الشهيد عز الدين القسّام.. سيرة ملهمة في الوعي والمقاومة
الشيخ الشهيد عز الدين القسام، الذي يحمل الجناح العسكري لحركة حماس اسمه، صاحب سيرة ملهمة في النضال ومواجهة الاستعمار والاحتلال. فما أبرز محطات حياته في الذكرى الـ 88 لاستشهاده؟
حمل الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية – حماس – اسم الشهيد الشيخ عزّ الدين القسّام، وفاءً لسيرة حياة الشيخ، التي أمضاها في النضال ضد الاستعمار والاحتلال بين سوريا وفلسطين، ليكون رمزاً من رموز المقاومة، وصاحب لقب "شيخ المجاهدين".
محمد عزّ الدين بن عبد القادر القسّام، من مواليد بلدة جبلة جنوبي اللاذقية في سوريا، عام 1882. اهتم بالعلوم الدينية والشرعية، منذ أن كان في الـ14 من العمر، وحينها سافر إلى مصر ليدرس في الجامع الأزهر.
كانت فترة الدراسة فرصةً تأثر خلالها الشيخ عز الدين القسام بالحركات التي كانت تناهض الاستعمار البريطاني. وبعدها عاد إلى مسقط رأسه عام 1903، حاملاً فكر النضال، والذي ترجمه في خطوات عملية، على مستويين متوازيين: التعبئة الجماهيرية والمقاومة المسلّحة.
في جبلة، تسلّم الشيخ عز الدين القسام إمامة المسجد المنصوري، وكان يلقي خطباً مؤثرة ذاع صيته على إثرها، إذ عمل على حثّ الناس على الجهاد. وقاد أوّل مظاهرةٍ داعمة لليبيا في مواجهة الاحتلال الإيطالي حينها، وشكّل مجموعة من 250 متطوعاً من أجل دعم الليبيين.
كذلك، انضم إلى الثورة ضد الاستعمار الفرنسي في الساحل السوري، مع بداية دخول هذه القوات للبلاد، بين عامي 1919 و1920. ومن أجل أن يشتري سلاحاً خاصاً به اضطر إلى أن يبيع ذهب زوجته.
وعمل على التخطيط والتنفيذ لعمليات إطلاق النار ضد الفرنسيين، ولا سيما في قلعة بني صهيون في اللاذقية، إلى أن أدرك الفرنسيون"خطورته" على مشروعهم وأصدروا بحقه حكماً بالإعدام.
هذا الأمر اضطر الشيخ عز الدين القسّام إلى الانتقال إلى فلسطين المحتلّة أواخر عام 1920، والتي قال فيها "أوليست فلسطين بلادي". وسكن في حيفا، حيث تابع ما بدأه، لكن هذه المرّة ضد الاستعمار البريطاني.
لفت أنظار الناس في الخطب الدينية التي كان يُلقيها في جامع "الاستقلال" هناك، وشارك في تأسيس "جمعية الشبان المسلمين"، التي كانت وسيلة لنشر الوعي بين صفوف الشبان واستقطابهم ضمن مواجهة المستعمر.
انتبه عز الدين القسام لخطورة المشروع البريطاني بشأن إقامة كيان صهيوني في أرض فلسطين، وآمن بأنّ السبيل الوحيد إلى التصديّ لهذا المشروع هو العمل أو الثورة المسلّحة، في وقت كانت مظاهر النضال تقتصر على المسيرات الشعبية والمؤتمرات.
ومن أجل مواجهة المخططات البريطانية والصهيونية، عمل القسام على تشكيل خلايا عسكرية، بينها ما عُرف بـ "العصبة القسامية" عام 1930، بحيث قام بتدريب الرجال وإمدادهم بالسلاح، إلى أن أشعل ثورة فلسطينية.
تولّت "العصبة القساميّة" مهمات فدائية لمواجهة الهجرة اليهودية إلى فلسطين، فنفذت العمليات ضد المستوطنات الصهيونية، وأعدت كمائن للمستوطنين، بالإضافة إلى مهمة ملاحقة العملاء الذين عملوا لمصلحة البريطانيين.
وعلى إثر عمله، تثقيفياً وعسكرياً، لاحقت القوات البريطانية عز الدين القسام، وشدّدت رقابتها عليه وعلى تحركاته، الأمر الذي اضطره إلى الانتقال إلى المناطق الريفية، بعيداً عن المدن، نحو الأحراج في مناطق الضفة الغربية.
ومن هناك، وفي الـ12 من تشرين الثاني/نوفمبر 1935، أعلن الشيخ عز الدين القسّام ثورته المسلّحة ضد موجات الاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية. وفي الـ 20 من الشهر نفسه، خاض معركة ضد القوات البريطانية، التي طاردته في قرية زايد.
دامت المعركة 6 ساعات، عرف منها أن الشيخ عز الدين القسّام قتل نحو 15 جندياً، ورفض الاستسلام إلى أن استُشهد، لتكون شهادته شرارةً من شرارات انطلاق الثورة الفلسطينية عام 1936، والتي كان عبد القادر الحسيني أحد رموزها.
منذ بدء مسعاه، دينياً وسياسياً، كان الشيخ الشهيد عز الدين القسّام ينشر مقولته الشهيرة: "ليس المهم أن ننتصر، لكن المهم قبل كل شيء أن نعطي من أنفسنا الدرس للأمة والأجيال القادمة". وهو ما جعل نضاله يظلل، على مدار عقود، المقاومين، وبقي شعاره "أنّه لجهاد نصر أو استشهاد"، ختاماً لبيانات فصائل المقاومة الإسلامية في فلسطين.