الزلزال في سوريا يكسر "جليد القطيعة" مع دمشق

مع استمرار وصول الطائرات المحمّلة بفِرَق الإنقاذ والأغذية والمعونات الطبّية إلى سوريا، كاسرةً حصار قيصر، برزت دعوةٌ عراقيّة إلى ضرورة وجود دورٍ عربيٍّ صريح بشأن عودة سوريا إلى محيطها العربي، فهل ستتم الاستجابة، أم أنّ هناك مَن سيعرقل ذلك؟ ولمصلحة مَن؟

  • جزء من المساعدات الإماراتية إلى سوريا
    جزء من المساعدات الإماراتية إلى سوريا

كسر الزلزال في سوريا، على رغم رغم شناعته وآثاره المدمّرة، جليد قطيعة بعض الدول العربيّة مع دمشق، كحال جدار الحصار عليها، وشكّل مدخلاً للعواصم العربية لعودةٍ عكسيّةٍ إلى سوريا من البوّابة الإنسانية.

وبينما يتوالى وصول المساعدات إلى سوريا، تتجدّد الدعوات أيضاً إلى عودة دمشق إلى محيطها العربي، وآخرها دعوة رئيس مجلس النوّاب العراقي، محمد الحلبوسي، مطالِباً مصر بأن تتبنى المسألة، عبر المستويات كافّة.

وفي هذا السياق، تأتي زيارة وزير الخارجيّة الإماراتي، عبد الله بن زايد، لسوريا، ولقاؤه الرئيس بشّار الأسد، في وقتٍ عزّزت الإمارات إمداداتها الإغاثيّة لسوريا، عبر جسرٍ جوّي.

اقرا أيضاً: "آسيا تايمز": العقوبات على سوريا تفاقم حجم المعاناة الناجمة عن الزلزال

وبينما لم تتأخر عواصم، كبيروت والجزائر وبغداد، في تلبية واجب المساعدة، تنشط عواصم أخرى على خطّ اختراق الجمود وتعزيز العلاقات، بحيث أمر الرئس التونسي قيس سعيّد برفع التمثيل الدبلوماسي مع دمشق، وبإرسال مزيدٍ من المساعدات.

كما شكّل اتّصال الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي بالرئيس الأسد خطوةً على صعيد عودة مسار التعاون القيادي بين البلدين، لكونه الاتّصال الأوّل من نوعه بين دمشق والقاهرة منذ فترة طويلة.

اتّصالاتٌ مشابِهة قام بها زعماء عرب، كالرئيس الجزائري وسلطان عُمان والملك الأردني، بينما كان لافتاً حدوث تطوّرٍ ملحوظٍ في الموقف السعودي، الذي كان متردّداً في تقديم المساعدات إلى دمشق.

وبينما بقيَت قطر خارج هذا المشهد، بات واضحاً أنّ المنطقة مُقبلةٌ على مرحلةٍ جديدة. فهل الطريق باتت ممهّدة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربيّة، وهل هناك من يعرقل ذلك؟

وأشارت محلّلة الميادين للشؤون السياسية والثقافية، ديما ناصيف، إلى أنّ هناك اندفاعة كبيرة عربيّة في اتّجاه دمشق، و"نشاهد كل يوم طائرتين أو ثلاثاً أو أربعاً أو أكثر تهبط في مطار دمشق، أو حتى في مطار حلب، إلى جانب كسر الحصار من خلال القوافل التي تتدفّق عبر الحدود العراقيّة، أو حتى اللبنانية".

من جهته، أكد موفَد الميادين إلى حلب، ومدير مكتب الميادين في بغداد، عبد الله بدران، أنّ دعوة الحلبوسي إلى عودة سوريا إلى محيطها العربي تعني أنّ هناك "موقفاً داعماً لخطوات الحكومة العراقية، وللنهج السياسي الذي تجد بغداد نفسها فيه، شاء مَن شاء، وأبى من أبى. وهذه هي الضرورة التي تفرضها أسباب متعددة".

وأوضح بدران أنّ الفرصة، التي يتحدّث عنها وينطلق منها رئيس مجلس النوّاب العراقي، تذكّر بضرورة عودة سوريا، وأن يكون هناك دور واسع للدول العربية من أجل السعي لعودة الوضع إلى طبيعته، ذلك بأنّ هذه الدول وهذه الأنظمة تلتحف بالقوانين الدولية، لكن "حقيقة الأمر أن هذه هي خيارات حلفائها، ومفروضة عليها".

بدوره، قال محلل الميادين للشؤون الإقليمية والثقافية، سليم بوزيدي، إنّ موقف الجزائر المبدئي منذ بداية الأزمة السورية معروف، ومعروفة أيضاً الجهود الكبيرة التي قادتها الدبلوماسية الجزائرية، وقادها الرئيس تبّون شخصياً، لعودة سوريا إلى القمة العربيّة،  التي انعقدت في الجزائر، ومشاركتها فيها.

وكشف قائلاً أنّ مصادر معنيّة بملفّ العلاقات الجزائرية السورية قالت إن الجزائر كانت تنظر إلى تطوّر العلاقة العربية السوريّة، "لكن الأهم، وهنا التفصيل الجديد، أنّ الجزائر دعَت وزير الطاقة السوري إلى زيارتها".

اقرأ أيضاً: استطلاع: 94% من المشاركين حول العالم يطالبون برفع العقوبات عن سوريا

وبالتالي، "سنشهد خلال الأيام والأسابيع والأشهر المقبلة تطوّراً كبيراً في العلاقات الجزائرية السورية، سواءٌ على المستوى الاقتصادي، أو المستوى السياسي، وهذا أحد أوجه خرق الحصار على سوريا، دبلوماسياً وسياسياً".

اخترنا لك