كيف تؤثّر العلاقة الفنزويلية الروسية في الولايات المتحدة؟
يكتسب الوجود الروسي في فنزويلا أهمية خاصة، نظراً إلى الجوار الجغرافي. فتحركات حلف "الناتو" في أوكرانيا عند حدود روسيا، باتت مترافقة مع تعزيز روسيا علاقاتها بدول أميركا اللاتينية، وتحديداً فنزويلا.
منذ أسبوع، والعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا مستمرة. في آخر إحصاء لوزارة الدفاع الروسية، تمت إصابة 67 هدفاً بضربات جوية مكثفة ضد البنية التحتية العسكرية الأوكرانية، وبلغ إجمالي المنشآت العسكرية الأوكرانية المدمَّرة 1612.
قبل بدء العملية العسكرية، طلبت موسكو مجموعة من الضمانات الأمنية إلى واشنطن، من ضمنها أنّ تتعهَّد الولايات المتحدة منعَ امتداد الناتو شرقاً، وعدم انضمام دول من الجمهوريات السابقة للاتحاد السوفياتي إلى الحلف، بالإضافة إلى عدم إنشاء قواعد عسكرية للناتو في الجمهوريات السوفياتية السابقة وغير المنتمية إلى الحلف، وعدم استخدام البنى التحتية فيها من أجل ممارسة أي أنشطة عسكرية، وعدم تطوير التعاون العسكري الثنائي معها، لكن الولايات المتحدة امتنعت عن الرد، على نحو مفصل وشامل.
بالتزامن، كرر الكرملين التأكيد أنّ أي توسع في البنية التحتية العسكرية لحلف شمال الأطلسي في أوكرانيا يتجاوز أحد "الخطوط الحمراء"، وفي الوقت نفسه اتهم رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو واشنطن باستخدام مراكز تدريب ذريعةً لإنشاء قواعد للتحالف العسكري الغربي.
الهواجس الأمنية الروسية ترتبط بنشاط الناتو، على مدى سنوات، في أوكرانيا، ومن ذلك ما نشره الموقع الرسمي للناتو بشأن تطورات العلاقة بأوكرانيا خلال الأعوام الماضية، ومشاركة القوات الأوكرانية في تدريبات الناتو، ومشاريع تطوير البنية الأمنية والدفاعية الأوكرانية بالاتفاق مع حلف شمال الأطلسي. عام 2016، وقعت أوكرانيا حزمة المساعدة الشاملة مع الناتو، وعام 2020 وقع زيلينيسكي استراتيجية الأمن القومي لأوكرانيا، والتي تنص صراحة على تطوير العلاقات بالحلف. يُضاف إلى هذه الهواجس، مشاركة بولندا ولتوانيا ولاتفيا في الحلف نفسه.
في المقلب الآخر من الأحداث، أثار موقف نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، في مقابلة في كانون الأول/ديسمبر الماضي، حفيظةَ الولايات المتحدة والغرب، إذ رفض فيه استبعاد، أو تأكيد نيّة بلاده إقامة بنية تحتية عسكرية روسية في الدول اللاتينية الحليفة، مثل كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا.
فنزويلا تدعم قرارات موسكو
منذ إعلان بدء العملية العسكرية، أعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو دعم روسيا بصورة مطلقة، مشيراً إلى أنّ "أوكرانيا تحكمها الولايات المتحدة وأوروبا".
ومع ارتفاع منسوب تهديدات حلف شمال الأطلسي والدول الغربية لروسيا، صادقت فنزويلا على اتفاقيات تعاون عسكري مع روسيا، هدفها السلام والدفاع عن سيادة أراضي البلدين ووحدتهما، بحسب مادورو.
على سبيل المثال، في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2019، أعلن الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، أن اللجنة الحكومية المشتركة الفنزويلية - الروسية وقعت عدداً من اتفاقيات التعاون في المجالين العسكري - التقني والزراعي.
وقبل ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عام 2019 أنها أرسلت طائرتين عسكريتين تحملان 99 خبيراً عسكرياً، وشحنةَ مساعدات تفوق 35 طناً من المعدات الطبية والإغاثية، دعماً لحكومة الرئيس نيكولاس مادورو، الأمر الذي أثار حفيظة الولايات المتحدة الأميركية، الداعم الأكبر لزعيم المعارضة، رئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية خوان غوايدو، الذي نصّب نفسه رئيساً بالوكالة.
لكنّ واشنطن ذهبت في مواقفها إلى أبعد من ذلك، وتبنى مجلس النواب الأميركي مشروع قانون لمكافحة نفوذ روسيا في فنزويلا.
نمو التعاون العسكري الروسي الفنزويلي خلال عقدين
تتعاون روسيا وفنزويلا في المجال العسكري التقني بموجب اتفاقية حكومية دولية، تمّ توقيعها في عام 2001، خلال زيارة قام بها الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز لموسكو.
تم توقيع الاتفاقيات الأولى بين الشركة الروسية، التي تملكها الدولة Rosoboronexport، ووزارة الدفاع الفنزويلية، في عام 2005.
ووفقاّ لمدير الشركة الروسية، Anatoli Isáikin، فإن فنزويلا هي المستورد الأول للأسلحة الروسية الصنع بين دول أمريكا اللاتينية، بحيث قُدِّرت عقود التسليح في تشرين الأول/أكتوبر 2013، بـ 11 مليار دولار.
في شهر نيسان/أبريل 2006 ، بدأت موسكو تزويد كراكاس بطائرات هليكوبتر روسية من طراز Mi-26 و Mi-35 و Mi-17. في المجموع ، تلقت فنزويلا 53 جهازاً بين عامي 2006 و2009.
في عام 2008 ، زودت شركة Rosoboronexport فنزويلا بـ 24 مقاتلة شبح Sukhoi Su-30MK2 في مقابل 1.5 مليار دولار.
في العام نفسه، بدأت روسيا إمداد فنزويلا بمنظومات دفاع مضاد للطائرات من طراز Tor-M1، بقيمة 290 مليون دولار.
أمّا في أيلول/سبتمبر 2009، فأقرضت روسيا فنزويلا 2.2 مليار دولار من أجل شراء معدات عسكرية روسية.
وبهذه الأموال، طلبت الدولة الأميركية اللاتينية 11 منظومة دفاعية مضادة للطائرات، من طراز Pechora-2M ، ومنظومتين من طراز S-300VM، وثلاثاً من طراز BukM2EK.
في العام نفسه، وفقاً لسجل الأسلحة التقليدية للأمم المتحدة ، تلقت فنزويلا 1800 وحدة من نظام الدفاع الجوي المحمول Igla-S. بالإضافة إلى ذلك، استخدمت فنزويلا القرض في شراء 92 دبابة T-72B1V، ومنصات إطلاق صواريخ من طراز BM-21 Grad وBM-30 Smerch.
في نيسان/أبريل 2014 ، أعلنت وزيرة الدفاع الفنزويلية، كارمن ميلينديز ريفاس، أن بلادها تدرس إمكان الحصول على مزيد من طائرات سوخوي.
بناءً على ذلك، يكتسب الوجود الروسي في فنزويلا أهمية خاصة، نظراً إلى الجوار الجغرافي. علاقات تنمو، وتطورات دولية تعيد إلى الأذهان مشاهد التطويق المتبادل بين روسيا والولايات المتحدة. فتحركات الناتو في أوكرانيا عند حدود روسيا، باتت مترافقة مع تعزيز روسيا علاقاتها بدول أميركا اللاتينية، وتحديداً فنزويلا.