"قررنا إنهاء النظام".. الجيش النيجري يسيطر على السلطة في البلاد
الجيش النيجيري يعلن عزمه "إنهاء النظام" في البلاد، وحل المجلس النيابي والحكومة، وتعليق الدستور، وسط استنكار المجتمع الدولي.
سيطر الجيش النيجري، اليوم الخميس، على السلطة في البلاد، بعد عزل الرئيس، محمد بازوم، وفرض حظر التجوال في جميع أنحاء البلاد، بالإضافة إلى تشكيل المجلس الوطني لحماية الوطن، الذي يرأسه مجموعة من القيادات العليا في الجيش.
وجرت السيطرة على السلطة في النيجر، الواقعة غرب أفريقيا، عسكرياً من دون أن يُسمع أي إطلاق نار في العاصمة نيامي. ولم يعلن المجلس حتى الآن عن فترة انتقالية في البلاد.
وانتقد قادة "المجلس الوطني لحماية الوطن"، في البيان الذي بُث في التلفزيون الوطني، "التدهور المستمر للوضع الأمني في النيجر، وكذلك الوضعين الاقتصادي والاجتماعي السيئين".
وجاء في نص البيان، الذي تلاه، المتحدث باسم المجلس، العقيد في القوات الجوية أمادو عبد الرحمن: "قررنا، نحن قوات الدفاع المجتمعة في المجلس الوطني لحماية الوطن، إنهاء النظام الذي تعرفونه".
وأعلن عبد الرحمن أيضاً حل البرلمان والحكومة، وتعليق الدستور، مضيفاً: "تُعلَّق جميع المؤسسات الناشئة عن الجمهورية السابعة، ويتولى الأمناء العامون للوزارات إنهاء الأعمال الجارية، وتدير قوات الدفاع والأمن الوضع".
كذلك، أعلن المجلس إغلاق الحدود الجوية والبرية حتى "استقرار الوضع وفرض حظر التجول، من الساعة 10 مساءً حتى الساعة 5 صباحاً اعتباراً من 26 تموز/يوليو 2023"، طالباً عدم التدخل من الشركاء الخارجيين.
وأكّد المجلس تمسّكه بـ"احترام كلّ الالتزامات التي تعهّدتها النيجر"، مطمئناً "المجتمع الوطني والدولي في ما يتعلّق باحترام السلامة الجسديّة والمعنويّة للسلطات المخلوعة، وفقاً لمبادئ حقوق الإنسان".
وأعلن قادة الانقلاب العسكري تعليق عمل الأحزاب السياسية في البلاد، حتى إشعار آخر، وأيّد رئيس أركان القوات المسلحة في إعلان العسكريين الانقلابيين وضع حدّ "لنظام" الرئيس محمد بازوم.
وورد في بيان وقّعه رئيس الأركان الجنرال عبده صدّيق عيسى، إنّ "القيادة العسكرية للقوات المسلّحة في النيجر قرّرت تأييد إعلان قوات الدفاع والأمن، من أجل تجنّب مواجهة دامية بين القوى المختلفة".
اقرأ أيضاً: رئيس النيجر في أول تعليق بعد عزله: سنصون المكتسبات التي حققناها
استنكار المجتمع الدولي
وردّاً على خطوة الجيش، دان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، "بشدة التغيير غير الدستوري للسلطة" في النيجر، بحسب ما أعلن المتحدث باسمه، أمس الأربعاء.
وأوضح المتحدث باسم غوتيريش، ستيفان دوجاريك، في بيان أنّ الأمين العام للأمم المتحدة "قلق جداً" من احتجاز عناصر من الحرس الجمهوري للرئيس محمد بازوم، مشدداً على أنّ "الأمين العام يدعو إلى وقف فوري لكل التحركات التي تقوّض المبادئ الديمقراطية في النيجر".
كذلك، أعلن البنك الدولي أنّه "يدين أي محاولة لزعزعة استقرار" النيجر، فيما أعرب مسؤول السياسية الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، عن "قلقه الكبير" بشأن الأحداث التي تجري في نيامي، مؤكداً انضمام الاتحاد إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في تنديدها بما يحصل.
ودعا الاتحاد الأفريقي المسؤولين عن ذلك إلى "وقف هذا العمل المرفوض فوراً".
وأعرب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقي محمد، عن "تنديده الشديد بهذه السلوكيات" داعياً "الشعب النيجري وجميع أشقائه في أفريقيا، وخصوصاً المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، والعالم، إلى أن يدينوا بصوت واحد هذه المحاولة".
