الانسحاب الأميركي من أفغانستان.. "إسرائيل" قلقة من تداعياته في المنطقة
بعض قادة الاحتلال الإسرائيلي يعتبرون أن الانسحاب الأميركي من أفغانستان متسرع وغير مدروس. ويقول مراقبون إنه إذا أقدمت الولايات المتحدة على انسحابات أخرى وخاصة من العراق وسوريا، يشكل ذلك خطراً استراتيجياً على الاحتلال الإسرائيلي.
مع خروج آخر جندي أميركي من أفغانستان بعد 20 عاماً من التدخل العسكري، زاد الخوف الإسرائيلي في الآونة الأخيرة من هذا الانسحاب لأكثر من سبب، كما طرحت أسئلة كثيرة تخص الوجود العسكري الأميركي في العالم، خصوصاً في العراق وسوريا.
يقول مراقبون إنه إذا أقدمت الولايات المتحدة على انسحابات أخرى وخاصة من العراق وسوريا، يشكل ذلك خطراً استراتيجياً على الاحتلال الإسرائيلي، لأنها تدفع بحركات المقاومة إلى إحكام الطوق أكثر وأكثر حول رقبة الاحتلال.
رئيس الموساد السابق يوسي كوهين ذكر في مقال له في صحيفة "يديعوت أحرونوت" إنه "بعد سقوط أفغانستان في يد طالبان، ينبغي على "إسرائيل" الخشية من انسحاب أميركي من العراق، ومن ازدياد الحضور الإيراني هناك"، مضيفاً أن "الانسحاب الأميركي من أفغانستان، يجب أن يثير فينا التفكير والقلق من الخطر الملموس الكامن في انسحاب محتمل إضافي للولايات المتحدة، وهذه المرة من العراق".
واعتبر بعض قادة الاحتلال أن "الانسحاب الأميركي من أفغانستان متسرع وغير مدروس سيساعد بالتمدد الإيراني". في وقت تسعى "إسرائيل" إلى إقناع الولايات المتحدة بترتيب تحالف استراتيجي في المنطقة مهمته مجابهة إيران، ومكافحة نشاطاتها في المنطقة، وهذا ما كشف عنه لقاء بايدن وبينيت قبل أيام في واشنطن.
أميركا تتذرع بمحاربة الإرهاب
في هذا الصدد، قال الباحث الأفغاني خواجة محمد عصامي للميادين نت إن "أميركا تتذرع بمحاربة الإرهاب من أجل تنفيذ مصالحها السياسية والاقتصادية" في الدول التي دخلتها. ورأى أن الولايات المتحدة الأميركية أرادت أن "تستقل بمعادن وخيرات أفغانستان وآسيا الوسطى، لكنها تجاهلت تماماً التاريخ الأفغاني فى حروبه ضد المحتلين".
أما عن تداعيات الانسحاب الأميركي من أفغانستان، بحسب عصامي، فإنها "جعلت حلفاءها في كل من العراق وسوريا ومنطقة الشرق الأوسط في ورطة عسكرية وسياسية غير محسوبة تأثيراتها على المنطقة".
إذ إن "موقف الديمقراطيين الذين هم الآن على رأس دفة الحكم في الولايات المتحدة، تهتم سياستهم بتقوية أميركا داخلياً بعيداً عن حروب عسكرية خارج البلاد، بخلاف الجمهوريين الذي أشعلوا فتيل الحرب في أفغانستان والعراق وغيرها من المناطق أيام جورج بوش الإبن"، وفق عصامي.
وقال إن "انفراد طالبان بالحكم في أفغانستان تعني لـ"إسرائيل" وأميركا وحلفائها تنشيط القوة العسكرية ضدهم"، معتبراً أن "المخاوف الإسرائيلة هي حقيقية لأن الوزراء السابقين والمفكرين السياسيين والقادة في "إسرائيل" كلهم قلقين من وصول طالبان إلى سدة الحكم في كابول"، بعد الانسحاب الأميركي.
خصوصاً أن هناك تقارير إسرائيلية تحدثت عن الضعف الأميركي في المنطقة، حيث اعتبر بعض المحللين الإسرائيليين أن "الولايات المتحدة غير قادرة على حماية أمنها في المنطقة، كيف لها أن تدافع عن الأمن الاسرائيلي".
حيث قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية إن "الانسحاب الأميركي من أفغانستان، يثير في "إسرائيل" التفكير والقلق من الخطر الملموس الكامن في انسحاب محتمل إضافي لأميركا من العراق، والنتيجة يمكن أن تكون تعزيز الحضور العسكري والسياسي لإيران في الشرق الأوسط".
الانسحاب الأميركي أحدث ثغرة في الأمن القومي الإسرائيلي
من جهته، قال الخبير الاستراتيجي أحمد الشريفي للميادين نت، إن الانسحاب الأميركي من أفغانستان "أظهر جملة حقائق منها أن هناك تهديدات يمكن أن نصفها بالتهديدات الكامنة والتي لا تستطيع واشنطن أن تسكتها"، مضيفاً أن "هذا الانسحاب قد يمهد إلى انسحاب القوات الأميركية من العراق وسوريا أو من شأنه أن يقلص الوجود الأميركي في هذين البلدين".
الشريفي أضاف أن "هذا الانسحاب سيجعل ما يطلق عليه بـ"العمق الاستراتيجي لإسرائيل" (المتمثل في مناطق جغرافية تمتد من العراق وصولاً إلى سوريا) مكشوف من قبل محور المقاومة، وكذلك ما يطلق عليه أمن الجبهة الداخلية لـ"إسرائيل" وهو ضمن الحزام السوري والداخل الفلسطيني المحتل"، موضحاً: "كلها مخاوف تعززت بعد الانسحاب من أفغانستان".
أحدث الانسحاب الأميركي ثغرة في توازن القوى الإقليمية، خصوصاً أن "إسرائيل ترتكز بأمنها القومي على تحالفها مع الولايات المتحدة"، وفق الشريفي. إذ "لا يمتلك الاحتلال الإسرائيلي عمقاً استراتيجياً للمناورة"، وأضاف أن "جغرافية إسرائيل على المستوى العسكري محدودة، وبالتالي إذا حصل هجوم جوي عبر الصواريخ البالستية أو هجوم بري لا تستطيع "إسرائيل" أن تناور عبر الانسحاب وإعادة تنظيم ثم الهجوم المباغت"، موضحاً أن "إسرائيل تخشى الحروب الخاطفة لا سيما في ظل تنامي القدرات الصاروخية التي أسقطت نظرية حصانة الجبهة الداخلية".