بوتين: روسيا لن تخضع للعزلة.. ومشاكل الطاقة نتيجة سياسات الغرب الخاطئة
الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يؤكد أنّ "الغرب توقّع أن ينهار الروبل، لكن ما حدث كان العكس"، ويتهمه بـ"تعمّد افتعال أزمة الغذاء".
أكّد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اليوم الجمعة، أنّ "العالم متنوّع، ولا يمكن فرض إطار واحد على الجميع، من مركز واحد"، مضيفاً أن "العالم لم يَعُدْ كما كان من قبلُ".
وفي كلمته، أمام منتدى بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، قال بوتين إنّ "الولايات المتحدة الأميركية أعلنت أنها انتصرت في الحرب الباردة، وعدّت نفسها مُنزَّلة من السماء"، مذكّراً بما قاله في دافوس منذ عام ونصف عام، حين أعلن أنّ "العالم الأحادي القطب انتهى"، وأن هناك محاولات مضنية لمحاولة استعادته، مشيراً إلى أنّه "لم يَعُدْ ممكناً تجاهلُ مصالح مراكز القوى الجديدة في العالم".
وأوضح بوتين أنّ "الأوهام الجيوسياسية، التي عفا عنها الزمن، قوّضت الثقة بالعملات العالمية".
الغرب توقّع أن ينهار الروبل لكن ما حدث كان العكس
ولفت الرئيس الروسي إلى أنّ "إجراءات الغرب من أجل تدمير الاقتصاد الروسي باءت بالفشل، ولم تؤتِ أُكلها"، موضحاً أنّ "ردّة فعل الشعب الروسي جاءت على عكس ما أراده الغرب، فلقد زدنا قوةً وتلاحماً".
وأكّد بوتين أنّ "النظام المالي الروسي مُستقرّ"، لافتاً إلى أنّ "الغرب توقّع أن تنهار عملتنا، ويصل الدولار إلى 200 روبل، لكن ما حدث كان العكس، وتوقعاته لم تتحقق".
وقال إنّ "هدف العقوبات كان إسقاط الاقتصاد الروسي، لكنهم لم ينجحوا، لأن قطاع الاقتصاد الروسي عملَ بكفاءة".
وأفاد بوتين بأنّ "الشعب الروسي شعبٌ قوي، وسيتعامل مع أي مشكلة. وهذا يتضح من تاريخ بلادنا الممتد على مدى ألف عام".
وأضاف أنّ "السياسيين الأوروبيين أضرّوا باقتصادات بلادهم"، مشيراً إلى أنّ "عواقب العقوبات المفروضة على روسيا ستكون 400 مليار دولار على الاقتصادات الأوروبية".
وشدّد الرئيس الروسي على أنّ "العقوبات يمكن فرضها على أيّ دولة، بما في ذلك الدول الأوروبية، والشركات الأوروبية".
الاتحاد الأوروبي فَقَدَ سيادته بالكامل
وخلال كلمته، رأى بوتين أنّ "الاتحاد الأوروبي فقدَ سيادته بالكامل، ويخضع للإملاءات الخارجية، ويُنفّذ كل ما يُملى عليه"، مبيّناً أنّ "نموّ التضخم في بعض دول منطقة اليورو تجاوز الآن مستوى 20%"، مؤكداً أنّ "العالم وصل إلى هذا الوضع نتيجة للأنشطة التي قامت بها الدول الصناعية السبع الكبرى، في الشأنين الاقتصادي والسياسي".
يوجد خطر في أن يذهب القمح الأوكراني لتمويل صفقات سلاح
وقال الرئيس الروسي إنّ "العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا كانت ذريعة لتحميل روسيا مسؤولية كل الأخطاء"، مؤكداً أن "لا علاقة للعملية العسكرية الخاصة في دونباس بما وصل إليه الوضع في أوروبا".
وأضاف أنّ: "التصرفات الروسية في دونباس من وجهة النظر القانونية، متوافقة تماماً مع القانون الدولي، على عكس تصرفات الولايات المتحدة في ليبيا أو العراق، حيث لم يدعهم أحد إلى هناك".
وشدد بوتين على أنّ "روسيا تقدم مساعدات عسكرية إلى جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين بما يتفق تماماً مع ميثاق الأمم المتحدة".
وأشار إلى أنّ "الولايات المتحدة كانت في طليعة المصدِّرين في السوق العالمية، لكن الدور الأميركي تغيّر الآن".
ولفت بوتين إلى أنّ "الغرب تعمّد افتعال أزمة الغذاء من خلال شراء المواد الغذائية في الأسواق العالمية فوق احتياجاته الفعلية"، مضيفاً أنّ "الولايات المتحدة كانت المورّد الأساسي لكثير من السِّلَع الغذائية، واليوم أصبحت مستورداً أكثر من كونها مصدّراً".
