فرنسا: على الرغم من الكوميديا الجارية.. نبض اتفاق أحزاب يسارية على مرشح مشترك لم يُعدَم
مسؤولون اشتراكيون يقولون للميادين إن النقاشات بعيداً عن الأضواء لم تتوقف بحثاً عن حلّ للتوافق على مرشح مشترك بين أحزاب اليسار الفرنسي، والأمل لم يُفقد نهائياً.
يبدو الاتحاد بين أحزاب اليسار الفرنسي بعيد المنال نسبياً، استناداً إلى تساقط دعوات إجراء انتخابات تمهيدية للوصول إلى مرشح مشترك. لكن الأمل لم يُفقَد نهائياً. مسؤولون اشتراكيون أفادوا الميادين بأن النقاشات، بعيداً عن الأضواء، لم تتوقف بحثاً عن حل. وبرأي جيلبر لافوان، وهو وزير اشتراكي سابق في عهد فرنسوا هولاند، "ليس المطلوب العجلة في ساحة اليسار، وإن موضوع الوحدة لا يمكن أن يتحقق بين ليلة وضحاها".
تفاؤل البعض بوجود نيّات وحدة وتوجهات توافقية لا يمنع كثيرين من نخب اليسار من وصف ما يجري بأنه قريب من السريالية، إذ لا يمكن السير مع السلاحف، بينما يتعاظم خطر اليمين المتطرف، وتتحكم في الساحة السياسية عواصف، مثل اليميني المتطرف إريك زيمور، وتجاوزه كل الخطوط الحمر في برنامجه المهدِّد للسلم الأهلي، والذي يُنذر بتحوّل دراماتيكي في الحكم في فرنسا.
أمام هذا الخطر الذي يصفه البعض بالوجودي، لم يجد كلود ألفانديري (98 عاماً) ، وهو عضو بارز في المقاومة الفرنسية في زمن احتلال النازية، ونقابي، وشخصية محترمة في اليسار والاقتصاد الاجتماعي التضامني، إلاِّ الانضمام إلى الفيلسوف باتريك فيفيريه من أجل دعوة اليسار ودعاة حماية البيئة إلى توحيد جهودهم في مشهد الانتخابات الرئاسية.
الرجلان صاغا بياناً توجيهياً ذا نَفَس توحيدي يساري، ووقّعه عدد من الشخصيات النقابية والاقتصادية والثقافية، ويدعو زعيم فرنسا غير الخاضعة جان لوك ميلونشون وعالِم البيئة يانيك جادو والشيوعي فابيان روسيل إلى الموافقة على المشاركة في الانتخابات الابتدائية في كانون الثاني/يناير المقبل، بهدف تقديم مرشح واحد فقط في الجولة الأولى يوم 10 نيسان/أبريل.
وكتب ألفاندري "نحث كل قوى البيئة واليسار على تجاوز منطق التحزُّب الذي يُضعفنا جميعاً. الهدف هو الجمع بين مشروع المتطلبات البيئية والعدالة الاجتماعية، وقبل ذلك الجلوس حول طاولة واحدة".
أحد موقّعي البيان، الكاتب والناشط والمخرج سيريل ديون، يأسف لأنه "في الوقت الحالي، لا توجد ديناميكيات عظيمة تحدث بشأن البيئة، ولا يوجد شيء قوي بما فيه الكفاية لتوليد الزخم ".
وبحسبه، فإن "إرسال إشارة حشد قوية يمكن أن تعطي دفعاً إلى المشاركة في إعادة الثقة بالسياسة إلى الناس الذين لم يعودوا قادرين على رؤية غرور المسؤولين عن أجهزة الحزب يمرّ قبل المصلحة العامة".
ويدعو الموقّعون على البيان كل المرشحين إلى المشاركة في الانتخابات التمهيدية الشعبية، والتي تضم اليوم 276 ألف ناخب. يمكن لجميع الفرنسيين الذين تزيد أعمارهم على 16 عاماً التسجيل حتى 24 كانون الثاني/يناير. وسيجري التصويت النهائي في الفترة الممتدة من 27 إلى 30 كانون الثاني/يناير، في قائمة تتراوح بين 3 و7 مرشحين، اعتماداً على مَن سيتم الإعلان أنه اختياره بالفعل للانتخابات الرئاسية في الشهر نفسه، وسيتعين على الفائز توقيع عقد تجميع، بما في ذلك ترويج قاعدة مشتركة من 10 مقترحات ومقياس لتكامل المرشحين الخاسرين، أو عقد حكومي، أو اتفاقية تشريعية.
في الوقت الحالي، نجد أن آن هيدالغو و أرنو مونتبورغ وشخصيتين يساريتين، بيير لاروتورو وشارلوت مارشانديس، من المحتمل ألا يواصلوا مغامرتهم الرئاسية بعد كانون الثاني/يناير.
في مؤشرات بقاء اليسار في قيد الحياة، تحدثت نائبة من الحزب الشيوعي، هي ماري جورج بوفيت، لمصلحة اتفاق بين الحزب الشيوعي والمرشح ميلونشون. رسالة ذات مغزى تتسرب داخل صفوف الشيوعيين الفرنسيين، الذين يعترفون بضعف حظوظ مرشحهم الرسمي فابيان روسيل. وتتحدث أوساط قيادية من الحزب عن أنه يجب وضع حد للكوميديا في ساحة اليسار الحقيقي، والمتمثّلة بتعدد المرشحين.
وفي رأي هؤلاء، فإن اليسار قد يختفي إذا لم يؤسَّس على التغيير الثوري في الخطط الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، فالأمل الوحيد لليسار هو اتفاق واضح بين الحزب الشيوعي الفرنسي وفرنسا غير الخاضعة بشأن ترشيح جان لوك ميلينشون، مع اتفاق بشأن الانتخابات التشريعية المقبلة، يسمح للفريقين بتحقيق التحول الاجتماعي في الجمعية الوطنية.
النائبة ماري جورج بوفيت بعثت برسالة مختصرة إلى الحزب الشيوعي، الذي تنتمي إليه، قائلة "لقد انسحبت من النقاش بشأن الانتخابات الرئاسية. أريد فقط أن أقول: أن تكون شيوعياً، يعني أن تناضل من أجل تغيير مفيد للشعب، وليس من أجل هدف حزبي".