"اختراع انتصارات وهمية".. "إسرائيل" تعيش وحدها أجواء الحرب
رواية مرتبكة كانت أقرب إلى الهستيريا عاشتها "إسرائيل" اليوم، أقلقت المستوطنين، وأرعبت جنود الاحتلال، والراجح أن الجنود الإسرائيليين المرعوبين كانوا كمن يواجه أشباحاً، وذاك ما تجلى في البيانات المتناقضة بين الفينة والأخرى.
عاشت "إسرائيل" اليوم ساعات من أجواء التخبط السياسي والعسكري على الحدود اللبنانية كانت أقرب إلى حالة الهستيريا، عممها الجيش الإسرائيلي ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
الرواية المرتبكة بشأن حدث أمني مفتعل كانت الطعم الذي أوقع وسائل الإعلام الإسرائيلية في الفخ، وأغلق منطقة الشمال المحتل، وأقلق المستوطنين، وأرعب جنود الاحتلال.
الراجح أن الجنود الإسرائيليين المرعوبين كانوا كمن يواجه أشباحاً، وذاك ما تجلى في البيانات المتناقضة بين الفينة والأخرى، حيث كان إعلامهم وقادتهم خبط عشواء، ولا تستقر روايتهم على ثابت معلوم، إلا أن الرواية الحقيقية قالها حزب الله في بيان له عندما نفى الحديث عن إحباط عملية تسلل من الأراضي اللبنانية إلى داخل فلسطين المحتلة، وعن سقوط شهداء وجرحى للمقاومة، مؤكداً أنها ادعاءات، في محاولة لـ"اختراع انتصارات وهمية كاذبة"، وفق البيان.
وأضافت المقاومة في البيان أنه لم يحدث أي اشتباك أو إطلاق نار من طرفها في أحداث اليوم، وإنما كان من طرف واحد فقط، هو العدو الخائف والقلق والمتوتر.
ونفى حزب الله في بيان له الرواية الإسرائيلية المرتبكة حول حدث أمني مفتعل على الحدود، مشيراً إلى أنه لم يشترك في أي إطلاق للنار.. فهل يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اختراع انتصارات وهمية؟
استراتيجية المقاومة في الحرب النفسية هي في الصمت القاتل الذي يقلق الاحتلال ويدفعه إلى التهور.. فهل تخشى تل أبيب المواجهة بعد التقارير عن عدم جاهزية الجيش الإسرائيلي، حيث إن النقاش في "إسرائيل" يدور حول رد حزب الله للضغط على الجبهة الداخلية، فيما بيئة المقاومة متماسكة ولا تستعجل الرد.. فهل تثبت المقاومة توازن الرعب القائم؟
واصل حزب الله حربه النفسية المبنية على الغموض بشأن زمان الرد ومكانه على عملية الهجوم الأخيرة لـ"إسرائيل" في سوريا، والتي أدت إلى استشهاد المقاوم علي كامل محسن، مكتفياً ضمن استراتيجية الصمت القاتل بالقول إن "الرد آتٍ حتماً، وعلى قوات الاحتلال الانتظار".
وفي مقابل التوتر والارتباك اللذين تعيشهما "إسرائيل" وجبهتها الداخلية بعد التقارير عن عدم جاهزية الجنود للحرب، تستند المقاومة إلى بيئة شعبية متماسكة وثابتة.. تثق بقيادة حزب الله وخياراتها.
وفي هذا الإطار، رأى الباحث في الشؤون العسكرية و الاستراتيجية، إلياس فرحات، في حديث إلى الميادين أن "ما حصل اليوم كشف التخبط الإسرائيلي على كل المستويات"، مشيراً إلى أن "الخلل في تقدير الموقف انسحب على التسلسل الإداري في تل أبيب".
بدروه، رأى الباحث والخبير في الشؤون الإسرائيلية عادل شديد من مدينة الخليل أن "ما حدث على الحدود هو فيلم تمّ إخراجه بطريقة خاطئة"، مشيراً إلى أن نتنياهو استطاع إقناع الطبقة العسكرية بالمشاركة في الفيلم الذي نفذه على الحدود.
واعتبر شديد في حديث إلى الميادين أن "نتنياهو أراد نقل اهتمام الشارع في إسرائيل من التظاهرات، حيث يسكن، إلى التهديد من إيران وحزب الله".
كما اعتبر أن "القيادة العسكرية لاحقاً لن تقبل بأن يواصل نتنياهو استخدام الجيش لأغراض شخصية".
أما الأكاديمية الباحثة في الشؤون الأميركية والشرق الأوسط عبير كايد، اعتبرت من جهتها في حديث للميادين أن "تريث حزب الله في الرد على إسرائيل حكمة". كما اعتبرت أن "ما جرى هو تصعيد إسرائيلي للفت الأنظار عما يجري داخل إسرائيل".
ما حدث على الجبهة الشمالية أكد نجاعة الحرب النفسية التي يمارسها حزب الله ضد "إسرائيل"، فقد أثار الكثير من التساؤل حول الرد المنتظر وطبيعته، لكن الحزب حافظ على صمته، تاركاً أبواب الاحتمالات كلها مفتوحة على مصاريعها، مسبباً إرباكاً كبيراً لقادة الاحتلال.
"ما هكذا يتصرف الجيش القوي في الشرق الأوسط"، قالها أحد المعلقين الإسرائيليين للشؤون العسكرية والأمنية في صحيفة هآرتس.
وقد تعرض الجيش الإسرائيلي اليوم لانتقادات من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلية.
معلق الشؤون العسكرية والأمنية في صحيفة هآرتس، يوسي ميلمان، غرد على "تويتر"، واصفاً تصرفات الجيش الإسرائيلي بأنها "مقلقة بشكل كاف. يخفف من المواقع، يغلق طرقات، يدخل حشود من القوات في حالة استنفار خشية رد حزب الله على الحدود اللبنانية على قتل غير مقصود لعنصر من حزب الله في سوريا".
وأضاف: "ليس هكذا يتصرف الجيش القوي في الشرق الأوسط. من المهم منع المسّ بجنودنا، لكن الجيش بث الهلع بغطاء وسائل الإعلام. حزب الله انتصر بالضغط على الوعي".