الرئيس الصيني يلتقي ابن سلمان قبل توقيع اتفاقيات بنحو 29 مليار دولار

في ثاني أيام زيارته للرياض، الرئيس الصيني يبدأ محادثات مع قادة السعودية ويلتقي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

  • ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يستقبل الرئيس الصيني 8 كانون الأول/ديسمبر (واس).
    ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يستقبل الرئيس الصيني 8 كانون الأول/ديسمبر (واس).

بدأ الرئيس الصيني محادثات مع قادة السعودية في ثاني أيام زيارته للرياض، قبل توقيع اتفاقيات بين البلدين الطامحين لتعزيز تقاربهما، رغم تحذيرات واشنطن من تصاعد نفوذ بكين.

وصافح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الرئيس الصيني شي جين بينغ عندما خرج من سيارته لدى وصوله إلى قصر اليمامة في الرياض، المقر الرسمي للملك ومقر الديوان الملكي، ووقف المسؤولان جنباً إلى جنب، فيما كانت فرقة تعزف النشيد الوطني لبلديهما، ثم سارا معا نحو مدخل القصر.

وبحسب وسائل إعلام سعودية حكومية، سيتم توقيع اتفاقيات بنحو 29.3 مليار دولار الخميس، في وقت تسعى الصين لتعزيز اقتصادها المتضرر من فيروس كورونا، ويسعى السعوديون لتنويع تحالفاتهم الاقتصادية والسياسية.

ويشارك الرئيس الصيني خلال الزيارة في قمتين خليجية-صينية وعربية-صينية، يحضرهما قادة دول المنطقة الذين بدأوا بالفعل بالتوافد إلى العاصمة السعودية، بينهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وتشهد العلاقات بين الصين والسعودية نقلة نوعية مع وصول الرئيس الصيني إلى الرياض لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين. وفي هذا الصدد، قال وزير الطاقة السعودي إنّ الصين شريك موثوق به.

وتعمل الصين، أكبر مستهلك للنفط السعودي، على تقوية علاقاتها التجارية والسياسية مع منطقة تعتمد منذ فترة طويلة على الولايات المتحدة في الحماية العسكرية، لكنها أعربت عن مخاوفها من تراجع الوجود الأميركي.

وبعد ساعات من وصوله الأربعاء، أعلنت وسائل الإعلام الحكومية السعودية عن 34 اتفاقية استثمار في قطاعات تشمل الهيدروجين الأخضر وتكنولوجيا المعلومات والنقل والبناء.

ولم تقدّم وكالة الأنباء السعودية الرسمية تفاصيل، لكنها قالت إنّ إجمالي التجارة بين البلدين بلغ 304 مليارات ريال سعودي (80 مليار دولار) في عام 2021، و103 مليارات ريال سعودي (27 مليار دولار) في الربع الثالث من عام 2022.

ويرى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أنّ الصين شريك مهم في "رؤية 2030" الاقتصادية، إذ يسعى لإشراك الشركات الصينية في مشاريع تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيداً من الوقود الأحفوري.

لقاءات مع قادة عرب 

تشمل هذه المشاريع مدينة نيوم المستقبلية التي تبلغ قيمة الاستثمارات فيها 500 مليار دولار، والتي ستعتمد بشكل كبير على تقنية التعرف إلى الوجه والمراقبة.

وقال وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، إنّ زيارة شي ستسهم في رفع وتيرة التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، إذ تقدم الزيارة للشّركات والمستثمرين الصينيين "عائدات"، بحسب وكالة الأنباء السعودية.

وأفاد دبلوماسيون مقيمون في الرياض بأنّ الرئيس الصيني قد يجري محادثات ثنائية الخميس مع زعماء عرب آخرين وصلوا إلى السعودية قبل قمتي الجمعة.

وإلى جانب السيسي، يصل الرئيس التونسي قيس سعيد إلى الرياض اليوم الخميس. كذلك، أكّد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس الوزراء المغربي عزيز أخنوش ورئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي حضورهم.

ووفقاً لوزارة الخارجية الصينية، فإنّ برنامج شي يمثّل "أكبر نشاط دبلوماسي على نطاق واسع بين الصين والعالم العربي منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية".

ولم يغب ذلك عن أعين البيت الأبيض الّذي حذّر من "النفوذ الذي تحاول الصين تنميته في العالم".

وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي للصحافيين الأربعاء: "نحن ندرك النفوذ الذي تحاول الصين توسيعه في العالم. الشرق الأوسط هو بالتأكيد من بين هذه المناطق التي يرغبون في تعميق مستوى نفوذهم فيها"، مضيفاً: "نعتقد أنّ العديد من الأمور التي يسعون إليها، وطريقة سعيهم إليها، لا تتلاءم مع الحفاظ على النظام الدولي الذي تحكمه قواعد محددة".

