"وول ستريت جورنال": كيسنجر يحذّر من الاشتباك بين الولايات المتحدة والصين
وزير الخارجية الأميركي الأسبق، هنري كيسنجر، يرى أنّ المنافسة بين الولايات المتحدة والصين تمزّق الكرة الأرضية، وتهدد بأسلحة جديدة مخيفة، ويشرح لماذا أصبح يعتقد أنّ أوكرانيا يجب أن تكون في "الناتو".
أجرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية مقابلةً مع وزير الخارجية الأميركي الأسبق، هنري كيسنجر، تناول فيها المنافسة المحتدمة عالمياً بين الولايات المتحدة والصين، وآراءه بشأن مستقبل العالم، ونشرتها تحت عنوان "كيسنجر يستكشف العالم وهو يبلغ 100 عام".
وقال كيسنجر، وهو الذي أكمل اليوم السبت، 100 عام من العمر، إنّ تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين يمكن أن يجعلها تتحول إلى صراعٍ بين الطرفين.
وأكّد كيسنجر أنّه يعتقد أنّ الصين، بالنظر إلى قوتها، هي خصمٌ محتمل وخطير للولايات المتحدة، لافتاً إلى إمكان أن تتحول الخصومة إلى صراع، وخصوصاً أنّهما "تمتلكان مجتمعين لهما وجهات نظر تاريخية عالمية، لكن وفق ثقافتين متباينتين، تتنافس إحداهما مع الأخرى".
غياب الحلول.. يعني زيادة احتمال الاشتباك
وقال وزير الخارجية الأميركي الأسبق إنّ "المشكلة في بحر الصين الجنوبي يمكن أن تكون سبباً للصراع"، مؤكّداً أنّه يود فهم "ما إذا كان في إمكاننا إيجاد وسائل لحلها على أساس مبدأ الحرية في أعالي البحار"، مُشيراً إلى أنّه في حال الفشل في القيام بذلك، فلا يمكن "تجنب الاشتباكات".
وفي الوقت نفسه، لفت إلى أنّ الصراع المحتمل بين الولايات المتحدة والصين، بالنظر إلى الأسلحة الحالية، يمكن أن يهدد بـ "تدمير الحضارة".
ودعا إلى الحوار بين رئيسي الولايات المتحدة والصين، مؤكّداً أنّ الحوار بينهما هو "الأهم"، بحيث أشار إلى أنّهما يجب أن يتفقا على أنّ لديهما أخطر الوسائل في العالم، وأنّهما سيديران سياستيهما بطريقة "تقلل احتمال اندلاع صراع عسكري بينهما".
اقرأ أيضاً: كيسنجر يتحدث عن حرب باردة جديدة "أخطر من الأولى".. فمن أطرافها؟
الصين تسعى للأمن.. لا للهيمنة
وفي معرض حديثه عن آسيا، أشار كيسنجر إلى أنّ الصين تسعى لتحقيق الأمن، وليس للهيمنة العالمية، مع أنّها تطمح إلى أن تكون القوة العظمى في المنطقة، بحسب رأيه.
وأضاف أنّ "في إمكان بكين أن تكون في موقف قوي، حتى تضطر الهند واليابان إلى أخذ ذلك في عين الاعتبار".
وقال وزير الخارجية الأميركي الأسبق إنّ اليابان قد تطور أسلحة الدمار الشامل خلال الأعوام المقبلة، مشيراً إلى أنّها قد تحتاج إلى "ثلاثة أو خمسة أو سبعة أعوام" من أجل تطوير تلك الأسلحة.
انتصار روسيا في أوكرانيا يحوّل وجود "الناتو" إلى غبار
وواصل كيسنجر وصف اقتراح ضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" بأنّه "خطأ فادح"، مُشيراً إلى أنّ دعوة كييف إلى الحلف هي التي أدت إلى اندلاع النزاع المسلح، مضيفاً أنّ أوكرانيا في حاجة إلى "استعادة الأراضي المفقودة، باستثناء شبه جزيرة القرم".
وأشار، في مقابلته مع "وول ستريت جورنال"، إلى أنّه "لم تعد هناك مناطق محايدة بين الناتو وروسيا"، مؤكّداً أنّه "إذا انتصرت روسيا، فإنّ المفهوم الكامل لوجود الناتو سيتحول إلى غبار".
وأكّد الوزير الأسبق أنّ توسع الحلف كان يجب أن يتوقف في بولندا، بحيث كان من الضروري، بحسب رأيه، "أخذ المخاوف الأمنية التي أعلنها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بجدية".
وأوضح أنّ روسيا لن تخسر سيفاستوبول، عاصمة جمهورية شبه جزيرة القرم، إذ إنّها، بالنسبة إلى موسكو، "كانت دائماً وتاريخياً غير أوكرانية"، ولفت إلى أنّ خسارتها بالنسبة إلى روسيا تجعل تماسك الدولة الروسية في خطر. وبالتالي، فإنّها لن تسمح بحدوثه.
وأيّد الدبلوماسي الأميركي المخضرم إجراءات البيت الأبيض لدعم كييف، وقال إنّ أوكرانيا حالياً هي "أفضل دولة أوروبية تسليحاً"، كما أشار إلى أنّه أصبح، عكس تصريحه سابقاً، يعتقد أنّها يجب أن تكون في "الناتو"، بناءً على مسار الأحداث.
ويُعَد كيسنجر أحد أكثر السياسيين الأميركيين شهرةً وإثارة للجدل، وهو بالذات كان المبادر والمنفذ الرئيس للانفراج في العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، والذي أدى إلى انخفاض التوتر العالمي في فترة ما بعد الحرب الباردة.
وكان أيضاً من فتح الطريق أمام إبرام عددٍ من المعاهدات المهمة في مجال الحد من التسلح الاستراتيجي. وعلى الرغم من تقدمه في السن، فإنّه لا يزال يُستمع إلى رأيه عالمياً.