مع استمرار انقطاع المياه لليوم الخمسين.. خطر الكوليرا يهدد سكان الحسكة
وزارة الصحة السورية تسجّل رسيماً 13 حالة مثبتة بالكوليرا في محافظة الحسكة مع وجود عشرات الحالات من الإسهال نتيجة نقص المياه الآمنة والصحية في المحافظة.
سجّلت وزارة الصحة السورية، رسمياً 13 حالة مثبتة بالكوليرا في محافظة الحسكة، مع وجود عشرات الحالات من الإسهال المائي التي تصل إلى المشافي العامة والخاصة، وذلك نتيجة نقص المياه الآمنة والصحية في المحافظة، ما يجعل منها الأكثر ترشيحاً لانتشار المرض، في ظل استمرار قطع تركيا لمياه الشرب، وإيقاف الضخ من محطة علوك منذ 50 يوماً.
وتراجع المشافي والمراكز الصحية في المحافظة العديد من حالات الإسهال، نتيجة شرب مياه ملوثة أو غير آمنة، بسبب اعتماد السكان على مياه الآبار المالحة، أو الصهاريج والخزانات، وانعدام وجود أي مصدر مائي آمن بديل عن المياه التي تضخ من محطة علوك، ما يرفع خطورة الإصابة بالإسهالات أو الكوليرا.
وفي المركز الطبي المحدث وسط مدينة الحسكة، ترقد أم عائشة في قسم الداخلية لتلقي العلاج من الإصابة بإسهال شديد، بعد اضطرارها لشرب المياه من أحد الصهاريج في قرية العابد، بسبب استمرار انقطاع المياه من الشبكة الحكومية.
أمّا عواد، الذي تم تشخيص إصابته بأنها إيجابية، فيؤكّد أنّ "انقطاع المياه والأوضاع المادية الصعبة تدفع بالسكان لشرب المياه من مصادر مجهولة كمياه الصهاريج والآبار"، لافتاً إلى أنّ " إصابته جاءت نتيجة شرب المياه من صهريج نقل المياه"، إلاّ أنّه " تلقى العلاجات اللازمة في المركز الصحي الحكومي، وتعافى بشكل تام".
وبعد تسجيل المحافظة لحالات إيجابية، كثّفت الجهات الحكومية من عملها لاتخاذ تدابير عاجلة، لضبط الإصابات، ومنع انتشار المرض، وتحوله إلى وباء أو جائحة، من خلال اجتماعات متكررة لمحافظ الحسكة د.لؤي صيوح، مع الجهات الرسمية المعنية بمواجهة المرض.
وأكد المحافظ، في تصريح للميادين نت، أنّه " تم الطلب من الجهات الحكومية المعنية، ضرورة مراقبة المياه الداخلة إلى المدينة عبر الصهاريج وإضافة مادة الكلور إليها، مع تشكيل فرص للترصد في المدارس، والتأكيد على نظافة الحمامات، وتقديم مياه آمنة ومعقمة للخزانات المدرسية، ومراقبة عمل المطاعم ومنع دخول الخضرورات الورقية إلى مركز المدينة".
ولفت صيّوح إلى أنّ "استمرار المحتل التركي بقطع المياه عن نحو مليون مدني في الحسكة، أدّى إلى نقص حاد في توفير المياه، مع استمرار الجهود الحكومية لتوفير جزء من احتياجات الأهالي من المياه عبر تشغيل عدد من محطات التحلية وتعبئة خزانات الهلال الأحمر مرتين يومياً، ونقل المياه عبر الصهاريج سواءً من مجلس المدينة أو من الجمعيات الخيرية ضمن مبادرة قطرة ماء".
واعتبر المحافظ أنّ "خصوصية الوضع المائي الحالي في الحسكة، استوجب رفع الجاهزية القصوى لدى كل الجهات الحكومية، لاتخاد كل الإجراءات الممكنة للتصدي لمرض الكوليرا ومنع انتشاره".
بدوره، أكّد مدير الصحة بالحسكة، د. عيسى خلف، أنه يراجع المراكز الصحية في المدينة يومياً العديد من حالات الإسهال، التي يتم تقديم العلاج لها، مع أخذ عينات من الحالات الشديدة وإرسالها إلى الوزارة للتأكد من وجود إصابة بالكوليرا من عدمها".
ولفت خلف إلى "تسجيل 13 حالة إيجابية بالكوليرا، توفيت واحدة نتيجة مرافقتها لحالة عصبية شديدة، وتم تقديم العلاج لبقية المرضى، وحالاتهم تعافت أو تتماثل للتعافي والشفاء".
وشدّد على أنّ " المديرية تتخذ كافة الإجراءات الممكنة للسيطرة على المرض ومنع انتشاره في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها المحافظة نتيجة انعدام المصدر المائي الآمن نتيجة استمرار توقف محطة علوك"، واصفاً الوضع الصحي الخاص بانتشار المرض بأنّه "تحت السيطرة" حتى الآن، مع استمرار تقديم كل الخدمات الطبية الممكنة للمراجعين.
من جهته، قال مدير الصحة المدرسية بالحسكة، د. خالد الحسين، إنّ "المديرية عيّنت مرشداً صحياً مع الطلب من المدارس تشكيل لجنة برئاسة مدير المدرسة للتعقيم والتأكيد على نظافة المرافق العامة والتأكد من جودة المياه وسلامة الخزانات، بهدف منع أي انتشار للكوليرا"، مبيناً أنّه " تم تشكيل لجان رصد لأخذ عينات يومية من المدارس، لرصد أي حالة إصابة والتعامل معها مباشرة، عبر تقديم العلاجات في المراكز الصحية الحكومية".
واحتلت تركيا والفصائل المسلحة السورية الموالية لها، محطة علوك 6 كم شرق مدينة رأس العين، خلال عملية "نبع السلام" في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2019، مع تحكمها من الوارد المائي من المحطة التي تعد المصدر المائي الوحيد لإرواء نحو مليون مدني في الحسكة وريفها.
ومنذ ذلك الوقت، قطعت تركيا المياه لأكثر من 30 مرة عن الحسكة وريفها، نتيجة الخلاف مع "قسد" على تزويد رأس العين وتل أبيض وريفهما بالكهرباء، مع تثبيت قاعدة المياه مقابل الكهرباء. وغالباً ما تنجح الجهود الروسية الحكومية المشتركة في حل الخلافات وإعادة الضخ من محطة علوك مجدداً.
وتعد فترة انقطاع المياه الحالية عن الحسكة والتي وصلت يومها الـ50، ثاني أطول فترة انقطاع بعد أن سجلت المدينة وريفها 90 يوماً من الانقطاع المتواصل في صيف العام الفائت 2021.
وسبق أن حذرت السلطات الصحية والرسمية والمنظمات الدولية العاملة في المحافظة، من خطورة انقطاع المياه على حياة السكان، ودور ذلك في ارتفاع احتمالية انتشار أوبئة وأمراض، نتيجة اضطرار السكان الاعتماد على مصادر مائية غير آمنة.