الجولاني يُسابق الوقت لاحتواء الاحتجاجات في إدلب.. والمتظاهرون: "ما بدنا ياك"
رقعة الاحتجاجات والتظاهرات تتسع ضد زعيم "هيئة تحرير الشام"، مطالبةً بإسقاط أبو محمد الجولاني وبحلّ جهازه الأمني ومحاكمته.
تزداد رقعة الاحتجاجات ضدّ زعيم "هيئة تحرير الشام" وجهازه الأمني في إدلب بعد فضيحة ملف "الخلية الأمنية"، التي يسعى عبرها أبو محمد الجولاني لمسابقة الوقت لاحتواء زخم الاحتجاجات التي تزداد رقعتها الجغرافية مع كل يومٍ جديد.
ومنذ اليوم الأول للاحتجاجات ضد هيئة الجولاني في إدلب، لم يتوقف الأخير عن عقد الاجتماعات والزيارات في محاولة منه لاحتواء الغضب الشعبي الذي رفع شعارات في التظاهرات تدعو إلى الإفراج عن المعتقلين وتطوّرت إلى المطالبة بحلّ الجهاز الأمني وإسقاط زعيم الهيئة ومحاكمته.
وتشهد مناطق نفوذ "هيئة تحرير الشام" مشاركة قرى وبلدات جديدة في الاحتجاجات التي باتت تطالب بإنهاء الجولاني وجهازه الأمني، إلا أنّ التظاهرة الأكبر مستمرة بشكلٍ يومي في معقل زعيم الهيئة وسط مدينة إدلب، ويزداد عدد المشاركين فيها، إضافة إلى مشاركة ناشطين كان الجهاز الأمني للجولاني قد لاحقهم ومنعهم من ممارسة أي نشاط ضمن مناطق نفوذ الهيئة.
وسارعت اللجنة القضائية التي شكّلها الجولاني للوقوف على ملف الموقوفين في "الخلية الأمنية" إلى إصدار بيانٍ عاجل في محاولة لتهدئة المحتجين، إلا أنّ المتظاهرين لم يكترثوا لقررات اللجنة القضائية، ولم يعترفوا بها من الأساس، بعد رفض الجولاني إشراف شخصيات قيادية وشرعية مستقلة على عمل اللجنة.
وكان بيان اللجنة القضائية قد تضمن اعتقال كل من ثبت عليه التعدي والتجاوز في قضية الخلية الأمنية، وتشكيل لجان طبية لمتابعة حالات الموقوفين، ولجنة مالية لتعويض المتضررين، والتي يراها ناشطون محاولة بائسة من الجولاني لترقيع ما اقترفه جهازه الأمني بحقّ القيادات والعناصر المفرج عنهم.
وكانت هناك محاولة حقيقية لتصفية العديد من الموقوفين بذريعة التعامل مع التحالف، إلا أنّ الحقيقة كانت تصفيتهم بعد تذمّرهم من القرارات التي كان يصدرها وعدم التزامهم بها.
وقد خرجت هذه الفضيحة إلى العلن بعد تراكمات لسنوات عديدة، وفجّرت الشارع ضد الجولاني الذي سارع إلى الإفراج عن عشرات الموقوفين في قضية "الخلية الأمنية" لنفي الفضيحة.
وبدأ الجولاني بالاستعانة ببعض الناشطين المؤثرين ضمن مناطق نفوذه لتوجيه رسائل إلى المحتجين بأنّ هناك من يُحاول استغلال هذه الاحتجاجات لتصفية حسابات قديمة ويسعى من خلالها لتخريب الاستقرار الأمنية في إدلب، ومن بينها دول تدعم فصائل ضد "هيئة تحرير الشام"، وهي إشارة غير مباشرة إلى الدعم التركي لفصائل "الجيش الوطني"، ولا سيما بعد الاجتماع الأخير بين الاستخبارات التركية وقيادات "الجيش الوطني" لحثّ الفصائل التي تتواصل مع الجولاني على قطع العلاقات معه.
وعلى الرغم من كل المحاولات المتواصلة لإسكات المحتجين عن مطالبهم، فإنّ التظاهرات لا تزال مُستمرة وبشكلٍ كبير وبمشاركةٍ واسعة من قيادات وعناصر "هيئة تحرير الشام" الذي أفرج عنهم الجولاني، بعد فشل توجيه تهمة العمالة إليهم، إذ أكّد العديد من الناشطين المشاركين في الاحتجاجات أن التراجع عن المطالب سيكون رصاصةَ مقتل لكل من شارك فيها، مُطالبين من وصفوها بالقوى الثورية العسكرية والسياسية المشاركة بشكلٍ أكبر لتحقيق أهداف هذه الاحتجاجات وإنهاء حكم الجولاني قبل أن يبدأ باستخدام قبضته الأمنية لإسكات المحتجين.
وبلغت عدد نقاط التظاهر في إدلب نحو 20 نقطة حتى تاريخه، وأبرزها مدينة إدلب - سرمدا - تفتناز - الفوعة - سفوهن - البارة - معرتمصرين - أطمة - حارم، والتي رفع المشاركون فيها شعاراتٍ تُطالب بإسقاط الجولاني وحل جهازه الأمني والإفراج عن آلاف المعتقلين في سجونه.
وأمس، تجدّدت التظاهرات ضد زعيم "هيئة تحرير الشام"، أبو محمد الجولاني، وسط مدينة إدلب، حيث رفع المتظاهرون شعارات تطالب بإسقاطه وبحلّ جهاز "الأمن العام" التابع للهيئة والإفراج عن المعتقلين.
وقد خرجت مسيرات في وقتٍ سابق، وجابت الشوارع الرئيسة في مدينتي عفرين ومارع الخاضعتين لسيطرة مسلحي "الجيش الوطني" التابع لتركيا، والموالين لهيئة "تحرير الشام" في ريف حلب الشمالي، دعماً للتظاهرات المطالبة بإسقاط الجولاني.
ومطلع شباط/فبراير الماضي، نفّذ الجولاني أكبر عملية اعتقالات لقيادات أمنية وعسكرية واقتصادية في الهيئة، موجِّهاً إليها تهماً بـ"التخطيط لتنفيذ انقلاب عسكري يستهدفه بالتعاون مع استخباراتٍ أجنبية".
وضمن العملية، زجّ الجولاني بأكثر من 400 قائد عسكري وأمني ومالي واقتصادي في سجونٍ أمنية تابعة له، بينهم أبو ماريا القحطاني.
والجدير ذكره أنّ الاستخبارات التركية استدعت قبل أيام بعض قادة "الجيش الوطني" إلى اجتماع موسّع في أنقرة، استمر نحو 4 ساعات، من أجل إعادة هكيلة الجناح العسكري والتحضير لطرد الفصائل الموالية للجولاني في حال رفضت التزام تعليمات القيادة الرئيسة لإدارة المناطق الخاضعة لنفوذها.
وكان أبرز نتائج الاجتماع، بحسب ما علمت الميادين نت من مصادر محلية، بدء إعادة هيكلة صفوف الفصائل المنضوية تحت قيادة "الجيش الوطني" شمالي حلب، إضافة إلى إرسال قوائم بأسماء كامل القيادات والعناصر المنضوين ضمن صفوف فصيلي "تجمّع الشهباء" وحركة "أحرار الشام" الموالين لهيئة "تحرير الشام".