الأحزاب الإيرانية.. دورها وأهميتها في الحياة السياسية
يتميز الحراك السياسي في إيران بوجود تنوع حزبي كبير، رغم أن الكثيرين يرونه منحصراً في تيارين رئيسيين، إلا أنه في الحقيقة حراك سياسي متنوع وحقيقي وحتى ضمن التيار الواحد.
شهدت إيران بعد الثورة الإسلامية حراكاً سياسياً مميزاً، نتج بشكل أساسي عن تأسيس مجموعة كبيرة من الأحزاب والتيارات والجمعيات السياسية، وإن كان الغالب على السياسة في إيران أنها تنقسم بين "إصلاحية" أو "أصولية"، إلا أن ما لا يعرفه الكثيرون خارج هذا البلد أنه هناك عشرات الأحزاب التي تنضوي ضمن هذين العنوانين العريضين، وتختلف فيما بينها في التفاصيل.
تضمن المادة 26 من الدستور الإيراني حرية عمل الأحزاب والجمعيات والاتحادات المهنية، وبموجب هذه المادة صدرت عدة لوائح وقوانين لتنظيم عمل الأحزاب، كان آخرها القانون الصادر عام 2016.
لا يحتاج تأسيس حزب سياسي أو جمعية في إيران سوى التقدم بطلب إلى لجنة الأحزاب في وزارة الداخلية، والتي تشترط توقيع الطلب من قبل 15 عضواً من التابعية الإيرانية.
الموقعون على الطب يتعهدون بالالتزام بعدة ثوابت من بينها الإيمان بالجمهورية ووحدة الأراضي الإيرانية واستقلال البلاد.
أبرز الأحزاب في إيران
تصنف الأحزاب والجمعيات في إيران تبعاً لعقيدتها وأيديولوجيتها إلى 4 اتجاهات وهي: اتجاه يعرف باسم "أمة حزب الله" - اتجاه الوسط - الاتجاه اليميني - اتجاه اليسار.
وتقليدياً يجري تقسيم الأحزاب والجمعيات إلى تيارين واسعين هما الأصولي والإصلاحي، في حين بدأت في الآونة الأخيرة تظهر ملامح التيار الثالث المنبثق عن اتجاه الوسط التقليدي.
يبلغ عدد الأحزاب في إيران 96 حزباً وجمعية من بينها 12 جبهة سياسية تضم بدورها عدة تشكيلات.
أبرز الأحزاب والجمعيات الأصولية الفاعلة والناشطة:
حزب المؤتلفة الإسلامي: يعد من أعرق الأحزاب الإسلامية ويقوده أسد الله بادمجيان.
جبهة الثبات: تضم عدة جمعيات وأحزاب وشخصيات سياسية، ويقودها صادق محصولي وزير الداخلية الأسبق.
جمعية علماء الدين المجاهدين: كان لديها الأغلبية في عدد من الدورات البرلمانية، وهي من أكبر الجمعيات السياسية في إيران، يقودها رجل الدين إمام الجمعة المؤقت في طهران محمد علي موحدي كرماني.
جبهة السائرين على خط الإمام.
جمعية المهندسين الإسلامية.
جمعية مضحي الثورة الإسلامية.
أحزاب التيار الاصلاحي: تندرج تحن عنوانه العشرات من الأحزاب، وأبرزها:
الجبهة الإصلاحية: تضم 31 حزباً ومنظمة سياسية ذات توجه إصلاحي.
حزب كوادر البناء: تأسس عام 1996 خلال ولاية أكبر هاشمي رفسنجاني، يقوده محسن هاشمي رفسنجاني، ومن أبرز قياداته حسين مرعشي وكرباسجي.
حزب الديمقراطية: يرأسه مصطفى كواكبيان، وتم تشكليه بهدف استكمال مسيرة الرئيس الأسبق محمد خاتمي الإصلاحية.
حزب الاعتماد الوطني (الثقة الوطنية): يعد الشيخ مهدي كروبي الأب الروحي له، وتأسس في العام 2005.
