الحلقة الأولى من "الأبطال" على الميادين: ولادة فكرة التحرر من "جلبوع"

تكشف الميادين، خلال الحلقة الأولى من السلسلة الوثائقية "الأبطال"، ولادة فكرة التحرر من سجن "جلبوع"، الشديد التحصين، والخطوات الأولى التي قام بها الأسرى من أجل هذه الغاية.

  • الحلقة الأولى من
    الحلقة الأولى من "الأبطال".. عن ولادة فكرة التحرّر من سجن "جلبوع"

"بعطي الميادين موافقتي على كتابة الرواية، وكلنا فخر واعتزاز بمهمة توثيق الرواية كلها.. قناة الميادين إلها تأثير كبير على حياتنا، وإن شاء الله الشعب الفلسطيني كله ما بينساش هذا الدور". 

بهذه الكلمات من الأسير محمود العارضة، تبدأ الحلقة الأولى من حلقات "الأبطال"، التي تعرض خلالها الميادين، بناءً على ما نقله محمود العارضة ورفاقه الخمسة إليها، تفاصيلَ تحرّرهم من سجن جلبوع عن طريق حفر نفق. في هذه الحلقة، تحدّثت الميادين عن ولادة فكرة التحرر لدى الأسير محمود العارضة، وكيف نقلها إلى الأسرى الآخرين. وحَكَت عن سجن جلبوع وتحصيناته الشديدة، والتي لم يأبه لها الأسرى واستطاعوا خرقها، وتطرّقت إلى تشكّل الحركة الأسيرة ودورها في العمل النضالي في سجون الاحتلال. 

اقرأ أيضاً: "الأبطال" على الميادين.. الرواية الكاملة للتحرر من سجن جلبوع

تَجاربُ التحرر من الأسر ومن السجن ليست قليلة، وكثيرٌ من عمليات التحرُر حول العالم بدأ بالحفر. لكن، حين يولد المشروع من معتقل "جلبوع"، فهنا رواية أخرى، أو لعلها كل الرواية.

"جلبوع" ليس معتقلاً  تقليدياً. "جلبوع" هو "الخزنة". هكذا يُسمونَه، ففيه وضعت سلطات الاحتلال كل ما توافر لتجعله أحد أكثر المعتقلات تحصيناً. أراد الاحتلال، من خلاله، أن يجعل هؤلاء الأسرى، والآلاف أمثالهم، منسيين في غياهب السجون، لكنّه نسي أنّ نضال أهل  الأرض لا يقيّده سجّان.

في وصف سجن "جلبوع"

يُعَدُّ سجن "جلبوع" سجناً صعباً جداً. أيّ حركة خارجة عن المألوف يمكن رصدها، مثل الطَّرْق اليدويِّ على الجدران والأرضيات، من خلال أنظمة الاستشعار الإلكترونية، بدءاً من داخل الغرف، وصولاً الى آخر  الأسوار.

ليس ذلك فحسب، بل إن هذا السجن تتناوب عليه أيضاً حراسةٌ شديدة، وتحيط به أبراجٌ للمراقبة على مدار الساعة، تفصل بينها أمتارٌ ومجموعةٌ من الكلاب، كانت توضع سابقاً على أسوار  السجن، وباتتْ موزعةً اليوم فوق كلِّ قسم من أقسام من يسمونهم الأسرى الأمنيين.

داخل سجن "جلبوع" أيضاً، تجري عملياتُ تفتيش، ثلاثَ مرات يومياً، إحداها يَتخلـّلها النظرُ إلى صورة الأسرى وذكر الاسم كاملاً. كذلك، طوال أيام الشهر، تجري عمليات تفتيش تـوصف بالجذرية، يجري خلالها التبديلُ بين الأقسام، ولا يعني ذلك نقل الغرفة فحسب، بل القسم بكل من فيه من أسرى، أيضاً. 

الاحتلال استعان بدراسات أمنية وخبرات أجنبية في تحصين معتقل "جلبوع"، كل تفصيل فيه دخل في حساباتها. الأرضيات مصفّحةٌ بالحديد، ويعلوها الإسمنت، وتحت الإسمنت قضبان حديدية، وأيضاً إسمنت. والغرف محصَّنةٌ بصورة كاملة، والأبواب سميكةٌ جداً.  

الخطوات الأولى لمشروع التحرر

لكنّ كلّ تلك التحصينات والتدابير الأمنية المشددة لم تمنع الأسير محمود العارضة من التفكير في التحرّر من السجن. وفي الغرفة ذات الرقم 5 من القسم الـ2، قرّر محمود أن يبدأ  الحفر. وهو مشروعٌ سبق أن عرضه على يعقوب قادري، شريكه في المخـطّط وفي حفر النفق وتوضيب التراب. وقادري هو أحد  مجاهدي "سرايا القدس" في انتفاضةِ الأقصى، والذي حاول الاحتلال اغتياله أكثر من مرة. 

