السودان: اشتباكات في الخرطوم على الرغم من بدء الهدنة
تجددت الاشتباكات في الخرطوم على الرغم من بدء سريان الاتفاق الجديد لوقف النار، وضربات جوية تدوي في الخرطوم وأم درمان وبحري.
أفادت وكالة الصحافة الفرنسية، الاثنين، بتجدد الاشتباكات في الخرطوم على الرغم من بدء سريان الاتفاق الجديد لوقف النار.
وبدأ في ساعة متأخرة من مساء الاثنين وقف لإطلاق النار يستمر أسبوعاً، بعد أن كان وافق عليه الطرفان المتحاربان في السودان بهدف السماح بإيصال المساعدات، وذلك عقب ساعات من شن الجيش ضربات جوية مكثفة في أنحاء العاصمة الخرطوم على قوات "الدعم السريع" شبه العسكرية.
ودخل اتفاق وقف إطلاق النار، الذي جرى التوصل إليه يوم السبت بعد معارك ضارية منذ 5 أسابيع بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، حيز التنفيذ اعتباراً من الساعة 19:45 بتوقيت غرينتش.
وقال السكان السودانيون إنّ ضربات جوية وقعت في الخرطوم وأم درمان وبحري، وهي المدن الثلاث التي تشكل ولاية الخرطوم. وأفادوا بسماع دوي اشتباكات في وسط الخرطوم.
وعلى الرغم من استمرار القتال خلال اتفاقيات سابقة لوقف إطلاق النار، فهذه هي الهدنة الأولى التي يجري الاتفاق عليها رسمياً بعد إجراء مفاوضات.
ويشمل الاتفاق آلية مراقبة يشارك فيها الجيش وقوات "الدعم السريع"، بالإضافة إلى ممثلين عن السعودية والولايات المتحدة، اللتين توسطتا في الاتفاق بعد محادثات في جدة.
وقبل قليل من سريان وقف إطلاق النار، أصدرت قوات "الدعم السريع" رسالة صوتية من قائدها الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، شكر فيها السعودية والولايات المتحدة، لكنه حث رجاله على الصمود، قائلاً: "لن نتراجع إلاّ بإنهاء هذا الانقلاب ومحاكمة كل من أجرم في حق الشعب السوداني والعودة إلى المسار الديمقراطي".
وأحيا الاتفاق الآمال في توقف الحرب التي تسببت في نزوح ما يقرب من 1.1 مليون شخص من ديارهم، من بينهم أكثر من 250 ألفا فروا إلى الدول المجاورة، مما يهدد بزعزعة استقرار منطقة مضطربة بالفعل.
وقال فولكر بيرتيس، مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان، إنّ وقف إطلاق النار يجب أن يسمح للمدنيين بالتحرك ويتيح وصول المساعدات الإنسانية.
وأضاف، في إفادة بمجلس الأمن بنيويورك، "هذا تطور يستحق الترحيب، مع أنّ القتال مستمر وتحركات القوات مستمرة حتى اليوم، رغم التزام الجانبين بعدم السعي لتحقيق ميزة عسكرية قبل سريان وقف إطلاق النار".
محاصرون
وهزّت غارات جوية وانفجارات جديدة العاصمة الخرطوم، صباح الاثنين، قبل ساعات من دخول مرتقب لوقف إطلاق النار في السودان حيز التنفيذ بين الطرفَين المتنازعين على السلطة.
ولليوم السابع والثلاثين على التوالي، يلازم سكان العاصمة السودانية البالغ عددهم 5 ملايين نسمة تقريباً منازلهم وسط اقتتال وحرّ شديد، ومعظمهم محرومون من الماء والكهرباء والاتصالات.
ويجد الجيش صعوبة في طرد قوات "الدعم السريع" من مواقع استراتيجية في وسط العاصمة ومن أحياء استولت فيها على مبان مدنية، فيما يجد الملايين أنفسهم محاصرين في منازلهم وأحيائهم بسبب القتال الدائر منذ أكثر من خمسة أسابيع في الخرطوم.
وأبلغ سكان عن تفاقم حالة فوضى والنهب، فضلاً عن انقطاع الكهرباء والمياه. وبدأت الإمدادات الغذائية تنفد في بعض المناطق، فيما توقفت معظم المستشفيات عن العمل.
وحذّر مبعوث الأمم المتحدة للسودان، من تنامي "البعد العرقي" للصراع العسكري في السودان ومن تأثيره المحتمل على دول الجوار.
ويخوض الفارون من الحرب رحلات شاقة وخطيرة مع توجه أكبر عدد منهم إلى مصر وتشاد.
وضع إنساني متدهور
ويشهد السودان نزاعاً منذ 15 نيسان/أبريل الماضي بين الجيش وقوات "الدعم السريع" التي ترفض خطة لدمجها في صفوفه. وأوقعت المعارك منذ اندلاعها قرابة ألف قتيل غالبيتهم مدنيون، ودفعت أكثر من مليون سوداني إلى النزوح أو اللجوء إلى بلدان مجاورة.
وأعلنت نقابة أطباء السودان، اليوم الإثنين، ارتفاع حصيلة القتلى المدنيين منذ اندلاع الاشتباكات بين الجيش و"الدعم السريع" قبل أكثر من شهر إلى 863.
وقالت نقابة الأطباء: "الاشتباكات ما زالت جارية بين القوات المسلحة و قوات الدعم السريع لليوم الرابع والثلاثين على التوالي، والتي أسفرت عن مزيد من الضحايا، يجري حصرهم حتى لحظة إصدار التقرير في العاصمة والأقاليم".
وتحذّر الأمم المتحدة من وضع إنساني سريع التدهور في ثالث أكبر بلد أفريقي مساحةً، علماً بأنّ ثلث السكان كانوا يعتمدون على المساعدات حتى قبل اندلاع الحرب الأخيرة.
ورفعت الأمم المتحدة قيمة الأموال التي تحتاجها لمساعدة السودان، مؤكدةً أنّها تسعى لجمع 2.6 مليار يورو.
وكان مسؤول الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، أعلن الجمعة عن تخصيص 22 مليون دولار من صندوق طوارئ تابع للأمم المتحدة لمساعدة السودانيين الذين فروا إلى البلدان التي لها حدود مع السودان.