حزب الجمهورية: بقيادة الشيخ رسول منتجب نيا، الذي كان نائباً للشيخ كروبي.
مجمع علماء الدين المناضلين: تأسس عام 1987 ويقوده الشيخ مجيد أنصاري عضو مجلس الشورى الإسلامي سابقاً.
وفي ظل هذا العدد الكبير للأحزاب والتنوع في اتجاهاتها، تقوم جمعية باسم "بيت أحزاب إيران"، يترأسها في الوقت الحاضر شهاب الدين صدر، بالعمل على تقليل الاختلافات والتقريب بينها.
مفهوم الأصولية والإصلاح في السياسة الإيرانية؟
يختلف تعريف الأصولية بين الأيديولوجيات السياسية السائدة الكلاسيكية، إلا أنه في إيران يأخذ معنى مختلفاً أو متمايزاً، حيث يشير المرشد الإيراني في شرحه المبسط لهذا التعريف، إلى أن المبدأ الأول لهذه الأصولية، المتعلقة بالإسلام والثورة الإسلامية، هو "تركيز الأسس الإيمانية النيّرة الثابتة في أذهان الشباب وتربيتهم بعيداً عن الخرافات والتشتت الفكري، الإيمان الناصع، الإيمان بالدين، بالنظام، بالشعب، بالمستقبل، بالنفس، باستقلال البلاد والوحدة الوطنية، إيماناً ليس فيه شيء من التعصب والتفرقة".
أما الإصلاحيون (طُلّاب الإصلاح) فيختلف أيضاً تعريفهم في إيران، فيُعرّفه المرشد الإيراني بتعريفين مُبسّطين يقول فيهما: "إن الإصلاحات يجب أن تكون مضبوطة ومبنية على أسس ومعايير تندرج ضمن الخط الإسلامي والإيراني. ومعيار الإصلاحات هو دستور البلاد، وعلى هذا الأساس تُجرى الإصلاحات، ونحن بحاجة لها. كإصلاح وتصحيح أي طغيان للتعصب على أي قرار، فهذا التعصب في القرارات غير محق، وهو ليس إلا تضعيفاً للدستور ومحاربة للإسلام ولاستقلال البلاد".
دور الأحزاب في الحياة السياسية في إيران
يرى عدّة منظرون ايرانيون، أن الأحزاب السياسية لديها ارتباط عميق مع كل الوجوه السياسية وبالخصوص في الانتخابات، وهي من خلال تنظيمها تعمل على ادراج الفكر والتوجهات السياسية الموجودة في مجتمعها، فتكون في آن واحد عامل جمع وتقسيم، جمع للطروحات والأفكار المشتركة بين الاطياف في اطار حزب يجمع هذه الأفكار وتقسيمًا للآراء المتفاوت بحيث يستطيع أي فرد من الشعب تأييد طروحات حزب يعكس أفكاره فيما يؤيد فرد آخر حزبًا متفاوتًا بحسب تفاوت أفكاره.
الانتخابات التي تُجرى في إطار الأحزاب هي أرفع من تلك التي تجري دونها، فوجودها يرفع عدد المرشحين من جهة ويزيد من تمثيل الأفكار المختلفة لأفراد الشعب بصورة هؤلاء المرشحين، وبالدرجة الثالثة تُحصّل وجود برامج انتخابية ينتخب الشعب على أساسها لا على أساس اعتبارات شخصية أو عاطفية.
علاوة على ذلك فالأحزاب لديها أدوار في مراقبة الانتخابات وضمان حُسن جريانها، إن كان من موقعها السلطوي المُنتخب قبلًا أو من خلال فعالياتها في الانتخابات في إحصاء الأصوات وتقييم النتائج، وذلك يعزز أيضًا قبولها للخسارة أو الفوز.
في النتيجة يُظهر اشتراك الأحزاب في الانتخابات نوعًا من العلاقة مع تحقيق الديمقراطية، فمن جهة نفس وجود الأحزاب هو معيار لتحققها، ومن جهة هي تضمن مشاركة الأطياف المختلفة من الشعب على اختلاف أفكارهم.