ما الخطّة التي تجاهلتها واشنطن للمضي في غزوها للعراق؟
قادت الولايات المتحدة قبل 20 عاماً، تحالفاً غزا العراق ودمّره، وذلك بعد 6 سنوات من تقديم مدير اللجنة الخاصة للأمم المتحدة تقريره النهائي إلى مجلس الأمن الدولي، ليعود الشخص نفسه ليكشف المؤامرة الأميركية.
يروي المفتش السابق للأمم المتحدة، رولف إيكيوس، وهو مدير اللجنة الخاصة للأمم المتحدة، كيف أنّ إدارة بوش قامت بتجاهل خطة لتجنب غزو العراق عام 2003، وذلك في كتاب جديد نشره بعنوان "العراق منزوع السلاح: القصة وراء خطّة إسقاط صدام".
وحاول الدبلوماسي المخضرم في كتابه، أن يخبر العالم أنّ الرئيس العراقي السابق، صدّام حسين، لم يكن لديه أسلحة دمار شامل، كما أراد أن نعرف أنّ إدارة بوش أفسدت بإصرار واضح، خطةً كان من الممكن أن تتجنب من خلالها الحرب على العراق.
وكرر إيكيوس في كتابه المنشور مؤخراً، التذكير باقتناعه بأنه بحلول الوقت الذي ترك منصبه كمدير لـ "UNSCOM"، فإنّه "كان هناك دليلٌ كبيرٌ على أنّ الوضع كان تحت السيطرة إلى حد كبير ".
ونشرت، ضمن هذا الصدد، مجلة "Responsible Statecraft" الإلكترونية، التابعة لمعهد "كوينسي للدراسات" الأميركي، مقالاً للكاتب مارك جونيينت، ناقش فيه كتاب إيكيوس، وأوضح ما ارتكبته إدارة بوش بإصرارها على الحرب التي كان بإمكانها أن تُجنب العالم ويلاتها.
وبرّر جورج دبليو بوش وتوني بلير غزوهما للعراق، استناداً إلى أنّ صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل، جعلته يشكل خطراً على العالم.
وسهّلت وسائل الإعلام الأميركية والغربية الرئيسية انتشار رواية الحكومة الأميركية، وذلك عن طريق إسكات الأصوات المعارضة بشكل أساسي.
اقرأ أيضاً: "ازدواجية معايير" الإعلام البريطاني .. هكذا رُوّج لأكاذيب لندن قبل غزو العراق
ويُذكر أنّه بحلول تشرين الأول/أكتوبر 2004، مع كل التجييش الإعلامي، وتوسّع العمليات والتدمير، كان على تقرير وكالة المخابرات المركزية الأميركية أن يعترف بأن العراق لم يكن يمتلك أسلحة غير مشروعة، وليس لديه برنامج لإنتاجها في وقت الغزو.
وكان التقرير الذي قدمه إيكيوس إلى مجلس الأمن، في عام 1997، بمنزلة وصفٍ دقيقٍ للوضع في ذلك الوقت، ولم يتغير شيء يذكر منذ ذلك الحين، وكما وصف الدبلوماسي الوضع بنفسه؛ فإنّه "لا يوجد ضبابية أو ندرة في المعلومات، حول قدرة العراق على امتلاك الأسلحة النووية، وأنّ كلّ شيء معلوم".
وتوصّل الدبلوماسي السويدي وفريقه متعدد الجنسيات إلى استنتاجاتهم، بعد 6 سنوات من عمليات التفتيش المضنية للمنشآت العراقية المخصصة لإنتاج أسلحة الدمار الشامل والقضاء على المخزونات الموجودة، وبالتوازي مع ذلك، أنشأت اللجنة الخاصة آلية مراقبة لضمان عدم قيام العراق بإعادة بدء برنامج آخر جديد.
يذكر إيكيوس في كتابه أيضاً أنّه في العام 1998، تمّت دعوته إلى عشاءٍ بحضور بوش الأب والابن، في المحكمة العليا الأميركية، كان قد ذكر فيه أنّ مهمة اللجنة في العراق كانت ناجحة بخصوص نزع سلاح العراق، لكنه ذكرَ أيضاً أن جورج بوش الابن كان مستاءً من التقييم الإيجابي للجنة.
وحاول إيكيوس في الأشهر التي سبقت حرب العراق، الضغط على إدارة بوش لمتابعة مسار أكثر اعتدالاً تجاه العراق، لكنه لم يجد ترحيباً بذلك.
وربط إيكيوس بين إصرار إدارة كلينتون السابقة، على فرض العقوبات على العراق وتشديدها، وكيف أنها لم تتسامح في تحقيق مطالب العراق المتمثلة في رفع العقوبات أو حتى تخفيفها، وبين التوجه نحو الحرب التي أصرّت عليها إدارة بوش اللاحقة لها.
ولفت إيكيوس أنّه انضمَّ إلى جيسيكا ماثيوز، التي ترأست بعد ذلك مؤسسة "كارنيغي للسلام الدولي"، والتي اقترحت خطّة إرسال قوة عسكرية متعددة الجنسيات بدعم من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى العراق، للتأكد من استنتاجات مفتشي الأمم المتحدة، ومن السيطرة على الوضع.
وقال إيكيوس إنّه كان قد زار البيت الأبيض في مطلع شباط/فبراير 2003، والتقى نائب مستشار الأمن القومي ستيفن هادلي، وقد دافع عن خطة ماثيوز، التي لم تتم دعوتها لأن إدارة بوش استاءت من مواقفها المناهضة للحرب، لكنّه أكّد أنّ اللقاء كان شكلياً جداً.
وختمَ جونيينت مقاله بالحديث عن مرور 20 عاماً على بداية حرب العراق، وأنّه لا يزال هناك الكثير لنتعلمه من نجاح اللجنة الخاصة التي ترأسها إيكيوس في تفكيك برنامج الأسلحة العراقي المحظور، وكذلك من فشل الدبلوماسية الدولية في منع تصميم بوش وإدارته على بدء صراع غير قانوني لا يزال يتردد صدى عواقبه إلى الآن، في الشرق الأوسط وما بعده.