وتابع كيربي: "لا نطلب من الدول الاختيار بين الولايات المتحدة والصين، لكن، كما قال الرئيس مرّات عدّة، نعتقد أن الولايات المتحدة بالتأكيد في وضع يتيح لها القيادة في إطار هذه المنافسة الإستراتيجية".

ويقوم شي بثالث رحلة له إلى الخارج منذ أن دفعت جائحة كورونا الصين إلى إغلاق حدودها والشروع في سلسلة من عمليات الإغلاق، ما أضر باقتصادها العملاق.

وتجمع بكين والرياض علاقات إستراتيجية على أكثر من صعيد، أبرزها قطاع الطاقة والنفط، إذ تعتبر الصّين أكبر ثاني اقتصاد في العالم، وتعد أحد أهم مشتري المنتجات النفطية السعودية، فضلاً عن أنّ الرياض تؤدي دوراً كبيراً في الاقتصاد الصيني من خلال شراء استثمارات ضخمة خلال الأعوام الأخيرة.

شريك إستراتيجي مخلص

أصدرت وزارة الخارجية الصينية تقريراً مطلع الشهر الحالي من 19 ألف كلمة بشأن "التعاون الصيني - العربي في عصر جديد"، أكدت فيه أنّ بكين "شريك إستراتيجي وصديق مخلص" سيؤدي دوراً بناءً في الشرق الأوسط ويتجنب القيام بأي شيء يمس "مصلحته الجيوسياسية".

وقد يرى البعض أنّ ذلك يتضمن انتقاداً مبطناً وغير مباشر لسلوك الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وهناك مخاوف من أنّ القمة العربية الصينية التي تعقد الجمعة القادمة، وتتزامن مع زيارة الزعيم الصيني شي جين بينغ للسعودية، التي بدأها الأربعاء 7 ديسمبر/ كانون الأول وتستمر حتى الجمعة 9  من الشهر نفسه، تأتي في وقت حساس بشكل خاص للعلاقات الأميركية - السعودية.

وتقف العلاقات بين الرياض وواشنطن في الوقت الحالي عند درجة متدنية، وقد جرى الحديث كثيراً عن "الاستقبال المتحفظ" الذي لقيه الرئيس الأميركي جو بايدن عندما زار السعودية في تموز/يوليو الماضي.

ووفقاً لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، بلغ إجمالي التجارة الثنائية بين الصين ودول الخليج، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وإيران، نحو 2.48 تريليون دولار (2.37 تريليون يورو) في عام 2021.

وخلال الفترة نفسها، بلغ حجم التجارة الثنائية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة 1.3 تريليون دولار و62.6 مليار دولار على التوالي.

وتشمل كل هذه الأرقام التجارية مبيعات الأسلحة، على الرغم من أنّ الصين تلعب دوراً ضئيلاً للغاية في هذا المجال. يذكر أنّه بين عامي 2000 و2019، زوّدت الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا دول الشرق الأوسط بنحو 95% من جميع الأسلحة التي تم تصديرها لهذه الدول.

 التعاون العسكري

على الرغم من أن الصين كانت معروفة منذ عقود بأنّها مستورد كبير للسلاح الروسي، فإنّها خلال الأعوام الأخيرة تمكّنت من تطوير صناعتها العسكرية والتحول إلى رابع أكبر مصدر للسلاح في العالم بعد الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا، بل والتفوق على روسيا وفرنسا من حيث حجم التصنيع العسكري.

وتمكّنت الصين في العقود الثلاثة الأخيرة من الفوز بعدد من صفقات الأسلحة مع دول عربية، خصوصاً الخليجية منها مثل السعودية والإمارات وأيضاً مصر والجزائر والمغرب.

ولجأت الصين في بداية تصنيعها العسكري إلى تقليد الصناعات العسكرية الروسية ثم الغربية، ثم بدأت مرحلة الابتكار، خصوصاً في مجال الطائرات من دون طيار.

وفي ظل رفض الولايات المتحدة تصدير بعض أنواع الأسلحة مثل الطائرات المسيرة ومقاتلات "إف 35" للدول العربية، لجأت الأخيرة إلى دول بديلة ومنها الصين.

واقتنت عدة دول عربية طائرات صينية مسيرة مثل "وينغ لونغ" و"سي آش" بأنواعها المختلفة، فضلاً عن أنواع أخرى من الأسلحة.

وتكشف أرقام معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أنّ الصين رفعت بين 2016 و2020، حجم صادراتها من الأسلحة إلى السعودية بـ386%، والإمارات بـ169%، مقارنة بالفترة بين 2011 و2015.

اخترنا لك