى إيران".

ما علاقة تركيا بهذا الصراع؟

وعن الدور التركي، أكد ملحم ريّا أنّ "المخططات والأطماع التركية هي أخطر من الأطماع الإسرائيلية تحديداً في تلك المنطقة، إذ برزت هذه المطامع من خلال الدعم التركي الواسع لأذربيجان ضد أرمينيا، والتصريحات التي تلت تلك الحرب، وخصوصاً في العرض العسكري الذي جمع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ونظيره الأذري إلهام علييف، بعد حرب ناغورنو كراباخ، والتي أثارت جدلاً واسعاً في إيران".

وبحسب ريّا "تحاول تركيا تغيير في جغرافية المنطقة، وخصوصاً أنّ مشروع إردوغان وحلمه هما إنشاء امبراطورية تجمع القومية التركية، الأمر الذي سيشكل خطراً على وحدة الأراضي الإيرانية وسيادتها".

وفي وقت سابق، كشف الدبلوماسي الإيراني السابق أمير موسوي وصول معلومات إلى إيران بوجود 1000 عنصر إسرائيلي، و1800 عنصر من "داعش" داخل أراضي أذربيجان.

وقال موسوي، في حديث إلى الميادين، إن "الحشود الإيرانية العسكرية عند الحدود تحمل تحذيراً لباكو بعدم اللعب بالنار"، مؤكداً أن "الرسالة الإيرانية جادة، ومفادها أن طهران لن تسمح للدواعش والإسرائيليين بتهديد استقرار المنطقة".

بدوره، قال وزير الدفاع الإيراني، محمد رضا آشتیانی، اليوم السبت، إنّ أعداء إيران سيدفعون ثمناً باهظاً، مشدّداً على أن أعداء إيران سيواجهون حتماً ردّاً مدمراً، وسيتحمّلون تكلفة باهظة في مقابل أي تصرفٍ غبي وجاهل.

وتزامنت هذه الموقف مع مناورات الجيش الإيراني "فاتحي خيبر" قرب الحدود مع أذربيجان، والتي انطلقت، أمس الجمعة، في إيران، بحضور قائد القوات البرية للجيش الإيراني، العميد كيومرث حيدري، وهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة. وجاءت هذه المناورات بمشاركة لواءي الدروع الـ 216 والـ 316، واللواء الـ 25، ومجموعة المدفعية الـ 11، ومجموعة الحرب الإلكترونية، والمجموعة الـ 433 للهندسة القتالية، وبدعم من مروحيات طيران الجيش.

اخترنا لك