وكشف أنّ "روسيا مهتمة بتصدير 50 مليون طن من القمح، والأولوية للدول المحتاجة في الشرق الأوسط وأفريقيا"، موضحاً أنّ "الغرب ينتهج سياسة النهب القديمة نفسها والإمبريالية، لكن بحلة جديدة".
وأضاف أنّ الرأي العام في أوروبا ينظر إلى ما يحدث في بلاده، وإلى القوى التي ستصل إلى السلطة فيها، مؤكداً أن "كل هذا يبدو كأنه ستار [للتمويه]، لأنّ الأحزاب السياسية متشابهة، مثل التوائم، تحل بعضها محل بعض. ومع ذلك، فإنّ جوهر هذا لا يتغير، فالمصالح الحقيقية للمواطنين، والأعمال التجارية الوطنية، يتم دفعها أكثر فأكثر إلى الفناء الخلفي، إلى الأطراف".
وشدّد على أنّ روسيا لا تعرقل الصادرات الغذائية من أوكرانيا، وليست من زرع الألغام في الموانئ. وقال، في هذا الإطار: "سنؤمّن نقل الحبوب من الموانئ، لكن على الجانب الاوكراني تأمين الموانئ مما زرعه من ألغام بحرية".
وحذّر بوتين من أنّه "يوجد خطر في أن يذهب القمح الأوكراني لتمويل صفقات سلاح".
كل أهداف العملية العسكرية الروسية ستتحقق
وقال بوتين إنّ "سبب أزمة الطاقة في أوروبا يكمن في السياسة الخاطئة للاتحاد الأوروبي والاعتماد غير المبرَّر على الطاقة البديلة"، مؤكداً أنّه "لم يكن هناك مفرٌّ من قرار شن العملة العسكرية، بحيث كان سكان دونباس يتعرصون للتنكيل من النظام الأوكراني المدعوم غربياً".
وأضاف بوتين أنّ "كل أهداف العملية العسكرية الروسية ستتحقق"، مفيداً بأنّ "جنودنا يدافعون عن الوطن وأبناء الشعب وعن القيم الإنسانية، ويقاومون القيم الدخيلة والانحلال الأخلاقي".
وأشار إلى أنّ "السيادة في القرن الـ21 غير قابلة للتجزئة".
وندد الرئيس الروسي بالتصرفات الغربية، قائلاً إن "الغرب كان دائماً سخياً في رفع درجة العدائية ضد روسيا، وخلق جوّ مسموم من الروسوفوبيا".
روسيا لن تخضع للعزلة
وأشار بوتين إلى أنّ "التغيُّر في الاقتصاد الروسي، وقدرتَه على مواجهة العقوبات، هما ما صنعناه خلال الأعوام الماضية"، لافتاً إلى أنّ "هيكل العقوبات الغربية كان مبنياً على اعتقاد خاطئ، مُفاده أنّ روسيا ليست ذات اقتصاد مكتفٍ ذاتياً".
وقال إنّ "العقوبات تفتح أمامنا فرصة كبيرة، ودافعاً إلى المضيّ قُدُماً فيما يخصّ الاستقلال التكنولوجي"، مضيفاً أنّ "روسيا لن تخضع لعملية العزلة التي ظنّت الدول المعادية أننا سنخضع لها".
وأضاف الرئيس الروسي أنّ "روسيا ستتعامل مع من يريد التعامل معها من القادة القادرين على التمييز بين مصالح أوطانهم والإملاءات الخارجية".
وتوقّع بوتين أنّ "الوضع الراهن في أوروبا سيؤدي إلى تصاعد الراديكالية في المستقبل، وإلى تغيير النُّخَب الحاكمة"، مؤكداً أنّ "كل من يعمل مع روسيا يتعرّض لضغطٍ غير مسبوق من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي".
بوتين: روسيا تمتلك سلاحاً نووياً لكنها لا تهدد به أحداً
وقال بوتين خلال إجابة على سؤال عن التهديد بالسلاح النووي: "نحن نسمع هذه اللهجة. من أين تأتي؟ من تصريحاتهم الخاصة، إما زلة لسان من أحد السياسيين غير المسؤولين، أو من مسؤول آخر على مستوى عالٍ جداً، على مستوى وزارة الخارجية... لكن هل سنصمت؟ نرد بالطريقة المناسبة. وعندما نرد عليهم يقولون إن روسيا تهدد. نحن لا نهدد بشيء، ولكن يجب أن يعرف الجميع أنه لدينا سلاح نووي، وأننا سنستخدمه لحماية سيادتنا إذا لزم الأمر".