ميلونشون يتقدم إلى رئاسة الحكومة وسط الكمائن والألغام والتحريض
الزعيم اليساري الذي حل ثالثاً في الانتخابات الرئاسية الأخيرة بات شخصية سياسية مؤثرة ومنافسة، ويمتلك برنامجاً صلباً يهدد كل البناء النيوليبرالي الذي أسسه إيمانويل ماكرون وأسلافه.
يتقدم زعيم "فرنسا غير الخاضعة"، جان لوك ميلونشون، في حقل ألغام وكمائن من كل صوب، لإحتلال موقع رئاسة الحكومة في حال نجح الإتحاد اليساري في الحصول على أغلبية برلمانية في الانتخابات التشريعية المقبلة.
الزعيم اليساري الذي حل ثالثاً في الانتخابات الرئاسية الأخيرة بات شخصية سياسية مؤثرة ومنافسة، ويمتلك برنامجاً صلباً يهدد كل البناء النيوليبرالي الذي أسسه إيمانويل ماكرون وأسلافه.
وإنطلاقاً من الموقع المؤثر الذي بات زعيم "فرنسا غير الخاضعة"، جان لوك ميلونشون يحتله، وبالتحديد منذ نتائج الانتخابات الرئاسية التي حل فيها ثالثاً، لم توفر سلطة إيمانويل ماكرون ولا اليمين الوسط واليمين المتطرف، ولا حتى شخصيات من اليسار الإشتراكي، استخدام حملات حادة من التحريض عليه وتهديم صورته، وصولاً إلى تجريمه تارة بإتهامه العمل ضد المصالح الوطنية لفرنسا والعداء المطلق لأوروبا، وصولاً إلى تخوينه وإلصاق تهمة التعامل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
كما بحث وزير الإقتصاد في حكومة ماكرون برونو لومير عن وسيلة تحريض مناسبة ضد ميلونشون ووصف الأخير بأنه "شافيز بلاد الغال"، فيما يواصل الرئيس الاشتراكي السابق فرنسوا هولاند حملته العنيفة على زعيم "فرنسا غير الخاضعة" ويلصق به صفة الديكتاتورية.
كل ما تقدم ينبع من خشية الطبقة السياسية بكل أطيافها في اليمين التقليدي والوسط واليمين المتطرف وبقايا اليسار القديم، خشية تنبع مما سيحمله ميلونشون معه من مشاريع تغيير في حال نجح في ترؤس الحكومة المقبلة، و تداعيات ذلك على دور وموقع فرنسا في أوروبا والعالم، لا سيما في توجهاتها النيوليبرالية وإلتزاماتها في حلف الناتو والمشروع الأميركي في العالم.
فمن هو ميلونشون وما هو موقعه في فرنسا؟
إذا كان زعيم "فرنسا غير الخاضعة"، جان لوك ميلونشون، قد نجح في تأسيس حركة يسارية انتزع عبرها 22% من مجموع الناخبين الفرنسيين، ويطمح إلى حصاد أكبر في الإنتخابات التشريعية المقبلة، فإنه استحق عن جدارة جائزة الهندسة المعمارية لليسار الفرنسي، بعد تاريخ يساري تقليدي مأزوم بالإنقسامات والتناحر.
كما نجح ميلونشون، مستنداً إلى موجة شعبية نشيطة ومتماسكة وبرنامج متين، في جمع بقية أحزاب اليسار حول برنامج موحد، بالرغم من الفجوات الأيديولوجية بين مكوناتها.
الجديد وغير المسبوق أن تعود قيادة التحالف اليساري إلى أكثر عناصره جذرية أي ميلونشون، على عكس ما جرت عليه الحال في جبهات اليسار عام 1924 وعام 1936 وفي عام 1974 والتي تولاها قياديون مرنون ومعتدلون.
هذه المرة، كان جان لوك ميلينشون بمواقفه النارية وسياساته الحاسمة، ليس أي شخص آخر قائداً للتيار اليساري ومرشحاً للحكومة لأن نتيجة الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية لم تترك مجالا لأي بديل.
ومهما كانت نتيجة الانتخابات التشريعية فإن ميلونشون برأي علماء السياسة سيكون راضياً بالفعل عن إخراج اليسار من الغيبوبة التي بدا وكأنه غارق فيها، وسيشكل حالة فريدة من نوعها في المعارضة والتحدي لعهد إيمانويل ماكرون.