بدورها، دعت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس"، إلى الإفراج "فوراً" عن الرئيس بازوم، وبلا شروط، محذّرةً من أنّ جميع المتورطين يتحملون مسؤولية سلامته.
ودان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، محاولة الانقلاب في النيجر أيضاً، وأكد، في حديث للصحافيين في نيوزيلندا، "تعاون بلاده بنشاط مع حكومة النيجر وشركائها في المنطقة وفي جميع أنحاء العالم".
وتابع: "سنستمر في ذلك حتى يتم حل الوضع بالطريقة المناسبة، وبالطرق السلمية"،مؤكداً أنّ استمرار المساعدات التي تُقدّمها بلاده للنيجر مرهون بـ"الحفاظ على الديموقراطيّة".
وأعلن بلينكن أنّه تحدّث مع الرئيس بازوم أمس الأربعاء، وقال له "بوضوح إنّ الولايات المتحدة تدعمه بقوّة"، مطالباً بـ"إطلاق سراحه فوراً".
وفي فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة للنيجر، أعلنت وزيرة الخارجية، كاترين كولونا، انضمام بلادها إلى دعوات الاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، من أجل "استعادة سلامة المؤسسات الديموقراطية في النيجر".
وفي غضون ذلك، توجّه رئيس بنين، باتريس تالون، إلى النيجر المجاورة لتأدية وساطة، وفق ما أعلن رئيس نيجيريا، بولا أحمد تينوبو، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لـ"إيكواس".
وأمس الأربعاء، أعلنت رئاسة النيجر أنّ الحرس الرئاسي بدأ حركةً مناهضةً للجمهورية "بشكل عبثي"، مؤكدةً استعداد الجيش لمهاجمة الحرس، "إذا لم يعد لرشده".
وأفاد مصدر مقرّب من رئيس النيجر بأنّ الحرس الرئاسي يحتجز بازوم، وأنّ عناصر منه أغلقوا منافذ مقر إقامة الرئيس ومكاتبه، في خطوة قال إنّها "تعبير عن استياء عناصر النخبة"، فيما المحادثات جارية معهم.
وأعلنت مجموعة من الجنود في النيجر أنّه سيتم تعليق "جميع المؤسسات" في البلاد، وذلك بعد إعلان عزل بازوم، وظهرت القوات العسكرية النيجيرية على التلفزيون الوطني، قائلةً إنّ الرئيس تم عزله، وإغلاق حدود البلاد وأعلن حظر تجول عام في البلاد، وفقًا لوكالة "رويترز".
من هو محمد بازوم؟
والرئيس محمد بازوم، الذي انتخب عام 2021، هو حليف وثيق لفرنسا، وقد شهدت البلاد محاولة انقلاب في 31 آذار/مارس 2021، قبل يومين فقط من تنصيبه.
وحينها، قُبض على الكثير من الأشخاص، بينهم نقيب في القوات الجوية يدعى ساني غوروزة، الذي تزعّم محاولة الانقلاب، وسلّمته بنين المجاورة إلى سلطات النيجر.
وكانت تربط بازوم بالرئيس السابق محمدو يوسفو، صداقة قوية وعلاقة شخصية متينة، إذ أسسا معاً الحزب النيجري للديمقراطية والاشتراكية قبل ثلاثين عاماً، ووصل الحزب إلى الحكم في عام 2011.
وقد كُلِّف بازوم بمهام وزارتي حقيبتان الداخلية والخارجية، في عهد الرئيس يوسفو.
وتُعدُّ النيجر، وهي دولة غير ساحلية في غرب أفريقيا، من أكثر البلدان التي تعاني انعدام الاستقرار في العالم، وهي شهدت أربعة انقلابات منذ الاستقلال عن فرنسا في عام 1960، إضافة إلى العديد من محاولات الانقلاب. وكان آخر الانقلابات في شباط/فبراير 2010 ضد الرئيس مامادو تانجا.
وتثير الأوضاع في هذا البلاد الأفريقي مخاوف بشأن مستقبل البلاد والمنطقة، في وقت تواجه النيجر تحديات أمنية متزايدة، بسبب تهديد الجماعات المسلحة المتنامية في منطقة الساحل. ويُعدُّ الاستقرار السياسي أمراً حيوياً لمواجهة هذه التحديات والحيلولة دون تصاعد العنف.