بريطانيا والمفوضية الأوروبية بانتظار اتفاق تجاري لما بعد "بريكست"
ساعات حاسمة تعيشها بريطانيا بعد مفاوضات متعثرة بشأن مستقبلها التجاري مع الاتحاد الأوروبي، قبيل الوصول إلى اتفاق بريكست.
ينتظر الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، اليوم الخميس، بفارغ الصبر وبعد عشرة أشهر من المفاوضات المتعثرة، اتفاقاً تاريخياً بشأن علاقتهما التجارية المستقبلية، يسمح لهما بأن يتجنبا في اللحظة الأخيرة "بريكست بلا اتفاق" والذي ستكون عواقبه الاقتصادية وخيمة.
وحتى الساعات الأولى من صباح اليوم، لم يعلن عن أي اتفاق، بينما تواصلت المفاوضات طوال ليل الأربعاء الخميس.
وكان مصدر أوروبي أشار أمس الأربعاء إلى "احتمال كبير" للتوصل إلى اتفاق خلال الساعات المقبلة، بينما لفت رئيس الوزراء الإيرلندي ميشال مارتن في تصريحات لقناة "آر تي اي" عن "مؤشرات إيجابية".
كما صرّح مصدر في الحكومة الفرنسية بأن البريطانيين قدموا "تنازلات هائلة" لا سيما في مجال صيد السمك، حجر العثرة الأخير في المفاوضات.
لكن مصدراً دبلوماسياً قال إن "الجانب البريطاني قام بتحركات، لكن الشيطان يكمن في تفاصيل النصوص، ونحن لم نصل إلى ذلك بعد". مضيفاً "نتحقق من أن جميع الضمانات متوفرة".
وتتركز المفاوضات على تقاسم نحو 650 مليون يورو من المنتجات التي يصطادها الاتحاد الأوروبي كل عام في مياه المملكة المتحدة، والمدة التي ستحدد لتكيف الصيادين الأوروبيين مع الوضع الجديد.
وتمّ حل القضيتين الأخريين اللتين كانتا عالقتين، وهما طريقة تسوية الخلافات وإجراءات الحماية من أي منافسة غير عادلة، في الأيام القليلة الماضية.
وفي حال التوصل إلى تسوية بين المفوضية الأوروبية وبريطانيا، يفترض أن تصادق عليها الدول الأعضاء في إجراءات قد تستغرق أياماً.
وأعلن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في 8 كانون الأول/ديسمبر الجاري، التوصل لاتفاق على مجمل قضايا "بريكست". وجاء ذلك بعد بيانٍ أوروبي-بريطاني مشترك، ذكر أن "الظروف غير متوافرة لاتفاق بين لندن وبروكسل لمرحلة ما بعد بريكست".
وما زال هناك وقت كافٍ لبدء تطبيق اتفاق محتمل في الأول من كانون الثاني/يناير 2021 عندما تكون بريطانيا التي غادرت الاتحاد الأوروبي رسمياً في 31 كانون الثاني/يناير قد تخلت نهائياً عن السوق الموحدة.
وسيصادق البرلمان الأوروبي في وقت لاحق على النص المؤلف من ألفي صفحة.
وستسمح نتيجة هذه المفاوضات التي بدأت في آذار/مارس للطرفين بإنقاذ نفسيهما من خروج بلا اتفاق مربك على الصعيد السياسي ومضر على المستوى الاقتصادي.
ومن دون اتفاق، ستخضع التجارة بين الاتحاد الأوروبي ولندن لقواعد منظمة التجارة العالمية، ما يعني فرض رسوم جمركية وتحديد حصص، إلى جانب تطبيق إجراءات إدارية قد تؤدي إلى اختناقات مرورية ضخمة وتأخير تسليم البضائع.
هذا سيناريو قاتم لبريطانيا التي تواجه في الوقت نفسه انتشار سلالة أكثر ضراوة من فيروس كورونا المستجد تسبب في عزلها عن العالم.
وسيشكل إبرام نص خلال عشرة أشهر، بعد أربع سنوات ونصف السنة من استفتاء حزيران/يونيو 2016 بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، انجازاً مهما للندن وبروكسل، خصوصاً لاتفاق بهذا الحجم لأن المحادثات في مثل هذه الحالات تستغرق عادة سنوات.
وبهذا الاتفاق، قد يسمح الاتحاد الأوروبي لبريطانيا بدخول غير مسبوق لسوقه الضخم الذي يعدّ 450 مليون مستهلك بدون رسوم جمركية ولا حصص.
لكن هذا الانفتاح مرفق بشروط صارمة، إذ يتعين على الشركات البريطانية احترام عدد معين من القواعد التي يتم تطويرها على مر الوقت في مجالات البيئة وقانون العمل والضرائب لتجنب أي إغراق. ويفترض أيضاً تأمين ضمانات في مجال مساعدات الدولة.
ويفترض أن تسمح آلية بتفعيل إجراءات مضادة بسرعة، مثل فرض رسوم جمركية في حال حدثت خلافات حول هذه المعايير.
وفي حال لم يتم التوصل إلى اتفاق، ستكون خسارة بريطانيا أكبر بكثير من خسارة أوروبا. فالمملكة المتحدة تصدر 47 بالمئة من منتجاتها إلى القارة، بينما يصدر الاتحاد الأوروبي ثمانية بالمئة فقط من بضائعه إلى الضفة الأخرى لبحر المانش.