زكريا الزبيدي أُبلغ الفكرةَ وقرار التحرر أيضاً، فطُلب منه الانتقال إلى القسم الـ2، قبل إدخاله الغرفة عندما دقت الساعة. وكان دوره في العملية هو التوجيه والدعم. 

ثمّ أُبلغ أيهم كممجي المشروعَ. مشروعٌ ليس بغريب عمّن كان يخطـُب في صلاة الجمعة ويؤمّ المصلّين فيها. فمعروفٌ عن أيهم أنّه كان دائمَ التحريض على رفض الظلم، وعلى طلب الحرية، وعلى الدعوة إلى قتال المحتلين، علناً. وفي عملية التحرر، كان دوره المراقبة والأمن من خارج النفق. 

ومن المراقبة إلى الحفر فاعتناق الحرية، كان محمد العارضة من أبرز  الفاعلين، وهو أحدُ مؤسِّسي "سرايا القدس"، ومن عمداء الأسرى في الواقع. 

ومن الجدير ذكره هنا أنّ ما لم يعرفه كل من يعقوب وأيهم هو أنَّ شخصاً آخر كان على علم بما يجري، هو نضال نفيعات. ونفيعات كان اليد اليمنى لمحمود العارضة في الحفر واقتلاع الصخور الكبيرة. 

في نهاية المطاف، اجتمعوا في الغرفة نفسها. اجتمع الأسرى محمود ويعقوب ومحمد وأيهم معاً، علماً بأنّ هؤلاء الأبطال الأربعة، لا يتمّ جمعهم عادةً في غرفةٍ واحدةٍ، لأنّ إدارة سجن "جلبوع"  لا تجمع من لديهم تجارب سابقة في المكان نفسه. 

وعلى الرّغم من تصنيف الاحتلال للأسرى، وفقاً لما يسميه "الفئة الخطرة"، فإنّ إدارة معتقل "جلبوع" كانت تتباهى بتغاضيها عن قواعد كثيرة، باعتبار أن إجراءاتِها غيرُ قابلةٍ للاختراق. 

وفي هذا السياق، قال الأسير المحرّر، محمد عرندس، إنّ "هؤلاء الأربعة كانوا من هذه الشخصيات الخَطِرة، وهم أيضاً من الشخصيات التي حاولت سابقاً الهرب. هؤلاء تكون البطاقة التعريفية الخاصة بهم باللون الأحمر. وبالتالي، هؤلاء يُمنَع أن يجلسوا في غرفة واحدة أكثر من 3 أشهر". 

بدوره، قال الأسير المحرّر كفاح العارضة إنّ "السجّان وضعهم كتحدِّ في هذه الغرفة، كأنّه يقول لهم: نعم، أنتم حاولتم في السابق، لكن هذا السجن لا يشبه سائر السجون. وبالتالي، لنرَ إذا قدرتم على فعل أي شيء في هذا السجن".

وبالعودة إلى الحديث عن مشروع الأسرى من أجل التحرر، قِلّةٌ كانتْ تعرف المخطـط. واللافت في الأمر أنّ أسرى آخرين، كانوا في الغرفة ذاتها، لم يعلموا بشيء. في الغرفةِ ذاتِها، كان معهم من لم يعلم، ولم ينتبه لشيء. كان المعلَن والمعمَّم والرائج أنَّ ما يجري كانَ محاولةً لإيجاد مخبأ للهواتف النقـالة.

الحركة الأسيرة.. تاريخ من النضال

بحسب الإعلامي والمقدسي المحرَّر، عنّان نجيب، فإنّ عمليّة نفق الحريّة تأتي ضمن سلسلة نضاليّة طويلة جداً، تمتدّ منذ نحو 70 عاماً من أعمال نضاليّة قامت بها الحركة الأسيرة داخل السجون، ومن استحقاقات حقّقتها الحركة الأسيرة.

إنجازاتٌ كثيرةٌ حقّقتها الحركة الأسيرة، ربما من أهمها أنّها فرضت على إدارةِ السجون الاعتراف بوجود تنظيماتٍ يجب أن تتعامل معها، ولكلِّ تنظيم مَن يمثـلـه.

حاول الاحتلال إضعاف حراك الأسرى وتنظيماتهم وهيئاتهم. سجن "جلبوع" نفسه شهد محاولاتٍ متكرِّرة لتقسيم الأسرى، أبرزُها كان عام 2007؛ أي ما بعد أحداث غزة، بينما رفضت جميع الفصائل فكرة  الفصل، وبقيت في الأقسام نفسها. 

لعرفة مزيدٍ من التفاصيل عن عملية سجن "جلبوع"، تابعوا حلقات "الأبطال" المقبلة، الساعة الـ 21:00 بتوقيت القدس الشريف، عبر الميادين. 

اخترنا لك