هنا قدرنا..صامدون في حي الزهراء في حمص
لم يكتف الإرهاب بعد من سرقة سوريا من حضن أهلها، أحياؤها نطقت بشهادة موت سكانها. هي وحدها شاهدة على صور الدمار والقتل، هي وحدها قادرة على محاكاة واقع مرير لم تخطط له محافظة حمص يوماً.
مختار حي الزهراء مصطفى العبود يؤكد للميادين نت على عزيمة الأهالي وصمودهم بوجه الإرهاب. "اليوم قذيفة وغداً صاروخ وما بعده انفجار، لا داعشي أو إرهابي سيفرض علينا كيف سنعيش في حي الزهراء في حمص". بعد الانفجار يكون الجميع يداً بيد. يتعاونون مع أطقم الاسعافات ويعملون على فتح الطرقات وتنظيم السير."27 انفجاراً منهم مزدوج و منهم ثلاثي، أوصلنا إلى مرحلة نؤمن بأن من يأخذ الروح إنما هو في السماء وليس على الأرض، ونحن مؤمنون بقدرنا"، يقول العبود. تعبّر منطقة حي الزهراء بعد كل انفجار عن قوة إرادة الحياة في سوريا، ويعبّر أهلها عن تعلّقهم بأرضهم، "فمن يترك الأرض لا يشعر بدفئها يوماً وسيموت عدة مرات كل يوم". الانفجار الأخير كان كفيلاً بأن يغير معالم حي عمرها أكثر من أربعة عقود. بعد كل انفجار يلملم حي الزهراء أوجاعه. الخوف والترقب سيّدا الموقف. كميات هائلة من المتفجرات دخلت الى هذه المنطقة ويتسآل أهالي حي الزهراء كيف دخلت ومن أين؟ ينتظرون الموت ولكن لا يغادرون. ماتت الطفلة "لين" تحت الأنقاض. تقول أمّها إنها كانت كالدمية النائمة. "حملتها وصرخت لكنني لم أبكها. قلت لعمها، ماتت لين". تتغير أساليب الإرهاب ولا تتغيّر عزيمة أهل الحي. "صامدون" كلمة لا تفارق عبارتهم حتى وإن ملأها الغضب والقهر. كلمة تُكتب على الجدران المدمرة بالأحمر القاني.في الزهراء تختلف الحكايات بين منزل وآخر. قد يبدو للجميع أن الحال بين عائلة وغيرها متشابه، فبين العائد من كويرس بعد حصار طويل وتستشهد أمه في الزهراء وبين صبية تنتظر والدتها كما كل يوم لتزورها في الصيدلية، فتستشهد الصبية وتكمل الأم حياتها ببكاء وحيدتها، مسافة جدار واحد وقصة ألم وصمود كبيرين. تسير مواكب التشييع بين الأنقاض وتصير أضرحة الشهداء محجاً ووجهة مقدسة. يعود الأهالي من وداع الأحبة، وتنصب شوادر العزاء ويبدأ معها ترميم المنازل ولملمة الجراح والإصرار على الاستمرار. "أقسى أنواع الألم هو الاعتياد، لكنه يحمل معانٍ أعمق من الظاهر، فالمعتاد هو من يرفض الهزيمة والاستسلام يقاوم ويقاوم كي لا يكون خياره. لو لم يبق غيري هنا لن أغادر الزهراء" تقول هناء العلي ابنة حي الزهراء.